أشارت دراسة سعودية حديثة صادرة عن مركز الدراسات والبحوث في جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية إلى إرهاصات انضمام المرأة السعودية إلى المجال الأمني
كما استدلت الدراسة بتأكيدات صحفية قالها وزير الداخلية السعودي الامير نايف مؤخرا تبحث ضرورة عمل المرأة في الأجهزة الأمنية.
طالبت الدراسة بضرورة إيجاد شرطة نسائية بالسعودية، وذلك لإتمام المهمات ذات العلاقة بالنساء أو الأطفال للتخلص من الجرائم النسوية.
قال الباحث الدكتور "صقر المقيد" في دراسته التي اختار لها عنوان "الشرطة النسائية وتطبيقاتها في الدول العربية" ونشرتها صحيفة الحياة السعودية، إن التغير الاجتماعي والاقتصادي والثقافي الذي شهده المجتمع السعودي أدى إلى خلخلة في البناء الاجتماعي، ومن ثم إحداث العديد من المتغيرات التي انعكست على سلوك الأفراد، وأفرز كذلك جرائم نسوية، لا بد أن يصحبه توسع في إدخال المرأة في القوى الأمنية السعودية.
هناك ردود أفعال صاحبت هذه الدراسة حيث اعترض الدكتور علي بن حمزة العُمري، رئيس جامعة مكة المفتوحة، على الدراسة التي تطالب بإيجاد شرطة نسائية بالسعودية، وقال: لم يكن هذا الأمر موجودا لا في عهد النبي عليه الصلاة والسلام، ولا في عهد الصحابة، ولا في عهد من بعدهم أيضا، وأضاف: رويت بعض الروايات أن إحدى السيدات في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه كانت تقوم بدور (العسة) بين النساء ولم يرد غير ذلك.
وأوضح العمري أن النبي عليه الصلاة والسلام أمر النساء بالجهاد الأصغر وهو الحج، ولم يأمرهن بالجهاد الأكبر الذي يقصد به القتال، وقال: النساء في الأصل ممنوعات من الجهاد الأكبر ولسن مطالبات به، فالمطالبة بإقحام النساء في الشرطة يستدعي أمور المواجهة والقتال وغيرها من القوة، وهذه الأمور كلها لا يليق للمرأة الدخول فيها لطبيعتها التي فطرها الله عليها.
وبرر العمري اعتراضه على هذه الدراسة أن النبي عليه الصلاة والسلام لم يأمرهن بالجهاد الأكبر (القتال)، مستنكرا: كيف تقاتل المرأة في الساحة والرجال من حولها جالسون؟ ويقول: الانخراط في الشرطة لن يجعلها تبقى في دائرة العمل الإداري المكتبي إنما هو القصد منه المدافعة والمقاتلة والحماية فليس هذا دورها.
أشار العمري إلى وجود حالات خاصة يمكن فتح المجال فيها للمرأة أن تشارك فيها، فقد يستلزم الأمر اقتحام مكان معين يختص بالنساء فلا حرج أن تستعين الشرطة بالنساء في هذه الحالة، كما أن حالات التفتيش أو الجوازات يمكن الاستعانة فيها بالمرأة.
كما استثنى العمري من ذلك كله قضية غزو العدو على البلاد المسلمة، فيقول: لو غزا العدو على بلد ما فحينئذ ينبغي على جميع الشرائح أن تتحرك سواء كان رجلا أو امرأة أو طفلا صغيرا ما دام أنه يستطيع حمل السلاح، أما أن نقيم شرطة نسائية ونجعل للمرأة فيها وظيفة أساسية فلا داعي لذلك كله، مشددا أن هذه الأدوار مختصة بالرجال فقط وللنساء أدوارهن التي تليق بهن.
ولفتت الدراسة إلى أن دراسات وأبحاثا جادة تبحث في عمل المرأة في الأجهزة الأمنية، كما أفاد مدير إدارة الوافدين في جوازات جدة بأنه قد تم توظيف 30 سيدة للعمل في سجن إدارة الجوازات للإشراف على السجينات على مراتب مدنية ممن يحملن شهادة الثانوية العامة. وفي المنطقة الشرقية تم الإعلان عن تعيين 9 مجندات برتبة جندي بإدارة سجون المنطقة الشرقية.
وأعلن مدير الأمن العام السعودي خلال تفقده للقطاعات الأمنية في الإحساء أن إدارته ماضية في توظيف الكوادر النسائية في القطاعات الشرطية متى اقتضت الحاجة لذلك، مشيرا إلى توظيف 17 مفتشة لدى السكك الحديدية.
كما نظمت جامعة نايف للعلوم الأمنية عددا من الدورات الأمنية عام 2004 لتنمية مهارات العاملات في السجون.
كما تتسابق النساء السعوديات للتطوع في الأعمال ذات الصبغة الأمنية، وقد تم تدريب أكثر من 4000 امرأة على تجارب إطفاء الحريق بموافقة مساعد وزير الداخلية للشئون الأمنية.
