أبدوا إنسانية كبيرة على أطفال لبنان
لماذا لم يبك العرب على أطفال الكويت والأكراد؟!!.
كان الفنانون العرب في الحرب الإسرائيلية على لبنان يخرجون على الشاشات وهم يبكون ويصرخون حزنا على الأطفال اللبنانيين. من منا لم يشعر بذلك؟!. وبين وقت وآخر يعبرون عن غضبهم لم يحدث لأطفال العراق. هذا شيء إنساني ولا أعرف أحدا لا يتألم للعراقيين. إن منظر الدماء والأشلاء مؤلمة جدا للشعور الإنساني، ولكن للأسف أن هناك مناظر للجثث والأشلاء دون غيرها هي تجعل الفنانين يشعرون بالغضب. هذا مؤسف جدا. الفن يمثل الوجه الإنساني للحياة، ولكن الفنانين يتمتعون بإنسانية إنتقائية. صلاح السعدني يشتم اسرائيل في كل وقت لإرتكابها المجازر في فلسطين ولبنان وهو محق في ذلك، ولكنه ولا مرة واحدة أبدى غضبه على المجازر التي حدثت في عهد صدام حسين وذهب ضحيتها الكثير من الأطفال. الكثير من المقابر الجماعية اكتشفت في العراق ومع ذلك ما زالت الفنانة رغدة تتمنى أن يعود من جديد صدام حسين وهي التي كانت تزوره عندما كان رئيسا في الوقت الذي كان الكثير من العراقيين يفرمون في آلات كبيرة لفرم البطاطا . الاخوة الكويتيون تعرض بلدهم للإنتهاك وتم تشريدهم وقتلهم (من بينهم فنانون - مؤخرا تم اكتشاف جثمان الشاعر الغنائي المعروف فائق عبدالجليل) ولم يوجد أي فنان من الفنانين الذين يصرخون في الفضائيات أبدى قدرا ضئيلا من الإنسانية، وكأن الكويتيين ليسوا بشرا. في المحاكمة الحالية لصدام سمعنا الكثير من الفظائع التي قام بها نظامه في حق الأكراد (علي أذكر الفنانين أن الأكراد بشر وليس جرادا) الذين تم رشهم بالمبيدات وجمدوا الدم في عروق الأطفال. من حق الفنانين أن يشتموا اسرائيل لما تفعله في فلسطين ولبنان (وليس فقط هم من يفعلوا ذلك)، ومن حقهم أن يشتموا أمريكا لما تفعله في العراق (الفنانون الأمريكيون سبقوهم لذلك- شون بين وجورج كلوني مثلا)، ولكن الفرق بينهم وبين هؤلاء الفنانين أنهم يشعرون بكراهية للموت والظلم لجميع البشرية وليس لجنس من البشر دون غيرهم. إن ما يحرك الفنانين العرب ليس إنسانيتهم المفرطة تجاه العذاب البشري ولكنها الأيديولوجية المقيتة التي تجعلهم يبكون أطفال لبنان لأن اسرائيل هي من تقوم بقتلهم ويسكتون عن قتل الأطفال العراقيين والكويتيين فقط لأن أيديولوجيتهم المقيتة تمنعهم من انتقاد أفعال أحد أبطالهم بل على العكس التهليل له .
في الحقيقة إن الفنانين العرب في غالبيتهم لم يبدوا خلال مشوارهم الطويل أي قدر من الحرية والإستقلالية والدفاع عن كرامة الإنسان داخل أوطانهم بل في الغالب مثلوا أبواقا لحكومات استبدادية قمعت شعوبها وأذلتها وأفقرتها. دريد لحام مثلا يظهر في مسرحياته في دور الفنان المناضل لكنه على أرض الواقع لم يقم بأي جهود حقيقية تعكس رؤيته الفنية التي يتضح مدى زيفها .
لا نريد أن نلوم الفنانين وندفعهم للمواجهة فهم في النهاية بشر ويؤثرون السلامة، ولكن أقل ما يفعله إنسان أن يتألم لسحق كرامة إنسان أي كان وطنه ولونه ودينه، وهذا ما يفعله الفنانون العرب فقط إذا كان ذلك يناسب أهواءهم السياسية.
بقلم : ممدوح المهيني