الأستاذ /هايف العماني ,,
لا شك أن الأثنان بدئا من الصفر لكن القصة التي رويت هي لسعد الشعيفان ,,وقد ذكرت هذه القصه في مجلة ساسرف كما ذكرها الكاتب المرحوم / فهد العريفي ..في عمود ظهرانيات قبل 10 سنوات وأيضا تم كتابة هذا الموضوع في الساحات من قبل الكاتب /محمد حمد خليص الحربي وهذا هو نص القصة كما نشرت في الساحات:
اقتباس:
موظف صغير يطرد نائب اعلى لرئيس أرامكو خارج غرفة العمليات ويقفل الباب وراؤه
نعم انها قصة سطرها التاريخ لرجل شق اصعب الطرق بكفاحه ومثابرته فسجل اروع الامثله في الكفاح والصبر والتحمل ، حتى اعتلى ارقى المناصب وجلس في اعلى الهرم كصقر حر يتطلع الى امن الوطن الاقتصادي ويعمل على خدمة الوطن بقلب مؤمن بالله يبحث بالمراجع ليرسم الخطط وليطبق الافضل منها فيما يخدمة الدين والمليك والوطن ، يقدم مصلحة الشركه على مصلحته الخاصه ، هذا الرجل الذي تغلب على حب الذات ولم ينتقم ممن اساء اليه عندما قدر له ان يكون في موقع يستطيع الانتقام لنفسه ولغيره ، ولكنه رجل يزن الامور بموازينها ويعالج الامور بحكمة بالغه وهذه نعمة من الله يهبها الباري سبحانه لمن يشاء من عباده . ومن ساحدثكم عنه رجل من الشخصيات المعروفه حباه الله بكل تلك الصفات الحميده واكثر وسيتبين لكم من خلال مجريات القصه ما اصبو اليه ولعلنا نقتدي به في تيسير امورنا ، نعم فهو مدرسه قلما يجود الزمان بمثله .
انه السيد/ سعد بن راشد الشعيفان ، النائب الأعلى لرئيس شركة ارامكو السعودية لقطاع المصافي والأمداد والتوزيع .
• كيف ومتى طرد من غرفة العمليات ؟ • ومن هو الموظف الذي طرده ؟ • وماذا حدث للموظف بعد ذلك ؟ • ماذا كان رد الفعل عنده ؟ • هل انتقم لنفسه بعد ذلك ؟
كل هذه الاحداث المثيره ستجدها عزيزي القارءى بين سطور هذه العجاله والتى اسرد فيها حديث مع السيد سعد الشعيفان ( أبو طارق ) ليتحفنا ببعض ما لديه ، ولتكن لدينا نرددها ونتعلم منها ونستقي منه وامثاله دروس الصبر والحكمه والمثابرة والطموح .
يقول ابو طارق في أوائل الستينيات وبالتحديد 1961م كانت الشركة واقصد شركة ارامكو مملوكة لشركة امريكيه ولما نعلمه من تعصب الامريكان وتسلطهم كانت تدور قصص كثيره وكان للموظف السعودي الذي يطلق عليه في تلك الايام مسمى عامل حتى ان مدن انشئت سمت بمدن العمال في الدمام والخبر نسبة الى عمال الشركة ، يقول: جئت من البداوه في الشمال احمل مؤهل دراسي متواضع السادسة الابتدائيه والتي كانت في ذلك الوقت تعني الكثير ولكنها مقرونة بسني لن تشفع لي بالحصول على وظيفه في ارامكو ، يقول لم انسى ذلك اليوم الحار ووقوفي امام مكتب التوظيف ومكوثي كل ساعات النهار اتظلل بظل شجرة هناك درت حولها 365 درجة اتتبع الظلال عكس اتجاه حركة الشمس ، ولم تجدي الواسطه في توظيفي ولم تشفع لي شهادتي بالحصول على الوظيفه فعدت ادراجي ولكن عدم قبولي لم يصيبني بالاحباط بل زادني اصرار على الحصول على وظيفه بالشركه مهما كلفني فقررت العوده لمواصلة الدراسه وحصلت على شهادة الثانيه المتوسطه وجئت من حائل مرة اخري بعد سنتين محاولا الحصول على وظيفه ولم يتم قبولي فقررت العوده لكراسي الدراسة مرة اخرى والتحت باحد المدارس المتوسطه بمدينة الخبر وحصلت على الكفاءة المتوسطه وعدت لمكتب التوظيف بعد سنه من المره الثانيه فقبلت هذه المره وعينت عاملا بالشركة بوظيفة مراسل بريد ( ميل بوي ) وعملت لمدة سنه بهذه الوظيفه ثم ارسلت لمقر العمل الجديد بمعامل التكرير براس تنوره فاشتريت بدلة للعمل بنطال وقميص كانا هما بمثابة نقلة من عالم الى عالم ، من عالم المكاتب الى ميدان العمل والكفاح ، وجهت الى الادارة التى ساعمل بها فاخذني رئيس العمال وتوجه بي الى شبكة كبيرة من الانابيب المتشابكه واعطاني فرشاة وسطل طلاء اصفر وشرح لي كيف اقوم بتنظيف الانابيب (المواسير) من الصداء وبقايا الطلاء السابق واعادة الطلاء من جديد بذلك اللون الاصفر .
