المتنبي...! - ::: مـنتدى قبيلـة الـدواسـر الـرسمي :::

العودة   ::: مـنتدى قبيلـة الـدواسـر الـرسمي ::: > :::. أقسام ( دغــش الــبـطــي) الأدبـيـة .::: > :: قسم قصــه و قـصيــده ::

إضافة رد
انشر الموضوع
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 03-02-2012, 04:21 AM   #1
 
إحصائية العضو







إعلامي الدواسر غير متصل

إعلامي الدواسر is on a distinguished road


افتراضي المتنبي...!




السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

..المتنبي...



سيرته الذاتية





.
.
.


هو أبو الطيب احمد بن الحسين المعروف بالمتنبي من اصل عربي ينتهي إلى كهلان من القحطانية. ولد في الكوفة سنة 915 من أسرة فقيرة في محلة تدعى "كندة" فنسب إليها، وكان أبوه سقاء في الكوفة يستقي على جمله لأهل محلة كندة ويعرفه القوم بعبدان السقاء، والمرجح أن أمه ماتت وهو طفل، فقامت له جدته مقام الأم.
ونشأ الفتى في الكوفة، أحد مواطن الحضارة العباسية وأهم موطن للشيعة ، وما لبث أن اشتهر بقوة الذاكرة وشدة النباهة والذكاء، والجد في النظر إلى الحياة، والمقدرة على نظم الشعر.
وفي سنة 925م استولى القرامطة على الكوفة، ففر الشاعر مع ذويه إلى السماوة الشرقية، ومكث فيها سنتين اختلط خلالهما بالبدو حتى تمكن من ملكة اللغة العربية الأصيلة؛ ثم عاد إلى الكوفة سنة 927م، واتصل بأحد أعيانها أبي الفضل الكوفي. وكان أبو الفضل قد اعتنق مذهب القرامطة فتشرب الشاعر المذهب القرمطي.
ثم قدم سيف الدولة إلى انطاكية سنة 948 وبها أبو العشائر الحمداني ولديه المتنبي يمدحه، فقدمه إلى سيف الدولة وأثنى عليه. وكان سيف الدولة عربياً يملك على حلب منذ سنة 944، وكان محباً للأدب وأصحابه، يجمع في بلاطه عدداً كبيراً من الأدباء والشعراء حتى قال ابن خلكان: "يقال انه لم يجتمع بباب أحد من الملوك؛ بعد الخلفاء، ما اجتمع ببابه من شيوخ الشعر، ونجوم الدهر". فضم سيف الدولة الشاعر الجديد إليه، ورجع به إلى حلب، فنال المتنبي لديه حظوة كبيرة، وصحبه في بعض غزواته وحملاته على الروم والبدو. فمدحه بقصائد مطولة خلدت ذكره .. حتى قيل "لولا أبو الطيب لما كان سيف الدولة الحمداني , ولولا سيف الدولة لما كان أبو الطيب" .. ومما قاله في مدح سيف الدولة قوله .. :





تعرض سيف الدولة الدهـر كلـه
يطبـق فـي أوصالـه ويصمـم

فجاز له حتى على الشمس حكمه
وبان له حتى على البـدر ميسـم

كأن العدى في أرضهـم خلفـاءه
فإن شاء حازوها وإن شاء سلموا

فلم يخل من نصر ٍ له من له يـد
ولا يخل من شكر ٍ له من له فـم





وقد لاقت نفسية الشاعر احسن ملاءمة مع نفسية الامير، فكانت تلك الحقبة أطيب حقبة في حياة المتنبي وأخصبها، فقد حاز لدى سيف الدولة من الإكرام ما لم يحزه شاعر آخر، وطار له في الشعر صيت طوى البلاد؛ ولكن كثر من جراء ذلك حساده؛ وراحوا يرمونه بالوشايات وهو يقاومهم بعنف وكبرياء، حتى نغصوا عليه العيش؛ وقد لاحظ في آخر عهده عند سيف الدولة جفوة من الأمير وانحرافاً، إذ جرت في حضرته مناظرة بين الشاعر وابن خالويه أدت إلى المهاترة والغضب، وضرب ابن خالويه الشاعر بمفتاح شج به رأسه؛ فغادر المتنبي حلب وفي نفسه حنق جبار وحزن أليم عميق على فردوسه المفقود.

وقال حينها قصيدته الشهيرة .. والتي مطلعها ..





واحر قلباه ممن قلبـه شبـم
ومن بجسمي وحالي عنده سقم





حتى قال مخاطبا سيف الدولة ..





يا أعدل الناس إلا في معاملتـي
فيك الخصام وأنت الخصم والحكم

إن كان سركمُ ما قال حاسدنـا
فما لجـرح ٍ إذا أرضاكـم ألـم



ولما ألقى قصيدته هذه أضطرب مجلس سيف الدولة نتيجة لأحد أبياته التي قدم بها نفسه على جميع من بالمجلس بمن فيهم سيف الدولة حين قال ..





