أخواني أعضاء منتدى قبيلة الدواسر
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إليكم مقدمة كتاب المدون من قصص الدواسر
المقدمة
الحمد لله الذي بفضله تتم الصالحات والصلاة والسلام على نبينا محمد صاحب المعجزات وعلى آله وصحبه الطيبين والطيبات ، أما بعد:
فهذا الكتاب الذي بين يديك ـ أيها القارئ الكريم ـ والذي أسميته (المدون من قصص الدواسر) عبارة عن بعض ما وقع تحت يدي ونظري من القصص المدون عن قبيلة الدواسر سواء كان المصدر كتابا أو دورية (مجلة ـ جريدة ), أما الغير مدون وهو كثير فيحتاج إلى مزيد بحث وتقصي وجولات ميدانية والأخذ من أكثر من مصدر لتحري الحق وهو ما لا أستطيعه في الوقت الراهن, ولعل أبناء القبيلة يسعون في نشر ما لديهم من قصص ومآثر عن قبائلهم ليعم بها النفع .
ورأيت الاهتمام بهذا الجانب لما للقصص ـ التي تعنى بمكارم الأخلاق ـ من أثر في تهذيب السلوك وترقيق الطباع واستنهاض الهمم لفعل الخير واجتناب الشر .
ولما للقصة أيضا من أثر في إبراز القيم المعنوية في صورة ملموسة ومحسوسة واقعية , تهدف من خلالها إلى تأصيل الفضائل والحث عليها , وتقبيح الرذائل والصد عنها وتحبب للنفوس فعل المكارم واجتناب المعايب .
كما وأن شرعنا الحنيف قد أمرنا بالتحلي بمكارم الأخلاق, بل ما بعث الرسول صلى الله عليه وسلم إلا من أجل تحصيلها كما قال في الحديث : ( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ) (1), وتقول خديجة رضي الله عنها في وصف أخلاق سيد الخلق عليه أفضل الصلاة والسلام : (إنك لتصل الرحم , وتحمل الكلَ , وتُكسب المعدوم , وتُقري الضيف , وتُعين على نوائب الحق ) (2).
وتتجلى أنواع المكارم وأهميتها في قصة سفانة ابنة حاتم الطائي, فقد قامت وهي ضمن سبايا طيء فقالت : (يا محمد هلك الوالد , وغاب الوافد, فإن رأيت أن تخلي عني ولا تشمت بي أحياء العـرب, فإن أبـي يفـك العاني , ويحمي الذمـار,
ويقري الضيف, ويشبع الجائع ,ويفرج عن المكروب, ويطعم الطعام ,ويفشي السلام
لم يردد طالب حاجة قط , أنا ابنة حاتم الطائي, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا جارية هذه صفة المؤمن , لو كان أبوك مسلماً لترحمنا عليه, خلوا عنها فإن أباها كان يحب مكارم الأخلاق )(3).
وحصرت الصديقة بنت الصديق عائشة بنت أبي بكر رضي الله عنهما مكارم الأخلاق بقولها : (مكارم الأخلاق عشر : صدق الحديث ,وصدق البأس , وأداء الأمانة , وصلة الرحم , والمكافأة بالصنيع , وبذل المعروف , والتذمم للجار , والتذمم للصاحب , وقرى الضيف , ورأسهن الحياء )(4)
وهذا الكتاب يشمل على بعض المدونات من قصص وشيم قبيلة الدواسر, وفكرته كانت تراودني منذ فترة طويلة فأخذت اجمع كل ما رأيته يناسب الموضوع مما وقع تحت يدي من كتب أو دوريات حتى توفر لي ما أمكن نشره , ولعل ما بقي يأتي تباعا في الطبعات اللاحقة .
وحرصت على اشتمال ا لقصص على مكارم الأخلاق وما كان فيها عبرة وعظة وطرفة أو مداعبة لطيفة أو حادثة تاريخية ما عسى أن يكون نبراسا يحتذي به الأبناء من مآثر الأباء والأجداد التي من الممكن الإتيان بها كما أتى بها أسلافهم القريبين , وتجنبت ما من شأنه إثارة النعرات والفتن فالهدف أسمى .