يقول ابو طارق: لا يخفي عليكم شدة حرارة الصيف وكيف يكون العمل في مكان مكشوف قريب من البحر فيكون الجو حار جدا مرتفع الرطوبه احيانا يكاد الواحد منا يصاب بالاختناق وكاننا والعياذ بالله أن نكون منهم فيمن وصفهم الله في كتابه الكريم ( في سموم وحميم ) . يجف حلق الواحد منا فيعطش ويحتاج لقطرة ماء للشرب فلا يجدها الا ان يذهب ويشرب من صنبور الماء الحلو ولكنه حار من حرارة الشمس تكاد حرارته تصل لدرجة الغليان فمن شربه يزداد ايمانا بالله ويتذكر قول الله تعالى : (كالمهل يغلي في البطون * كغلي الحميم ) الدخان آية 46 أو قوله تعالى: ( وسقوا ماء حميما فقطع أمعاءهم ) محمد آية 15 ، فيتذكر الواحد منا ذلك الوعيد فيخاف الله ويعمل الف حساب لكي لا يقع في المعاصي فيكتب عليه شرب الحميم في الدنيا والآخرة ، حمانا الله واياكم منها. يقول في يوم من الايام كنت اسير بقرب غرفة العمليات وانظر من خلال زجاج النافذه الى الموظفين الامريكان وهم ينعمون ببرودة الجو المكيف وارى هواء المكيف يهفهف فيحرك خصلات شعورهم وارى برادة الماء بجوارهم وهم يعملون ويتبادلون القفشات وقد يسخروا منا ونحن كعبيد مسخرين لخدمة الساده ، لم استطع تحمل العطش وذلك لانني كلما شربت من ذلك الصنبور المعد للعمال كلما ازداد عطشي لانه فعلا يشوي البطون فلا يرد ضماء ولا يروي رمق . يقول ابو طارق : فما كان مني وبغفله من الامريكان ( الخواجات ) ان قمت فدخلت غرفة العمليات للبحث عن برادة الماء فكان دخولي من الباب البعيد وعند وصولي الى البراده وبعد وضع شفتاي على الماء المتدفق منها كالزلال بارد يروي العطش ويشفي الصدور ويضيع الرمق الا ولاحظ وجودي الامريكي فما كان منه الا ان يقترب مني ويحملني من الخلف ممسك بياقة القميص بيد واحده وذلك لانه كان بالنسبة لي يعتبر عملاق وانا قزم صغير بين يديه حيث كان فارع الطول عريض المنكبين ضخم الجثه ، حملني وصدقوني وانا على تلك الحال بين يديه لم افكر بما سوف يحدث لي ولم اكن اخشى على نفسي ولكني كنت خائف على قميصي ان ينقد فاخسر القميص العزيز الذي اشتريته بحر مالي والذي لا ازال احتفض بصورة له . حملني كما قلت لكم ورماني خارج غرفة العمليات فقمت حينها ونظفت نفسي مما علق بي من تراب وغبار وعزمت على ان افصل من الشركه .