سيعلم الجمع ممن ضم مجلسنا
بأنني خير من تسعى له قـدم




وعندما فرغ من هذا الفخر , وتقديمه لنفسه عجب أهل المجلس وضاقوا .. لأن سيف الدولة نفسه لم ينكر عليه قوله .. فقال كاتب من كبار كتاب سيف الدولة واسمه أبو الفرج السامري : دعني أسعى في ذمه (يخاطب سيف الدولة) ولذلك خاطبه بعدها أبو الطيب المتنبي قائلا .. :





أسامـريٌ ضُحكَـةَ كـل راءِ
فطنت وكنت أغبـى الأغبيـاءِ

صغرت عن المديحِ فقلت أهجي
كأنك ما صغرت عن الهجـاءِ

وما فكرت قبلك فـي محـال ٍ
ولا جربت سيفي فـي هبـاءِ




ثم توجه الشاعر إلى دمشق ولكنه لم يلبث فيها طويلاً، واتى الرملة بفلسطين، فسمع كافور الإخشيدي بأخباره فطلبه. وكان كافور عبداً زنجياً.
وقصد المتنبي الفسطاط عاصمة مصر الاخشيدية إذ ذاك ومدح كافوراً فوعده بولاية طمعاً في إبقائه بالقرب منه؛ ورأى المتنبي في ذلك الوعد تحقيقاً لأحلامه في السيادة التي لم تبارحه سحابة حياته حيث كان يرى نفسه أهلا لأن يعلو على الشعراء أمثاله وألا يساوى بهم وأراد أيضا بنيله للمنتصب هذا وسيلة لقهر حساده؛ وانقضت سنتان والوعد لا يزال وعداً فأستمر المتنبي بتذكير كافور لتحقيق حلمه فخاطبة مرة قائلا .. :





أبا المسك هل في الكأس شيء أناله
فإني أغني منـذ حيـن ٍ وتشـرب





ولكن كافور أكتفى بعد هذا الخطاب بمعاملة المتنبي معالمة الصديق القريب .. ولكن المتنبي لم يقنع بهذا التقريب فغايته بالإمارة فناداة مرة آخرى قائلا .. :





وهل نافعي أن ترفع الحجب بيننا
ودون الذي أملت منـك حجـاب





ولكن كافور أستمر بخذلانه .. فناداة تصريحا فقال .. :





وفي النفس حاجات وفيك فطانة
سكوتي بيان عندها وخطـاب





فهو يشير إليه أن سكوته أبلغ من كلامه بطلبه للولاية المؤمل عليها .. ولكن كافور مع كل هذا لم يفِ بوعده ، فشعر أبو الطيب بمكر كافور وتبين حيلته، فانحاز إلى قائد اخشيدي اسمه أبو شجاع فاتك لقي منه حسن التفات واخلاص ومودة، إلا أن الحظ لم يمتعه به طويلاً، فمات أبو شجاع فجأة وترك للشاعر لوعة واحتداماً، وقد عزم أن يهرب، ولكن كافوراً مانعه في ذلك وضيق عليه، خشية من لسانه وهجائه؛ وفي سنة 962 سنحت الفرصة فهرب المتنبي، وهجا كافوراً هجاء ضمنه كل ما في نفسه من مرارة واحتقار.


فقال من جملة ما قال .. وقد رأى شقوق برجله .. :





أمينا وإخلافـا وغـدرا وخسـةً
وجبنا أشخصا لحت لي أم مخازيا

وتعجبني رجلاك في النعل إننـي
رأيتك ذا نعل ٍ إذا كنـت حافيـا

ولولا فضول الناس جئتك مادحا
بما كنت في سري به لك هاجيا

ومثلك يؤتى من بـلاد ٍ بعيـدةٍ
ليضحك ربات الحجـال البواكيـا




وقال يهجوه أيضا .. :





تشابهـت البهائـم والعبـيـدِ
علينـا والموالـي والصميـم

ومـا أدري أذا داءٌ حـديـثٌ
أصـاب النـاس أم داءٌ قديـم

حصلت بأرض مصر على عبيدٍ
كـأن الحـر بينهـمُ يتـيـم

كأن الأسـود اللابـيّ فيهـم
عـرابٌ حولـه رخـمٌ وبـوم

أخذت بمدحـه فرأيـت لهـوا
مقالـي للأحيمـق يـا حليـم




حتى ختم هجاءة ببيته المشهور الذي يقول فيه .. :





لا تشتري العبد إلا والعصا معه
إن العبيـد لأنجـاسٌ مناكيـد

والعبد ليس لحرٍ صالـحٍ بـأخٍ
لو أنه في ثياب الحر مولـود






وبعد هذا راح يضرب في البلاد، قاصداً العراق؛ وقد وصف رحلته هذه في قصيدة شهيرة عدد فيها الأماكن التي مر بها وختمها بهجاء كافور،
ثم قدم بغداد ومكث فيها نحو سنة التف حوله، في خلالها، جماعة من علماء اللغة والنحو كعلي البصري، والربعي، وابن جني، فشرح لهم ديوانه واستنسخهم اياه؛ ثم برح بغداد وقصد ابن العميد في أرجان، وكان ابن العميد وزير ركن الدولة البويهي، فانتهى إليه في شباط من سنة 965م. قدم الشاعر بغداد ومكث فيها نحو سنة التف حوله، في خلالها، جماعة من علماء اللغة والنحو كعلي البصري، والربعي، وابن جني، فشرح لهم ديوانه واستنسخهم اياه؛ ثم برح بغداد وقصد ابن العميد في أرجان، وكان ابن العميد وزير ركن الدولة البويهي، فانتهى اليه في شباط من سنة 965م ومدحه، ولبث عنده نحو ثلاثة أشهر، ثم انطلق إلي شيراز نزولا عند طلب عضد الدولة السلطان البويهي، ولقي حظوة كبيرة، ومدح السلطان بقصائد عدة، وفي شهر آب من سنة 965م غادره متشوقاً إلى بلاده، وودعه بقصيدة كانت آخر ما نظم، مطلعها:




فِدى لكَ مَن يُقَصِرُ عن مَداكا
فـلا مَلِـكٌ إذَنْ إلا فِـداكـا




مقتله


ترك المتنبي شيراز وعاد إلى ارجان، ووقف قليلاً في واسط بالعراق، ثم نوى الوصول إلى بغداد؛ فحـُذّر كثيراً من اللصوص الذين يكمنون في الطريق من واسط إلى بغداد إلا انه لم يصغِ إلى أحد .. وكان على طريقة بنو أسد قوم "ضبة" الذي هجاه المتنبي بقصيدته الشهيرة والتي قال فيها .. :





