
الرياض - الوئام :
جاءت محاولة الاغتيال الفاشلة لسمو مساعد وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف ، لترفع من أسهم "عرّاب الأمن " كما يصفه المتابعون ، بعد أن نجح طيلة عشر سنوات مضت في تفكيك خلايا التنظيم الإرهابي " القاعدة " في المملكة ، بطريقة أدارات الأعناق إلى شخصية هذا الرجل الصامت .
وحين يعتبر مراقبون للشأن السعودي ، استهداف شخصية الأمير محمد بن نايف أبرز الوجوه الأمنية ، الورقة الأخيرة التي تستخدمها " القاعدة " في مواجهتها مع كتيبة محمد بن نايف ، فإن ذلك يعتبر إعلان هزيمة من قبل " القاعدة " في مواجهتها مع خصمها الذي تسيد المعركة طيلة الفترة الماضية ولازال يحكم قبضته على الميدان من خلال عدة طرق عجيبة ومبتكرة ، ساهمت في القضاء على أجزاء كبيرة من شبكة التنظيم الضال .
ولعل اللافت للنظر طرق المواجهة التي استعان بها رجال الأمن السعودي بقيادة وزير الداخلية ونجله محمد ، في التعامل مع تنظيم سري ، يقدم أفراده أنفسهم قرباناً لقادتهم دون أن يأبهوا بعواقب الأمور ، فالأمير محمد بن نايف تخلى طيلة تعاطيه مع أزمة الإرهاب عن سلاح القوة ، واستخدم سلاح العقل والمواجهة الفكرية .
فخلال عدة سنوات مضت شهدت الساحة المحلية تراجع كبير من قبل معتنقي الفكر الضال عن منهجهم السابق ، وفي المقابل استبدل الأمير الصاعد نجمه ، أسلوب الحنكة في التعامل معهم ، ومنحهم الحرية بعيداً عن ظلام المعتقلات وأسئلة المحققين ، ولم يكتفي بذلك بل قام بتأهيلهم على حسابه الشخصي للعودة إلى ميدان الحياة الاجتماعية ، حيث أن أغلبيتهم معدمون ومن أصحاب التعليم المتدني.
وكان أبرز ماقام به الأمير الأمني تجهيزه لحفلات زواج عدد منهم من حسابه الشخصي ، وزياراته المفاجئة لهم في مناسباتهم ، وإخضاعهم للعلاج النفسي والمناصحة الفكرية ، مما جعل هؤلاء المتراجعون يدخلون في صراع مع ضمائرهم التي تؤنبهم على ما أقترفوه في حق أنفسهم وبلادهم ، وعلى طريقة نظرتهم لإدارة الحكومة السعودية للأمور .
لهذا جاءت هذه المحاولة بحسب خبير أمني " لتؤكد بأن تنظيم القاعدة في المملكة يلفظ أنفاسه الأخيرة ، ويقذف بآخر أوراقة ، بعد أن نجح خلال عقود مضت في نفث سموم أفكاره في عقول الشباب السعودي ، وتفاجأ بطريقة محنكة في هلهلة هذه الأفكار وتفكيكها واستبدالها بأفكار ايجابية ، تعترف بقيمة الحياة " .
بينما يرى أكاديمي متخصص في علم الاجتماع بأن " محمد بن نايف قلب الطاولة في وجة تنظيم القاعدة ، الذي كان يتصور أن تسير الأمور لصالحه ، إذا مالجأت الداخلية السعودية إلى نفس أسلوب التنظيم : وهو العنف مقابل العنف ، إلا أنه اسقط في يده ، عندما عمل محمد بن نايف على احتضان العائدين من براثن التنظيم الإرهابي ، واستيعابهم في حدود وطنهم وإعادتهم للحياة من جديد " .
بقي أن نشير إلى أن شخصية محمد بن نايف ، حريصة على العمل بصمت بعيداً عن ضجيج الإعلام ، مما جعل مخالفيه يحتارون في التعاطي مع شخصية صامتة لاتعترف بغير العمل والإنجاز ، الأمر الذي ساهم في نجاح خططه في مواجهة هذا التنظيم الخطير