ومن تلك الأخلاق الكرم والشجاعة والنخوة وحسن الجوار والوفاء والعفو والسماحة وإغاثة الملهوف وإعانة المسترفد وحماية المستجير والصدق وغيرها .
وقد أوردت مراجع القصص من باب الأمانة العلمية وإرجاع الفضل لأهله ,وإبراء للذمة وخروجا من العهدة , وقمت باختيار أصـح الروايـات حسب معرفتـي , مع
تعديل الأخطاء التي لا يخلُ منها أي جـهد بشـري سواء في المفردات أو في أبيـات وأوزان القصائد, وأعدت صياغة وكتابة بعض القصص إن لزم ذلك, كما شرحت الألفاظ الغريبة والغير مستعملة في هذا الوقت , وأضفت نبذة مختصرة عن القبيلة للتعريف بها قبل الحديث عن مآثرها وقصصها .
كما أحـب أن أشـير إلى أن القـصد ليس ذكـر قصـص قبيلة من قبائل الدواسر دون أخرى , وإنما القصد البحث عن الفعل الحميد المدون الذي نتأسى به ونستفيد منه وهو المطلوب مع نسبة الفعل لأصحابه من باب إحقاق الحق , وليس يعني هذا أن بقية القبائل ليس لها أفعال ولكن هذا ما وجدت من مدونات, ولعل أبناء القبائل الإسراع بتدوين قصصهم وأخبارهم التي نشتاق إلى معرفتها فالهدف مشترك , وهي بالجملة إرث لجميع أبناء القبيلة الأم.
أخيرا هذه قصص قوم رحلوا ولكن بقي لنا منهم عبق ذكراهم العطرة لتكون لنا عبرة ونبراسا يحتذي به , فهي ماض مجيد لهم وحاضر مشرق ومزهر لأبنائهم .
وقد قيل أمة بلا ماض ,لا حاضر لها, ولا يمكنها استشراف مستقبلها .
وصدق الشاعر الكبير أحمد شوقي في قوله :
وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت = فإن همُ ذهبت أخلاقهم ذهبوا
كما لا يسعني إلا أن أشكر كل من سبقني في حفظ تراث القبيلة وهم :
الأديب الشاعر محمد بن مشعي آل صالح غفر الله له صاحب كتاب الكنوز الشعبية, والشاعر محبوب بن سعد الفصام مؤلف كتاب من أشعار الدواسر , والشاعر المعطاء عبدالله بن حمير آل سابر مؤلف سلسلة واحة الشعر الشعبي , والشاعر مبارك بن سيف آل حميد مؤلف كتاب رياض من الأدب الشعبي , والإستاذ عبدالله بن مبارك النادر مؤلف كتاب نظم الجواهر , والشاعر متعب بن محمد آل عمار مؤلف كتاب ديوان شعراء قبائل آل عمار,والشاعر ماجد بن جفيران الحقباني مؤلف كتاب الحقبان بين التأريخ والأدب, وغيرهم ممن حفظ تراث القبيلة من غير أبناءها .
وبعد ذا , أشكر الله عز وجل على ما أنعم عليّ , داعياً المولى أن ينفع بهذا الكتاب ,وأن يكون حديث سمر ورفيق سفر, وحسبي أني سعيت وليس للإنسان إلا ما سعى ,وقد قصدت وجه رب كريم , وخدمة لأبناء قبيلتي ,وحثاً على مكارم الأخلاق , فإن كنت أخطأت أو قصرت في شيء فحسبي أنني بذلت ما وسعني من جهد , ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها, وإن أصبت ووفيت فله الحمد أولاً وآخراً....
وكتبه
محبكم أبو عبد الله
مسفر بن محمد الشرافي الدوسري
الهوامش
ـــــــــــــــــــــــــــ
(1) رواه الحاكم وغيره وصححه الألباني في الصحيحة برقم 45.
(2) متفق عليه .
(3) كنز العمال (3/663).
(4) كنز العمال(3/666)[/color][/font][/size]«®°·.¸.•°°·.¸¸.•°°·.¸.•°®»[/font]