فن إدارة النفايات
فهد الحمدان
في أحد الشوارع النظيفة كان هناك عامل نظافة قد انتهى لتوه من جمع النفايات الملقاة في الشارع ملتحفاً برداء يقيه شدّة البرد، وفي نفس هذه اللحظة مرت سيارة ألقى صاحبها بقارورة تهشمت بعد سقوطها على الأسفلت وتحولت إلى قطع زجاجية صغيرة متناثرة وأتبعها بمجموعة من النفايات الورقية في تصرّف أشدّ برودة، يحتاج إلى عقاب فوري ومن دون محاكمة للمفاهيم السيئة التي غُرست في ذهن صاحب هذه السيارة، وجعلته يغتال نظافة هذا الشارع الجميل.
ومن المؤسف أن هذه الاغتيالات تتكرر يومياً في شوارعنا التي تئن بصمت جراء ما يحدث، تأملت وجه هذا العامل بعد عملية الاغتيال، ورأيت نظرات أترك لكم التعبير عنها، فشتان بين البناء والهدم والتعمير والتخريب، وقادني هذا المنظر إلى موضوع نحتاجه جميعاً وهو فن إدارة النفايات، والنفايات المقصودة هنا ليست مشابهة للنفايات التي يجمعها هذا العامل المجتهد، بل هي نفايات من نوع آخر، فماذا أقصد بفنّ إدارة النفايات، إنها نفايات تتكون من الكلام والتصرفات والمشاعر التي يجب أن نتحكم بها فلا نسمح لأحد أن يهجم علينا ويؤذينا بكلام بذيء أو بتصرفات طائشة تهز أمننا وسلامنا الداخلي مع أنفسنا وتوقض الإرهابي الداخلي (الذي هو حديث النفس الداخلي السلبي، مثل: أنا فاشل، أنا لا أستطيع) الذي يستغل هذا الهجوم في ترسيخ نظرتنا الدونية لأنفسنا، كما يجب علينا أن لا نرمي هذه النفايات على الآخرين فلا نسمح لأنفسنا - مهما كانت الأسباب - أن نعتدي على الآخرين بقول أو فعل، كما أن من فنون إدارة النفايات أن لا نحتفظ بهذه النفايات في قلوبنا بأن نتسامح ونعفو ونغفر عمن ظلمنا وأن لا ننام إلا بعد إلقاء نفايات الحسد والغل وأن نوصد عنها أبواب قلوبنا.
ونجعلها تبيت خارجه لتموت من شدة البرد بلا مراسيم عزاء لننعم بدفء قلوبنا بمشاعر الحبّ والرحمة، في التزام بكتاب ربنا سبحانه وتعالى وسنة نبينا محمد، فهل نقبل التحدي ونكون أقوياء؟،