ونظم مركز التدريب التربوي دورات تدريبية على أعمال الدفاع المدني، ما يجعل ذلك صالحا ليكون لبنة جيدة لانضمام المرأة إلى العمل الأمني في السعودية بصورة أكبر.
وتتلخص مشكلة الدراسة في أن الفكرة السائدة لدى كل المجتمعات العربية والإسلامية هي أن العمل الشرطي من اختصاص الرجال، لذا من الصعب اقتحام المرأة هذا المجال، فصورة المرأة وهي ترتدي زيا رسميا ينظر إليها الرجال على أنها ليست صورة منفرة وحسب، بل إنها شيء يفتقر إلى الحكمة تماما، وذلك لعدم ثقتهم فيها والعداء لها، كما ينظر إليها على أنها أقل درجة من الرجال من حيث القوة الجسدية ولا تحتمل التدريبات القاسية، إذ تتسم المرأة بالأنوثة والرقة؛ ومن ثم فإن مشكلة الدراسة تنحصر في كيفية إعداد الكوادر النسائية للعمل الشرطي والتعامل مع مختلف الجرائم ومع مرتكبيها، مع الأخذ في الحسبان التعاليم الدينية والأعراف الاجتماعية والثقافة العربية.
ويلفت المقيد إلى أن الأسباب الداعية لمثل هذه الدراسة ترتبط في مجملها بالارتفاع الملحوظ في معدلات الجريمة المرتكبة بواسطة النساء في الدول العربية وفي تنوع أنماطها، الشيء الذي يتطلب إعداد الكوادر النسائية العاملة في الأجهزة الأمنية بصورة تمكنها من التعامل مع هذه الجرائم ومع مرتكبيها.
كما تم تطبيق هذه الدراسة في أربع دول عربية ذات باع طويل في مجال الشرطة النسائية، وهي الأردن التي يشهد البعض بنجاح تجربتها في مجال الشرطة النسائية، وكذلك مملكة البحرين التي تعد أنموذجا في مجال الشرطة النسائية عملا وتنظيما، والجمهورية التونسية التي يرى الباحث أنها أذهلت الأوروبيين في مجال تجربتها في مجال الارتقاء بالمرأة بشكل عام والمرأة الشرطية بشكل خاص، هذا إضافة إلى جمهورية السودان التي استقت تجربتها كما يراه الكاتب من الدول العربية والأوروبية.
ويتابع: وأدى التطور الاجتماعي والاقتصادي الهائل إلى تضاعف مشاركة المرأة في مختلف البلدان العربية في الحياة العامة، ما أدى إلى زيادة مطردة لمشكلاتها وجرائمها، وأصبح من الضروري إيجاد شرطة نسائية فاعلة للتعامل مع هؤلاء النساء، بخاصة أن المرأة أقرب إلى المرأة في فهمها وسبر أغوارها وظروفها غير الرجل الذي ربما يلين أمام المرأة لسبب أو لآخر.
وقد توصلت الدراسة إلى نتائج عدة من أبرزها أن اتجاه العاملات في الشرطة النسائية في الدول العربية نحو العمل الشرطي هو اتجاه قوي وإيجابي ومشجع للغاية، وأوضحت الدراسة أن غالبية العاملات في الشرطة النسائية قضين ثماني سنوات فأكثر في العمل، وهذه النتيجة، بحسب الدراسة، تدلل على الاستقرار الوظيفي لدى العاملات في الشرطة النسائية، كما توضح أن معظمهن يفضلن العمل المكتبي على العمل الميداني على أن يكون في الفترة النهارية، وهذه نتيجة منطقية تتفق والمبادئ الدينية والقيم والأعراف الاجتماعية العربية.
وأبانت الدراسة أن عددا كبيرا من العاملات في الشرطة النسائية يحملن الشهادة الثانوية وغالبيتهن متزوجات، كما أظهرت أنه لا يوجد تعارض بين العمل الشرطي والأنوثة، كما أوضحت أن عمل المرأة الشرطي لا يؤدي إلى إهمال بيتها وأولادها، وأكدت تفوق أبناء العاملات في الشرطة على زملائهم في المدارس.
وأوصت الدراسة الدول العربية التي لا توجد بها شرطة نسائية بالإسراع في إقامة مثل هذه الشرطة وتوفير الإمكانات اللازمة لها، ومناشدة الدول التي لا توجد بها إدارات مستقلة للشرطة النسائية إلى السعي لإنشاء مثل هذه الإدارات، وأن يعهد للعاملات في الشرطة النسائية بالعمل المكتبي، وبأن يكون عملهن في الفترات النهارية إلا في حالات الضرورة، وأن تتبنى الأمانة العامة لمجلس وزراء الداخلية العرب بما لها من جهود إدارية، مسئولية توحيد الزي الشرطي النسائي وكذلك المواصفات النموذجية التي وردت في الدراسة من حيث الطول والوزن والسن.