ما أنصف القوم ضبهوأمـه الطرطـبـه

ومن يبالـي بسـبٍإذا تعـود كسـبـه

فسل فؤادك يـا ضب أين خلّف عجبـه

وإن يخنك فعمـريلطالما خان صحبـه

وكيف ترغـب فيـهوقد تبينـت رعبـه

ما كنـت إلا ذبابـانفتـك عنـا مذبـه

إن أوحشتك المعاليفإنهـا دار غربـه

أو آنستك المخـازيفإنهـا لـك نسبـه

وإن عرفت مـراديتكشفت عنك كربـه

وإن جهلت مـراديفإنـه بـك أشبـه




فنصحوه بإن يتقي شر بنو أسد الذين ينوون به السوء بعد القصيدة السابقة .. فقال في تيه وتعالي .. "والله لو كان بنو أسد ظمأى لخمس ، ونهر الفرات يتقلب كبطون الحيات ، ورأى بنو أسد عصاي على الماء ما وردوه"


فخرج بطريقة ولم يأبه بتحذيرهم له وسار مع ابنه وبعض غلمانه، فعرض له فاتك بن جهل الأسدي في جماعة، وكان فاتك هذا خال "ضبه" وكان من أشداء العرب وكان قد غضب غضبا شديدا على تعرض المتنبي لأخته أم ضبه بقصيدته السابقة فأقسم أن يقتله وطال به الوقت وهو يبحث عنه حتى علم بقدوم المتنبي على بادية بني أسد فخرج إليه وعندما ألتقوا وإذا بجمع فاتك الأسدي يفوق جمع المتنبي وأبنه وغلمانه فأراد المتنبي الفرار فقال له غلامه .. أتهرب وأنت القائل .. :





الخيل والليـل والبيـداء تعرفنـي
والرمح والسيف والقرطاس والقلم




فعاد المتنبي إلى المواجهه على علمه بقتله فقال لغلامه .. "أنت قاتلي" .. فعاد إلى أرض المعركه فشد على القوم فظفر به فاتك الأسدي وشد عليه فقتله وقتل ابنه وغلمانه


فتناثر ديوانه الذي خطه بيده على الأرض التي قتل فيها، وذلك في سنة 965م بعد حياة حافلة بالطموح والفشل.











صفات المتنبي



تحلى شاعرنا أبو الطيب المتنبي بالعديد من الصفات التي ميزته عن أقرانه وأقامته بعلو عنهم .. ومنها : أنه كان متعاليا معتزا بنفسه لا يرى أن غيره أهلا لأن يقارن به بل وكان يمتدح السلاطين والامراء ثم يعود ليمدح نفسه ويبجلها ويعليها .. ومن ذلك قولة وهو بمجلس سيف الدولة الحمداني ..





سيعلم القوم ممن ضم مجلسنا
بأنني خير من تسعى له قدوم





وكان يرى أنه أهل لكل تكريم ومستحق للأماكن العليا وهذا الأمر هو ما دعاه إلى آخر حياته للركض وراء الولايه وطلبها بشغف لأنه وكما قلنا كان يرى أنه بمكان قصي عن باق الشعراء ومكانته تفوق مكانتهم .


ومن صور تعاليه أن غير الكثير من المفاهيم والعادات التي كانت سائده .. فقد كان ديدن الشعراء عند إلقاءهم للقصائد أمام الأمراء والوزراء أن ينحني ليلصق وجهه بالأرض قبل البدء ثم يذكر قصيدته واقفا بيد أيدي الممدوح .. ولكن المتنبي أشترط على سيف الدولة غير ذلك ولم يقم نفسه بإنزال رأسه للأرض عند إلقاء الشعر .. وأشترط أيضا أن يلقي قصيدته وهو جالسا مستريحا


ومن صور تعاليه أيضا أن كان على ثقه بجودة وسبقه بالشعر ومن ذلك قولة ..





أَنا الَّذي نَظَرَ الأَعمَى إلى أَدَبي
وأَسمَعَتْ كَلِماتي مَن بِهِ صَمَمُ

أَنامُ مِلءَ جُفُوفي عن شَوارِدِها
ويَسْهَرُ الخَلْق ُ جَرَّاها ويَختَصِمُ




وكان على ثقه أيضا من فروسيته وبطولته .. ومن ذلك البيت الذي قتله وهو قوله ..





الخَيْلُ واللّيـلُ والبَيـداءُ تَعرِفُنـي
والسَيفُ والرُمْحُ والقِرطاسُ والقَلَمُ





ومنه أيضا قوله بالتعبير عن الشجاعه والإستهانه بالموت .. :





تمرسـت بالآفـات حتـى تركتـهـا
تقول : أمات الموت أم ذعـر الذعـرُ

وأقدمـت إقـدام الأتـي كـأن لــي
سوى مهجتي أو كان لي لي عندها وترُ




ومنه أيضا بيته الذي بين به حبه وشغفه بالحرب .. وتشبيهه بأن الحرب أمه والسيف أباه والرمح أخاه في قوله .. :





وإن عمرت جعلت الحرب والدةً
والسمهريّ أخا والمشرفيّ أبا





ومن صور إرتباطه بالسيف وربط المجد به أيضا قوله .. :





ولا تحسبن المجـد زقـا وقينـه
فما المجد إلا السيف والفتكه البكر





ومنه أيضا قوله بالترغيب بالموت بساحات القتال في قوله .. :





وإذا لم يكن من الموت بد
فمن العجز أن تموت جبانا





ومن صور شجاعته أيضا قوله بالدعوة إلى الحفاظ على العز والفخر بحد السيف ..





لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى
حتى يراق على جوانبـه الـدم




وعلاوة على ذلك أيضا إعتزازه القوي بنسبه وأصله رغم أن أباه كان سقاءا بسيط الحال .. ومن ملامح إعتزازه بنسبه قوله .. :





أنا ابن من بعضه يفوق أبا ال
باحث والنجل بعض من نجله





ومنه أيضا قوله في والدته .. وقيل يقصد جدته قوله .. :





ولو لم تكوني بنت أكرم والـدِ
لكان أباك الضخم كونكِ لي أمّا




ومنه أيضا قوله في مدح قومه .. :





وإني لمن قومٍ كـأن نفوسهـم
بها أنفٌ أن تسكن اللحم والعظما





ولكنه ولتعاليه أيضا يعود ليمتدح نفسه من بين قومه الذين يطلب الناس العزة بهم .. فيقول .. :





لا بقومي شرفت بل شرفوا بي
وبنفسي فخـرت لا بجـدودي

وبهم فخر كل من نطق الضـا
د وعوذ الجاني وغوث الطريدِ




ومن صور إعتزازه أيضا إدعاه ببعده عن النقص .. فهو يوهم بكماله ومنطلق ذلك من تعاليه الكبير .. حيث يقول لحساده .. :





ما أَبعَدَ العَيْبَ والنُقصانَ من شَرَفي
أَنا الثُرَيَّـا وَذانِ الشَيـبُ والهَـرَمُ




ومن صفاته التي ميزته أيضا أن كان حكيما عاقلا .. ملما بأخبار السابقين والأولين .. ولعل كل ذلك أجتمع له من تنقلاته وأسفاره الكثيره فحبه للولاية كما ذكرنا سابقا دعاه للتنقل بين البلدان ودعاه لكثرة الإختلاط بالأمم .. ويثبت لنا كل هذا أبياته الممتلئه حكمة والتي سارت مع الركبان وأتخذت أمثالا .. وكما ذكر عائض القرني .. فيكفي المتنبي شرفا على غيره أن كانت أكثر من 500 بيت من أبياته يتناقلها الوزراء والأمراء .. ومن أشعاره وحكمة التي غدت فيما بعد أمثله وشواهد .. قوله .. :





إذا أنت أكرمت الكريم ملكته
وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا





وقوله .. :





من يهن يسهل الهوان عليه
مـا لجـرح بميـت إيـلام




وقوله .. :





ومن نكد الدنيا على الحر أن يرى
عدوا له ما مـن صداقتـه بـد





وقوله .. :





فلا مجد في الدنيا لمن قل ماله
ولا مال في الدنيا لمن قل مجده





وقوله .. :





ذو العقل يشفى في النعيم بعقله
وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم





وقوله .. :





إذا رأيت نيوب الليث بارزة
فلا تظنن أن الليث يبتسم





وقوله .. :





وإذا أتتك مذمتي من ناقصٍ
فهي الشهادة لي بأني كامل




وقوله .. :





وإذا كانت النفوس كبارا
تعبت في مرادها الأجسام




وقوله .. :





بذا قضت الأيام ما بين أهلها
مصائب قومٍ عند قومٍ فوائدُ




وقوله .. :





لا تعذل المشتاق في أشواقه
حتى يكون حشاك في أحشائه





وقوله .. :





على قدر أهل العزم تأتي العزائم
وتأتي على قدر الكرام المكارمُ





وقوله .. :





الرأي قبل شجاعة الشجعانِ
هو أولٌ وهي المحل الثاني

فإذا هما أجتمعا لنفسٍ حرة
بلغت من العياء كل مكـانِ




وقوله .. :





كفى بك داءا أن ترى الموت شافيا
وحسب المنايـا أن يكـنّ أمانيـا




وقوله .. :





ما كل ما يتمنى المـرء يدركـه
تجري الرياح بما لا تشتهي السفن





وقوله .. :





أعز مكانٍ في الدنى سرج سابحٍ
وخير جليسٍ في الزمان كتـاب




إلى آخر الأبيات التي سارت مع الركبان وتناقلتها الأخبار وأستشهد بها بكل مقال .. والحديث عن الحكمة والمثل في شعر المتنبي بلا مدى ولكن حسبنا بذلك أن أوردنا شواهد عليه ..


مساوئ المتنبي


لا شك أنه ما من إنسان مجرد من العيوب والنقائص .. وأن لا أحد يصل إلى الكمال .. فلا بد من نقص وتقصير .. ولا بد من زلل وخطأ .. وصدق الشاعر إذا يقول .. :





من ذا الذي ترضى سجاياه كلها
كفى المرء نبلا أن تعد معايبه





ومع شده إعجابي بشعر المتنبي .. إلا أن نتاج المتنبي الأدبي تعرض أيضا لما يسوءه ويشوبه من عدة وجوه ..


فـ من الوجه الأول أن عيب على المتنبي كونه يبالغ بالمدح لدرجة تأليه الممدوح .. ويعليه عن أنسانيته ويبرز له من الخصائص ما لا يمكن تصورها إلا للإله جل في علاه ..


ومن ذلك قوله ما دحا "جعفر بن كيغلغ" .. :





يا من ألوذ بـه فيمـا أؤملـه
ومن أعوذ بـه ممـا أحـاذرهُ

لا يجبر الناس عظما أنت كاسره
ولا يهيضون عظما أنت جابـرهُ




ويروى أن أبن تيمية -رحمه الله- كان يقول ما معناه أنه يذكر هذان البيتان وهو في سجوده تضرعا بهما لله .. لعلمه أن مثل هذه المعاني لا تصح إلا لله تبارك وتعالى


.
.
.