فصلت وسلمت بطاقتي وعدت الى كرسي الدراسه فاكملت تعليمي وعدت الى الشركه وعينت بوظيفة ( مساعد مشغل تحت التدريب ) وتدرجة بي المراكز والمناصب وحتي جاء يوم من الايام وانا اشغل منصب ( مدير إدارة الجعيمه ) وفي احد الايام دخل علي موظف امريكي طويل القامة عريض المنكبين عرفته ولم يعرفني وقدم لي اوراقه يطلب مني تمديد خدمته لفترة وجيزه حيث انه قد ابلغ بالاستغناء عن خدماته ونظرا لظروفه يطلب تمديد الخدمه بضع اشهر فوافقت على التمديد ودونت يوم بمذكرتي اليوم الذي يكون آخر ايامه مع الشركه ، فأقمت له حفل وداع خاص غير الذي اعتادت الشركه ان تقيمه لموظفيها عند انتهاء خدماتهم . وقد اعددت كلمه لهذه المناسبه. وفي يوم الاحتفاء به ، يوم وداعه اي في حفل توديعه الذي لم يكن مالوف بان يحضر من هو بمثل مركزي لتلك الحفله حضرت وقلت كلمتي وكان من ضمنها بعد ان تمنيت له مستقبل زاهر خارج الشركه وشكرته على خدمته فيها اخبرت الحضور ان هذا الرجل كان السبب بعد الله بان اعود لصفوف الدراسة وان اواصل دراستي لاصل لما وصلت اليه الآن وكل هذا بفضل الله ورعايته .
هذا الرجل الذي احب ابناء وطنه واحبوه قالوا فيه العديد من القصائد اشادة به وهو بالفعل يستحق اكثر من ذلك ومما قيل فيه هذه الابيات للموظف مشعل بن سحمي بعنوان زهرة ارامكو يقول منها:
يا زهــــــــرة بأرامكو ماشافها غيري **** أنا بشــــــــــــوفي عرفت أفهم معالمها
وقد قمت بالرد على قصيدة مشعل بهذه الابيات اقول فيها:
شكرا يا مشعل وهذه الابيات مساهمه مني وعذرا على التقصير
يســـــــتاهل أبو طارق المدح والتقدير **** وتشكر يا مشعل على ذي القـــصيده
المدح بأبو طـارق اكيد إن فيه تقصير **** رجل على الطولات معروف ســـيره
إذا حميت الهيجــــــــا تلقاه كالطير **** ياقف مع المظـــــلوم ويصبح عضـيده
صقــر عزيز النفس فعّـــــال للخير **** يامـــــر وينهى والمراجل تطــــــــــيعه
ماهو من اللي يكــــثر القــول ثرثير **** لا قــــــال يفعل والمكارم تجي لـــــــه
ويخـــــاف رب مسير الكون تسيـير **** يا جعـــــــل ربي بكل أمـــــره يعينه
إن هذه القصه هي واحدة من القصص المثيره التى مر بها ابو طارق وجيله ، فهم حقا جيل يستحقون الوقوف اجلال لهم لانجازاتهم وكفاحهم وصبرهم فعليهم وبهم بعد توفيق الله قامت اهم الدعائم الاقتصاديه لهذا البلد المعطاء. سوف احاول ان احصل على المزيد من القصص لهؤلاء العظام وسازودك عزيزي القارء بما استطيع جمعه واعدك ان تجد منها الكثير في كتاب انوي ان اقوم بجمعه وطبعه واسميته عظماء من بلدي ولن اكتفي بسرد السير الذاتيه لهؤلاء الاشاوس ولكن سازودكم بإذن الله وتوفيقه بشيئ من آثارهم واصور لكم خطاهم الخالده على طريق المجد .
نكتفي بهذا القدر والى لقاء قريب مع قصة جديده
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته الدكتور / محمد بن حمد خليص الحربي كاتب سعودي
|
وأتــــمنى من ولد العم / سعـــود بتصحيــح المصدر الذي أتى منه بالقــصة,,والتصحيح لا ينقص من قيمة أي من الرجلين فكلاهما أفذاذ وبداآ من الصــفر..