تقبل الله طاعتكم
وعيد الله عليكم مبارك
الأخوة الكرام، كما وعدناكم وهذا الدرس الأول.
المضارب المحترف
توطئة:
إعلم أخي الكريم، بأن التداول مهنة لكثير من المستثمرين حول العالم وأن هذه المهنة ليست وليدة اليوم حيث ظهرت مدارس حول العالم على مرّ السنين طورت هذه المهنة وأسهم كثيرون في رفد هذه الصنعة بالمعارف وأسرار المهنة.
ولذلك، فإنه يلزم المتداول أن يكون مسلحاً بالحد الأدنى على الأقل من هذه المعارف والمهارات التي تراكمت مع الأيام حتى يكون عمله مبنياً على أسسٍ سليمة وإلاّ كانت السوق محرقة لرأس ماله.
وهذه المعارف والمهارات تندرج تحت قسمين عامين.
القسم الأول: معارف ومهارات تِقَنِيَّة، تشتمل على قدرٍ ما من التحليل الفني واستخدام الأدوات الفنية، تعين المتداول على وضع طريقة منهجية للتعرف على أحوال (مسار) السوق، وتصميم آلية مثلى للدخول والخروج من السوق.
أما القسم الثاني: فمعارف ومهارات إدارية مالية، تتعلق بكيفية إدارة رأس المال بطريقة احترافية واستثماره وتحقيق أفضل العوائد حسب الأهداف التي وضعها المتداول وبما يتناسب مع تكوينه النفسي.
ومما يجدر التنبيه عليه، هو أن القسم الثاني – الإدارة المالية – أهم بكثير من القسم الأول بعكس ما يظنه كثير من المتداولين؛ وهذا القسم متجدد ودسم ومتشعب.
هذا، وألفت انتباه القارئ الكريم إلى أن هناك مقولة تنتشر في أوساط المتداولين مفادها أن هذه المعارف لا تصلح لأسواقنا الناشئة!! والحقيقة هي أن من يروج لمثل هذا الكلام هم المستفيدون من بقاء السواد الأعظم من المتداولين في جهل مطبق ليكونوا طرائد سهلة الاصطياد.
القسم الأول:
المعارف والمهارات التِِّّقَنية
تعريف مصطلح السوق:
تأتي كلمة السوق على معنيين، فقد تعني الحالة العامة للسوق والتي يدل عليها المؤشر العام للسوق فنقول السوق يسير في اتجاه صاعد أو متراجع (اتجاه هابط) أو في حيرة (يسير في نطاق أفقي).
وقد نعني بالسوق حالة سهم بعينه بمعزل عن حالة السوق العامة، إذن أن سوق الأوراق المالية في حقيقته يتشكّل من عدة أسواق فرعية (أسهم)، فعندما يكون الحديث مقصوراً على سوق فرعي (سهم) عندها نقول السوق كذا وكذا وإنّما نعني هذا السهم.
أحوال السوق:
لابد أن يكون المتداول قادراً على التمييز بين أحوال السوق (السهم) قبل أن يشرع في تداولاته إذ أن معرفة حالة السوق تسمح للمتداول بأن يستخدم الاستراتيجية المناسبة وتوظيف الأدوات الفنية المناسبة.
هذا وتعتري السوق ثلاثة أحوال، صعود وتراجع (هبوط) وحيرة.
وحتى يتمكن المتداول من التعرف والتمييز بين هذه الأحوال فإنه يلزمه استخدام ما يسمى بمنصات (برامج) التحليل الفني، فهذه المنصات وبمخططاتها البيانية ترسم صورة يستشف منها المتداول حالة السوق أولاً ،ثم ثانيا - وباستخدام الأدوات الفنية المناسبة المدمجة في هذه المنصات – يستطيع تعيين توقيتات الدخول والخروج.
أمثله على أحوال السوق:
أفترض أنك على دراية بالمخططات البيانية وقراءة الشموع اليابانية التي سنعتمدها في عملنا من الآن فصاعداً، لكن من باب الاحتياط ها أنا ذا أضع لك مسرد الشموع ومعانيها.