ومما أخذ على المتنبي كونه كثير الإنتحال بالأشعار لمعاني الآخرين .. حتى يروى أنه سرق المعاني من أكثر من 40 شاعرا .. وأختص بالسرقة التامه من أشعار "أبو تمام" .. و .. "البحتري" .. ويروى أنه عندما قتل على يد فاتك الأسدي وجد بحوزته ديوانا أبو تمام والبحتري ووجدوا على الحواشي علامه على كل بيت تمت سرقته وسلخ معناه ..


ومن شواهد ذلك .. قول المتنبي .. :





أرى الصبح فيها منذ فارقت مظلما
فإن أُبت صار الليل أبيض ناصعـا





والذي قد أخذه من قول أبو تمام .. :





وكانت وليس الصبح فيها بأبيضٍ
وأضحت وليس الليل فيها بأسودِ



ومنه أيضا قول المتنبي .. :





وعظم قدرك في الآفاق أوهمني
أني لقلة مـا أثنيـت أهجوكـا




والذي أخذه من قول البحتري .. :





جل عن مذهب المديح فقد كا
د يكون المديح فيك هجـاء




ومنه أيضا قول المتنبي .. :





كأن بنات نعشٍ في دجاها
جرائد سافراتٍ في حـدادِ




والذي أخذه من قول الرقي .. :





كأن بنات نعشٍ حين لاحت
نوائح واقفاتٍ فـي حـدادِ





إلى آخر الأبيات التي أحصيت بالكثير من كتب النقد ككتاب "المتنبي وشوقي وإمارة الشعر" لـ عباس حسن .. وكتاب "الكشف عن مساوئ المتنبي" للصاحب


ويبقى القول كما قيل سابقا أن هذه النقائص لا تسقط من قدر المتنبي بل "كفى المرء نبلا أن تعد معايبه" .






المتنبي مصاب بمرض الإكتئاب وبداء العظمة


ومن طريف ما قرأت عن المتنبي بحث نشر بالمجلة العربية أجراه الدكتور :وليد خالد عبد الحميد
عضو الكلية الملكية للطب النفسي (MRCPsych)
والذي شرح به شرحا مطولا أثبت فيه مجتهدا صحة أقوال "طه حسين" بكون المتنبي كان مصابا بمرض "الأكتئاب النفسي" والذي ذكره بكتابه المشهور "مع المتنبي" .. وكان الدكتور وليد قد شرح الموضوع شرحا مستقصيا مستعينا بأبياته الوارده بديوانه والتي دلت على كون المتنبي لم يضحك بحياته أبدا فيما يروى إلا مرة واحده وذلك في شبابه حين مر برجلين قتلا جرذا وأخذا يفتخران بضخامة جسمه حين قال:




لقد أصبح الجرذ المستغير
أسير المنايا صريع العطب
رماه الكناني والعامـري
وتلاه للوجه فعل العـرب





وفيما يلي سأورد بحث الدكتور وليد خالد عبدالحميد سالف الذكر وما سيضرنا بذلك شيء إن شاء الله تعالى إن صدقت نتائج البحث أم لا .. ولكن المقصد من وراء ذلك الإحاطة بهذا الخصوص ليس إلا ..


وبهذا البحث يقول الدكتور وليد .. :



إن من أشهر قصائد المتنبي هي تلك التي وصف فيها مرضه وهو في مصر. ومع أن العديد من شراح المتنبي يظنون بأنه كان يصف مرض الحمى غير أن عميد الأدب العربي طه حسين قد أكد في كتابه "مع المتنبي" بأن المتنبي كان إنما يصف اكتئابه وليس الحمى حين قال (8):




وملني الفراش وكان جنبي
يمل لقاءه في كـل عـام
قليل عائدي سقـم فـؤادي
كثير حاسدي صعب مرامي
عليل الجسم ممتنع القيـام
شديد السكر من دون المدام



ويناقش المتنبي رأي الطبيب الذي كان يظن بأن علته جسمية فيقول:




يقول لي الطبيب أكلت شيئا
وداؤك في شرابك والطعام
وما في طبه أنـي جـواد
أضر بجسمه طول الجمام



ثم إنه ليس هناك رواية موثوقة ومفصلة عن سيرة حياة المتنبي والمصدر الوحيد الذي يمكن الوثوق به هو ديوان شعره (4). لذلك فقد أستخدمت شعر المتنبي الذي كتبه طيلة فترة بلوغه حتى مقتله عن عمر يناهز الواحدة والخمسين. وفي هذا الشعر تسجيل دقيق لمشاعر وخلجات نفس المتنبي خلال حياته ولقد أستخدمت هذا الشعر كبديل لكتب السيرة التي أستخدمها بوست في دراسته للأدباء الغربيين (1).
في هذا البحث قمت بجرد أبيات ديوان شعر المتنبي بحثا عن الأعراض الاكتئابية. ولقد استخدمت لهذا الغرض معايير أعراض مرض الاكتئاب الرئيسية في ملزمة الإحصاء والتشخيص الأمريكية-(إصدار 4 ) (DSM-IV) (9). ولكن وكما هو مفهوم فلم يمكن الالتزام بشرط الملزمة الأمريكية التي تستلزم وجود خمسة من هذه الأعراض على الأقل خلال فترة معينة (أسبوعين) لصعوبة تحديد زمان قول القصائد المختلفة بهذه الدقة.

نتائج البحث-أعراض الاكتئاب في شعر المتنبي
لقد تم البحث عن 7 من 9 أعراض اضطراب الاكتئاب الواردة في ملزمة الإحصاء والتشخيص الأمريكية-4 (DSM-IV) آنفة الذكر في قصائد ديوان المتنبي وكانت نتائج البحث كالآتي:

( 1) اكتئاب المزاج أو هبوط الاهتمام أو السرور أغلب اليوم، تقريبا يوميا.





