البطحاء.. الحي العتيق الذي صمد 5 عقود واحترق في يومين
- عبد الله النفيعي من الرياض - 22/09/1428هـ
حي البطحاء.. ذلك الحي العتيق الذي ظل طوال أكثر من خمسة عقود صامداً وجاذباً لكثير من الزبائن والمتسوقين من مختلف الشرائح والأعمار، وأبى إلا أن يكون حتى وقتنا الحاضر المستودع الضخم لكثير من الملبوسات الجاهزة والأجهزة الكهربائية والإلكترونية وغيرها من الأدوات المنزلية.
و على الرغم من ظهور عدد كبير من الأسواق التجارية في مناطق منتشرة من الرياض، إلا أن هذه السوق هي ذاتها التي يعج بالحركة المرورية، والمتسوقين، كما ظل محافظاً على أسعاره الرخيصة مقارنة بغيره من الأسواق إلى جانب تنوع بضائعه ومنتجاته والتي قد لا توجد إلا في البطحاء.
ليس من قبل المصادفة أن يكون لهذا الحي عشق خاص لدى أهالي الرياض، لكونهم نشأوا على حب هذا السوق وقصدوه في أوقات كثيرة لقضاء حوائجهم على الرغم مّما يتكبده الزائر لهذا الحي من عناء يتمثل في ازدحام الحركة المرورية، وكثرة الضوضاء إلا أن التسوق في البطحاء يظل له نكهة خاصة عند مرتاديها.
من أبرز المتسوقين الذين يقصدونه بشكل كبير هم من ذوي الدخل المحدود والذين يرغبون في قضاء حوائجهم من هذه السوق نظراً لرخص الأسعار، إلى جانب العمالة الأجنبية التي تقصده للالتقاء مع بعضها بعضا، وشراء ما يحتاجون إليه منه.
حريق البطحاء لم يحزن تجارة بل أحزن متسوقيه الذين فاجأهم ذلك الحريق في أهم موسم وهو ما قبل عيد الفطر والذي تكثر فيه حركة البيع والشراء، ويعتمد عليه التجار في دخلهم العام.
المنطقة التجارية في حي البطحاء من الناحية التاريخية تعتبر المركز التجاري الثاني بعد المنطقة التجارية المركزية في حي الديرة وسط الرياض، حيث نشأت منذ خمسة عقود تقريبا منافساً لمركز وسط المدينة التجاري، وذلك حينما بدأ نمو المدينة خارج الأسوار وظهرت أحياء جديدة واسعة المساحات شرق حي البطحاء الذي كان قناة تواصل تجاري مفتوح بين التجار في ذلك الوقت.
وتزدهر الحركة التجارية في حي البطحاء، وخاصة الموجهة للعمالة الوافدة التي تصل لنحو 40 في المائة من سكان الرياض، وتزايد هذا الازدهار بعد انحسار الدور التجاري وتنامي النشاط الإداري في منطقة الأعمال المركزية في حي الديرة وسط المدينة، وانعكس ذلك الازدهار التجاري في القيمة العالية للعقارات التجارية في تلك المنطقة الذي يصل متوسط سعر المتر التجاري 3500 ريال هناك، وارتفاع قيمة تأجير المحال التجارية في مختلف مواقعها، وبالذات التي تقع على الشوارع الرئيسية.
حتما لا تشعر أنك في المملكة عندما تجول بناظريك داخل شوارع وأزقة البطحاء يحتل جغرافيا الجزء الأوسط من العاصمة الرياض،إذ تعتبر مشاهدة الزي السعودي من الأشياء النادرة، بل وتدخل في نطاق الاستحالة غالبا.
ويتناثر في قلب الحي العديد من الجاليات الشرق آسيوية، التي تتميز بكونها ذات استقلال سيادي، حيث لا يتعدى أفراد جالية على المكان المخصص لجالية أخرى، في إطار قانون غير مكتوب اصطلح عليه بتواطؤ متبادل تحت "الكوبري".
وللوهلة الأولى يجزم زائر البطحاء بأن هذا الحي ما هو إلا بقعة من بقاع شرق آسيا، لولا أصوات متصاعدة على مدخل الحي حيث تتركز غالبية سائقي الأجرة السعوديين الذين يحملون ركابهم من هذه النقطة تحديدا تجاه مدن أخرى.
وتحتوي البطحاء التي تقع في قلب الرياض على العديد من المجمعات والمحال التجارية الكثيرة التي تصل إلى أكثر من خمسة آلاف محل تجاري، والتي عادة ما تكتظ بالعمال الآسيويين، خاصة يوم الجمعة الذي هو يوم إجازتهم.
ويعتبر الدور الاقتصادي في هذه المنطقة قطبا من أقطاب الحركة التجارية ليس على مستوى المدينة فحسب، وإنما على المستوى الإقليمي لمنطقة الرياض، من قيام أنشطة تجارية مركزية ضمن هذه المنطقة تنتشر لها فروع في شتى أرجاء المملكة.
حركة التطوير والتجديد العمراني لأجزاء متعددة من الرياض، وبالذات المنطقة المركزية في المشاريع المتوالية لتطوير منطقة قصر الحكم والمنطقة المحيطة بقصر الملك عبد العزيز في حي المربع وتطوير حي الحلة وغيرها من مشاريع التنمية الأخرى، إلا أن جهود التطوير هذه لم تتسع لتشمل منطقة الأعمال التجارية في حي البطحاء بالرغم مما له من دور رئيسي في اقتصاديات المدينة وأدائها لدور مهم في إجمالي دخلها المحلي وتوفير فرص عمل لسكانها.