هذا المخطط يمثل سوقاً صاعدا
هذا المخطط يظهر سوقاً متراجعا

وهذا السوق في حيرة (مسار أفقي)، فكل شهرين ونصف يعكس اتجاهه حتى يبلغ النقطة السابقة، فقد تقدم من النقطة1 إلى النقطة2 ثم ما لبث أن غير مساره فتراجع حتى النقطة3 التي تساوي تقريباً النقطة1، ثم غير مساره حتى بلغ تقريباً المستوى ذاته عند النقطة2، وهكذا. فكأنما السوق محصور في نطاق سعري له حدّين (أو خطّين أفقيّين وهميّين) سفلي (دعم) وعلوي (مقاومة).
من هذه المخططات الثلاث يتبين لك أهمية منصات التحليل الفني للمتداول، وأن المتداول مهما بلغ من علم فإن حاله كحال الأعمى الذي لا غنى له عن عصى الضرير يتلمس بها طريقه، وهذا ما تمثله في نظري منصات التحليل الفني.
لكن المخططات السابقة تبقى مادة خام لا بد من تحسينها حتى نستطيع أن نستفيد منها، وما أقصده بالتحسين هو استخدام الأدوات (المؤشرات والدراسات الفنية) المدمجة في منصات التحليل الفني.
فمثلا في المخطط الأول، ما هي النقطة التي أستطيع بعدها اعتبار السوق فنياً في حالة صعود؟؟
تساعدنا المؤشرات والدراسات الفنية - كالمتوسطات المتحركة وخطوط الاتجاه ومؤشر الحركة الاتجاهية (DMI) ومؤشر متوسط الحركة الاتجاهية (ADX)، ومؤشر القطع المكافئ (Parabolic SAR).... الخ - في تحديد مسار السوق.

في الدائرة الزرقاء نلاحظ أنّ السعر قطع ايجابيا (تجاوز) المتوسط المتحرك، فنقول بأن السوق فنياً في حالة صعود طالما بقيت الحركة السعرية (الشموع) فوق المتوسط المتحرك.
والعكس صحيح بالنسبة للسوق المتراجع.
فنقول بأن السوق في تراجع طالما كان السعر تحت المتوسط المتحرك.
مثالنا التالي، مؤشر الحركة الاتجاهية (DMI) الذي يتكون من دراستين: الحركة الايجابية (PDI) والحركة السلبية (MDI).
وبدون الدخول في تفاصيل المعادلات الخاصة بهذا المؤشر وطريقة إيجاد قيم الحركتين الايجابية والسلبية فإن قراءة المؤشر تتم كالتالي: إذا كان خط الحركة الإيجابية أعلى من خط الحركة السلبية كان الاتجاه صاعداً والعكس صحيح.
في الدوائر الخضراء في هذا المخطط نلاحظ تقاطع إيجابي لمؤشر الحركة الاتجاهية – خط الحركة الإيجابية يتجاوز خط الحركة السلبية – مما يعني أن قدرة المشترين (ويسمّون الثيران) قد بدئت النشاط وهي قادرة على تحريك السعر لهذا اليوم خارج نطاق تداول اليوم السابق إلى الأعلى، أي أن السوق بدأ رحلة الصعود.
والعكس صحيح عند التقاطع السلبي لمؤشر الحركة الاتجاهية.
فعندما يتجاوز خط الحركة السلبية خط الحركة الإيجابية فهذا يعني أن قدرة البائعين (ويسمّون الدببة) قد بدئت النشاط وهي قادرة على تحريك السعر لهذا اليوم خارج نطاق تداول اليوم السابق إلى أسفل، أي أن السوق بدأ رحلة التراجع.
وأمّا السوق الأفقي فإننا نستخدم خطوط الدعم والمقاومة لتعيين حدود نطاقه السعري:
لعلّي أكتفي بما تقدم من أمثلة على استخدام المؤشرات الفنية في التعرف على مسارات السوق، إذ أن التعرض لكافة المؤشرات الفنية وطرق قراءتها خارج عن نطاق مقالتنا.
وحتى هذه النقطة، لم نتعرض إلاّ لجزء من القسم الأول وبقي معنا كيفية تعيين توقيتات الدخول والخروج التي سوف نؤجلها ليوم آخر عندما ننتهي من مناقشة وتلقّي الاستفسارات فيما قد تم عرضه في درسنا هذا.
بانتظار استفساراتكم.
تقبلوا تحياتي.