-أوحدنني ووجدن حزنا واحداً
متناهياً فجعلنه لـي صاحبـا
أضمتني الدنيا فلمـا جأتهـا
مستسقياً مطرت علي مصائباً








- تلج دموعي بالجفون كأنما
جفوني لعيني كل باكية خـد







-ولقد بكيت على الشباب ولمتي
مسودة ولماء وجهـي رونـقُ








-يضاحك في ذا العيد كل حبيبه
حذائي وأبكي من أحب وأنـدب








-أما في هذه الدنيا كريـم
تزول به عن القلب الهموم








أما في هذه الدنيا مكان
يسر بأهله الجار المقيم








-الحزن يقلق والتجمل يردع
والدمع بينهما عصي طيـع

( 2) انحصار كبير للاهتمام والاستمتاع بكل شيء ، أو في كل النشاطات لأغلب اليوم، وكل يوم تقريبا.





-إلى كم ذا التخلف والتوانـي
وكم هذا التمادي في التمـادي
وشغل النفس في طلب المعاني
ببيع الشعر في سوق الكسـادِ








-ضاق صدري وطال في طلب ال
رزق قيامي وقل عنـه قعـودي
أبـداً أقطـع البـلاد ونجـمـي
في نحوسٍ وهمتي فـي سعـودِ








-لم يترك الدهر من قلبي ولا كبدي
شيئـا تتيمـه عيـن ولا جـيـد
أ صخرة أنـا مالـي لا تحركنـي
هذي المدام ولا هـذي الأغاريـدُ








-هو الزمان مشت بالذي جمعـا
في كل يوم ترى من صرفه بدعـا
أن شئت مت أسفاً أوفأبق مضطربا
قد حل ماكنت تخشاه وقـد وقعـا

( 3) فقدان وزن أو كسب وزن بدرجة هامة ( مثلا لأكثر من 5% من وزن الجسم في الشهر )، عندما لا يكون هناك نظام غذائي متبع أو بنقص أو زيادة في الشّهية تقريبا يوميا.





-كفى بجسمي نحولاً أنني رجلٌ
لولا مخاطبتي إياك لم ترنـي








-شيب رأسي وذلتي ونحولي
ودموعي على هواك شهودي








-وخيال جسم لم يخل له الهوى
لحماً فينخله السقـام ولا دمـا








-وأني لأعشق من عشقكم
نحولي وكل امـرأ ناحـلُ








-مالي أكتم حباً قد برى جسدي
وتدعي حب سيف الدولة الأمم



( 4) أرق أو فرط النوم تقريبا يوميا.





-أرقٌ على أرقٍ ومثلي يـأرقُ
وجوى يزيد وعبـرةٌ تترقـرق
جهد الصبابة أن تكون كما أُرى
عين مسهـدة وقلـب يخفـق








-وملني الفراش وكان جنبي
يمل لقاءه فـي كـلِ عـامِ








-أرى العراق طويل الليل مذ نعيت
فكيف ليل فتى الفتيان في حلـبِ
فليت طالعة الشمسيـن غائبـة
وليت غائبة الشمسين لـم تغـبِ








-كأن سهاد الليل يعشق مقلتي
فبينهما في كل هجر لنا وصلُ








-بعيدة ما بين الجفون كأنما
عقدتم أعالي كل هدب بحاجب








-ليت الحبيب الهاجري هجر الكرى
من غير جرم واصلي صلة الضنى


( 5) هياج أو تخلف في النشاط الحركي النفسي تقريبا يوميا ( يمكن ملاحظته من قبل الآخرين).





-مفرشي صهوة الحصان ولكن
قميصي مسرودة مـن حديـد








-ألفت ترحلي وجعلت أرضي
قتودي والغريـري الجـلالا
فما حاولت في أرض مقاماً
ولا أزمعت عن أرض رحيلا
على قلق كأن الريح تحتـي
أوجههـا يمينـاً أو شمـالا








-دعوتك لما براني البلاء
وأوهن رجلي ثقل الحديـد
وقد كان مشيهما في نعال
فقد صار مشيهما في قيود



( 6) إعياء أو نفاذ الطاقة الجسمية يوميا تقريبا (تركت لعدم تطابقها مع أبيات الديوان).



( 7) مشاعر بفقدان الأهمية الشخصية أو مشاعر الذنب المفرطة وغير المستحقة بمعدل يومي تقريبا.




-فلو أني حسدت على نفيسٍ
لجدت به لدى الجد العثـور
ولكني حسدت على حياتـي
وما خير الحياة بلا سرور؟








-ألح علي السقم حتى الفته
ومل طبيبي جانبي والعوائد








-كيف الرجاء من الخطوب تخلصا
من بعد ما أنشبـن فـيَ مخالبـا








-واني لمن قوم كأن نفوسهـم
بها أنفٌ أن تسكن اللحم والعظما








-والهجر أقتل لي ممـا أراقبـه
أنا الغريق فما خوفي من البلـل
قد ذقت شـدة أيامـي ولذتهـا
فما حصلت على صاب ولا عسل








-وهان فما أبالي بالرزايا
لأني ما انتفعت بأن أبالي



( 8) انحصار المقدرة على التفكير أو التركيز، والتردد في اتخاذ القرار بمعدل يومي تقريبا (تركت لعدم تطابقها مع أبيات الديوان).



( 9) التفكير بالموت بصورة متكررة ( ليس فقط الخوف من الموت )، وأفكار انتحارية متكررة أو محاولة انتحار أو التخطيط المحدد له.




