ذهبتُ يومًا للسوق ، تحملني ذاتُ البوق ، وأخذت في التجوال لأعرفَ الأمرَ وما الأحوال ، فقلتُ: لا شكّ أنّا في رجبْ ؛ لِما شاهدتُ من العجبْ !!
فهذا شابٌ يلحقُ بفتاةْ ، وآخرُ يكتبُ على الجدارِ اسمَ منْ يهواهْ ، وثالثٌ قد أطال شعرهْ ، والسيجارُ لا يفارقُ ثغرهْ ..
ورابعٌ يمسكُ بآلةِ تسجيلْ ، لا يَصدُرُ منها إلا الصُّراخ والعويلْ ، ويهتزُّ لها جسمه في رعشةٍ غريبةْ ، مسكين ... ربّما حلَّتْ بهِ مصيبةْ !!
وخامسٌ يحملُ في يده الهاتفَ الجوّالْ ، يُكلِّمُ ابنةَ العمِّ ويرجو ابنةَ الخال ، أنْ تُحدِّثَهُ وتُحْسِنَ المقالْ ..
وتلكَ فتاةٌ تحسبها من قُطَّاعِ الطُّرقِ اللئامْ ؛ لِما وضَعتْهُ على وجهها من لثام ، وأخرى لبست الحُلِيَّ والأساور ، وأخذتْ تمشي ... وعيونُ الشباب تختلسُ الرؤيةَ ولا تُحاذر ، أن يُقال: فاجر !
وهذه قد وضعتْ من العطورِ ما رائحته تفوح ، فأخذتْ قلوب الشباب تغدو وتروح ، وصارت تلاحقها وبما جادتْ بهِ قريحتها من الشعرِ تبوح ..
ورابعةٌ تخالها فقيرةً مسكينةْ ، أو أنّها حبيسةٌ سجينةْ ، لِما عليها من ثيابٍ لصيقةْ ، لا يجدُ الجسمُ فيها طريقهْ !
يُسَمونها: فرنسيةً أو عمانيةْ ، وتارَةً: مغربيةْ ، وأعتقدُ أنّ منْ تلبسها غبيّةْ !
فكيفَ تأبى الواسعَ الصالحْ ، وترضى بالضّيقِ الفاضح ؟!
أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير ؟!! وقانا الله وإيّاكم كلّ ضَيرْ ..
ولكن .. جزى اللهُ الخيرَ رجالَ الحسبةْ ، وأعطانا ممّا لديهم نِسبةْ ..
أَمَروا بالحكمة واللينْ ، فصيّرُوا كلّ غِرٍّ فطينْ ، وأَلْحقوهُ بركبِ الصلاحِ والدّينْ ...
أمّا منْ جاءتهُ الموعظةُ ولمْ يرعوِ ، فالعصا ... تجعلُ المجنونَ يعي !
هذا بعضُ ما رأيتُ في السوق ، جمعني اللهُ وإيّاكم بأكرمِ مخلوق – محمدٍ – الصادقِ المصدوق ، صلّى عليهِ اللهُ ما نبضت في القلبِ عُروق ، وما دامت بين الخلقِ فروق ...
المعاااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا اااااااااااااااااااااااااااااااالي