أخي حازب الووودعاني
يهمني جداًَ ألاّ أكون سببا في اقحامك أو أحد من الأخوة في هذه الأسواق، فهي أسواق عالية المخاطرة ويتحكم فيها من يسمون بصناع السوق - سمهم هوامير، حيتان، أوما شئت - وهم أفراد و مؤسسات لا تعرف الرحمة مهمتها جني الأموال أوّلاً وآخراً. وهؤلاء الصناع يملكون من الأسهم ما يجعلهم يمسكون بزمام حركة الأسعار يوجهونها حسب خطط وضعوها بعناية ويتكفل أناس مدفوعي الأجر بترويج إشاعات تخدم هذه الخطط.
وصانع السوق لن تستطيع هزيمته أوأخذ لقمة من شدقه، كما أننا لسنا من الدوائر المقربة من صانع السوق أو مجالس الإدارات لنحصل على تسريبات فنستثمرها. وخلاصة القول هي: لا تصدق ما ينشره الآخرون عن سهمك.
لذلك فإننا يجب أن نضع خطة عمل مدروسة تستثمر الوسائل المتاحة لنا نحن صغار المستثمرين (وقود البورصة)، فنحن نعلم أن السوق يتحرك حيث يتحرك صانع السوق فيجب أن نكون قصاصي أثر صانع السوق.
وليعلم الأخوة الكرام أن السوق له دورة حياة تبدأ عندما يبدأ صانع السوق في التجميع وهو في هذه المرحلة سيضغط على السوق ليبقيه في صندوق سعري يحدده الصانع وبعد أن يملآ جعبته من الأسهم يطلق عقال السوق ويسوقه بعصاه حتى يصل المنطقة السعرية المستهدفه ويبدأ الصانع في تصريف أسهمه وهو لن يسمح للسهم بالهبوط حتى يفرغ من التصريف وبعد ذلك تبدأ مرحلة السقوط الحر.
فالسوق إذن يتكون من أربعة مراحل:
المرحلة الأولى تتسم هذه المرحلة بالحيرة فمصير السهم مجهول ، لكنه في الحقيقة في القاع في نظر صناع السوق الذين بدؤا التجميع على استحياء، وقد تقصر هذه المدة أو تطول (أشهر عديدة)، ومحاولة التنبأ بهذه المرحلة يعد أمراً لا فائدة منه؛ فليس من الحكمة الدخول في سهم لم يلتفت له سواد السوق، فليس من مبادئ الإستثمار الصحيحة تجميد الأموال لمدة لا يعلم مداها إلاّ الله وتفويت فرص سانحة أخرى.
والمرحلة الثانية تسمى مرحلة الثيران، هي المرحلة التي يسمح الصانع فيها للسهم بالإنطلاق نحو القمة التي حدّدها هو؛ وهذه هي المرحلة التي يبحث عنها المحترفون ويستطيعون التعرف عليها بعلامات يعرفونها والفائز من ركب الموجة من بدايتها. وتأخذ الحركة السعرية زخمها من طمع الناس وتزاحمهم على الشراء.
تأتي بعد ذلك المرحلة الثالثة وتتسم هذه المرحلة بالحيرة حالها حال المرحلة الأولى، وهي المرحلة التي يصرّف فيها الصانع ما تبقى لديه من أسهم مرحلة التجميع، وعادة ما تكون هذه المرحلة المحطة التي يركب فيها المترددون فهم يظنون السوق قد توقف ليلتقط أنفاسه ثم يكمل، فبينما يخرج الكبار من السوق يدخل الطامعون المغرر بهم. وهذه المرحلة يصعب علينا نحن صغار المستثمرين تمييزها ولن نتعرف عليها إلاّ بعد أن تبدأ المرحلة التالية.
المرحلة الرابعة والأخيرة، وتسمى مرحلة الدببة، وهي مرحلة السقوط الحر والخسائر، فبعد أن خرج صانع السوق أصبح السهم يتخبط بلا قائد فيبدأ الهلع والبيع ونهاية القصة معروفة. والمحترفون يعرفون علامات هذه المرحلة ويميزونها فيخرجون مبكراً مع أول إشارة دالة عليها.
تنتهي المرحلة الرابعة عندما يسيل لعاب صانع السوق مجدداً للأسعار البخسة فتبدأ مرحلة أولى جديدة في دورة سوق جديدة.

مما سبق عرضه نستطيع أن نقول بأن دورة السوق تتكون من أربعة مراحل، المرحلتين الأولى والثالثة يكون مسار السوق فيها أفقيا، والمرحلة الثانية يكون مسار السوق صاعدا، أما المرحلة الرابعة فيكون مسار السوق هابطا.
وحتى ينجح المضارب في التعرف على المرحلة الثانية والدخول فيها مبكرا أو التعرف على المرحلة الرابعة والخروج منها مبكراً فإنه يلزمه أدوات صممت خصيصاً لهذه المراحل، ولهذا كانت الحاجة ماسة لما يسمى بمنصات التحليل الفني وما تشتمل عليه من أدوات ودراسات فنية.
وهذا بالضبط ما حاولت أن أشرحه في الدرس الأول. إذ كان الموضوع أحوال السوق والتعرف عليها بواسطة منصات التحليل الفني.
بانتظار المزيد من الاستفسارات، وأرجوا عدم التردد في طرحها.
وتقبلوا تحياتي