- وما الموت بأبغض من حياة
أرى لهم معي فيهـا نصيبـا






- كفى بك داءاً أن ترى الموت شافيا
وحسب المنايـا أن يكـن الأمانيـا








-إذا غامرت في أمر مروم
فلا تقنع بما دون النجـوم
فطعم الموت في أمر حقير
كطعم الموت في أمر عظيم








-نحن بني الموتى فما بالنا
نعاف ما لابد من شربـه
وغاية المفرط في سلمـه
كغاية المفرط فـي حربـه








-وأني لمن قوم كأن نفوسهـم
بها أنف أن تسكن اللحم والعظما
كذا أنا يا دنيا إذا شئت فأذهبـي
ويا نفس زيدي في كرائهها قدما








-نعد المشرفية والعوالي
وتقتلنا المنون بلا قتـال


المناقشة

لقد دفعاني لإجراء هذا البحث حدثان مهمان بالنسبة لي الأول هو قراءتي لكتاب عميد الادب العربي الأستاذ طه حسين "مع المتنبي". أن إستنتاجه آنف الذكر من أن المتنبي لم يضحك في حياته سوى مرة واحدة قد دفعني لدراسة حياة وأدب المتنبي باحثاً عن السبب. أما الحدث الثاني فهو الحملة الحالية التي تقوم بها الكلية الطبية النفسية الملكية في بريطانيا ضد وصمة الأمراض النفسية. هذه الحملة تستهدف توعية الناس ورفع الجهل والتخوف من الأمراض النفسية وإظهار أن من أعاظم ومشاهير التاريخ من كان مصاباً بالمرض النفسي. ومن أعظم من المتنبي في تاريخ الأدب العربي.

أن دراسة شعر المتنبي دراسة تشخيصية قد أقنعتني بصحة رأي الأستاذ طه حسين آنفة الذكر. لقد ظهرت أعراض الإكتئاب واضحة للعيان في مختلف قصائد المتنبي وفي المراحل المختلفة لحياته من الشعر الذي قاله وهو شاب صغير الى ذلك الذي قاله في السنين الأخيرة من حياته.
لقد اتهم المتنبي لكثرة فخره وأعتداده بنفسه بأنه مصاب بمرض نفسي دعاه عبد الرحمن صدقي "بداء العظمة" (10). وقد يظن البعض بأن داء العظمة هذا ماهو إلا جزء من مرض الهوس Mania . إلا أن أبداع المتنبي ورجاحة بلاغته وحكمته في كل ما كتبه ما هو إلا دحض لهذه الفرضية. كما أن القارئ لديوان المتنبي ليلاحظ بأن أكثر فخر المتنبي مبالغة كان قد جاء في سياق أكثر الأحداث حزنا مثال أختلافه وأفتراقه عن سيف الدولة، وفاة جدته وتأخر كافور الإخشيدي عن الوفاء بوعده وإساءته له. ومن المنطقي الإستنتاج بأن مبالغة المتنبي في الفخر كانت جزءاً من نوبات مرضه الاكتئابي . لقد إقترحت المحللة النفسية النمساوية مليني كلاين مفهوم الدفاع الهوسي [Manic defence] الذي برأيها هو جزء من الوضع الاكتئابي يحاول به المريض من خلاله أن يقلل من المخاوف ومشاعر اللوم التي تترافق مع حالة الاكتئاب (11).
لقد درس الدكتور فيلكس بوست معدل الإصابة بالأمراض النفسية في 291 شخصية غربية مشهورة عالمياً (1). ولقد تبين للباحث أن مرض الإكتئاب وليس الهوس هو المرض الشائع بين الأدباء منهم. لقد أظهر بحثه أن 72% من الأدباء في عينته التاريخية كانوا قد أصيبوا بالاكتئاب. وقد نقل بوست عن أبحاث نفسية أمريكية على عينة من أدباء معاصرين قد وصلوا الى نفس النتائج.












شعر المتنبى


.
.
.


لا خلاف عند أهل الأدب أنه لم ينبغ بعد المتنبي في الشعر من بلغ شأوه لأو داناه .. والمعري على بعد غوره وفرط ذكائه وتوقد خاطره وشدة تعمقه في المعاني والتصورات الفلسفيه يعترف بأبي الطيب المتنبيويقدمه على نفسه وغيره


ويقول الدكتور عائض القرني أنه أمبراطور الشعراء .. وكان قد لقب بزمانه بـ "مالئ الدنيا وشاغل الناس" .. فقد ملأ أفوه الناس شعرا وذكر كما ذكرنا سابقا من الشواهد ما يردده الحكام والعوام إلى يومنا هذا


وما يميز شعر المتنبي وضوحه وبساطته رغم إحتوائه للمعاني الجميلة والصور المذهله


وما ميز شعر المتنبي أيضا كونه محتويا بغالبه على أسلوب البيت الواحد .. وكون شعره قريب من صورة المثل .. فمن "إيجاز اللفظ" إلى "إصابة المعنى" إلى "حسن التشبيه"


وبهذا يقول الصاحب ابن عباد بعد أن أستخرج من أشعاره 371 بيتا سارت بالناس كأمثال فيقول في ذلك .. : "وهذا الشاعر مع تمييزه وبراعته، وتبريزه في صناعته، له في الأمثال خصوصا مذهب سبق به أمثاله، فأمليت ما صدر عن ديوانه من مثل رائع في فنه، بارع في معناه ولفظه، ليكون تذكرة في المجلس العالي، تلحظها العين العالية، وتعيها الآذان الواعية"


ولعل المتأمل لشعر المتنبي يلحظ بشكل عميق وحده البيت عنده وهذا الأمر سهل كثيرا بالأخذ عنه والإستشهاد به


وعن شهره المتنبي وخلوده كثرت الدراسات حيث أن الأيام لا تزيد تألقا كلما مرت .. وقد أورد علي أدهم تفسيرا لذلك ضمنه ثلاثه أمور جعلت لشعره قابلية الخلود والإستمرارية وهذه الأمور هي .. :













تحدث مارتن نك عن شعر المتنبي فقال .. :


جموح الخيال والاستعارات الحالمة والمبالغات في الصور مما نجده في شعر المتنبي جعلت الكثيرين يصفونه بأنه المثال الأبرز لشعر المديح والفخر. ولنفهم أهمية المتنبي في الشعر العربي, علينا أن ننظر عن كثب لأنواع الشعر السائدة في عصره.

تنقسم الأشكال الشعرية السائدة حينها وفق القواعد التقليدية إلى شعر الغزل الذي يضم قصائد الحب والقطعة أو المقطوعة وهي نوع أدبي أصغر وأقل جدية يتحدث عن الجانب الهزلي من الحياة وهناك القصيدة وهي الأسلوب الذي اختاره المتنبي بأسلوبه التأكيدي الأكثر ذاتية، ولكن ببعض التعديل.

ولدت القصيدة الشعرية مع فجر المجتمع العربي قبل الإسلام. وتطورت لتصبح الشكل الأول للأدب العربي والذي كان أساساً شعراً يتحدث عن الشجاعة والإقدام تفخر به القبائل في بدايات العصور العربية. القصيدة في مضمونها تصف مراحل من حياة كاتبها وتجاربه أو حياة وتجارب قومه. وكان هذا الوصف يصاغ بأسلوب مفعم بالقوة والرصانة. بنية شعر القصيدة تتضمن ما بين عشرين وأكثر من مئة بيت. كما أن أسلوب القصيدة القائم على الالتزام بالبحر والقافية نفسيهما في كل الأبيات لا يزال سائداً حتى اليوم.

يبدأ الشاعر القصيدة بمقدمة هي بالضرورة أبيات غزل تعرف باسم النسيب. بعدها يأتي وصف الشاعر لتجربته التي يريد التحدث عنها. ثم ينتقل إلى الخاتمة التي تتضمن جزءاً يمدح فيه معطيه ويهجو أعداءه. وفي أحوال نادرة, يحس الشاعر بالحرية لينهي قصيدته بأبيات يفخر بها بنفسه وقد اعتاد المتنبي على فعل ذلك مراراً. وكانت القصيدة شديدة الجاذبية للعرب، وأصبحت تعتبر الشكل الشائع لشعر المديح, وهو عموماً نص شعري يمتدح فيه الشاعر زعيماً معيناً يرفع فيه من شأنه وخصاله.

وإلى جانب ذلك كانت القصيدة تكتب أيضاً للتعبير عن المواضيع الفكرية. إذ في سياق تطورها أصبحت المقدمة أحياناً تتحدث عن الطبيعة أو الحكمة. وفي أحيان نادرة كانت المقدمة تستخدم ليثبت فيها الشاعر فصاحته وتمكنه من اللغة في تعبيره عن نفسه.

مضى المتنبي بالقصيدة خطوة أخرى وبز كل شعائرها بفضل ما وصفه الدارسون بأنه "جموح خياله وجرأته". وفي نتاجه الشعري جرب المتنبي ومزج بين التقاليد الأدبية في الشام ومصر والعراق والمعايير الأدبية العربية التقليدية الصارمة. وقصائده التي كتبها - مدائح لرعاته بأبيات مقتضبة وجذلة لا تزال ترددها الألسن حتى اليوم- كانت دائماً تلهب خيال العرب وخصوصاً زعمائهم. إذ دائماً ما تمتع المتنبي بقدر كبير من المعجبين بقصائده المفعمة بعباراته القوية وجرسها الرفيع. ومرة أخرى, فإن القارئ لأشعاره المترجمة من غير المحتمل أن يشعر بقدر كبير من المتعة الفنية مثلما يفعل قارئه العربي.




ويروى أن أول ما نظمه المتنبي وهو في صباه قوله .. :




1- أنه أقوى الشعراء إنفعالا وعاطفه 2-أن حكمته صادقه معبره عن حقيقة الإنسان 3-أن أدبه ملتصق بالنفس الإنسانية معبر عن حالاتها وأحاسيسها راضية وغاضبه
بأبي من وددتـه فأفترقنـا
وقضى الله بعد ذاك اجتماعا

فافترقنا حولا فلما التقينـا
كان تسليمه عليّ وداعـا

وقوله أيضا .. :





أبلى الهوى أسفا يوم النوى بدني
وفرق الهجر بين الجفن والوسنِ

روحٌ تردد في مثـل الخـلال إذا
أطارت الريح عنه الثوب لم يبنِ

كفى بجسمي نحولا أنني رجـلٌ
لولا مخاطبتي إياك لـم ترنـي


ثم إنه بعد ذلك إرتاد البادية وأقام بينهم حتى جزلت ألفاظه وأشتدت معانيه فخرج عندها بالدرر واللآلئ المدهشه .. :


ولنختار بدءا غيضا من فيضه .. ثم نورد قصائده المطوله إن شاء الله تعالى


فمن جميل أبياته قوله .. :





إذا غدرت حسناء وفّـت بعهدهـا
فمن عهدها ألا يدوم لهـا عهـدُ

وإن عشقت كانت أشـد صبابـة
وإن فركت فاذهب فما فِركها قصدُ

وإن حقدت لم يبق في قلبها رضىً
وإن رضيت لم يبق في قلبها حقدُ

كذلـك أخـلاق النسـاء وربمـا
يضلّ بها الهادي ويخفى بها الرشدُ

ومنه أيضا قوله .. :





أظمتني الدنيا فلمـا جئتهـا
مستسقيا مطرت علي مصائبا


وقولة .. :





ولست أبالي بعد إدراكي العلا
أكان تراثا ما تناولت أم كسبا




وقوله .. :





ذو العقل يشقى في النعيم بعقله
وأخو الجهالة بالشقـاوة ينعـمُ

لا يخدعنّك مـن عـدوٍ دمعـه
وارحم شبابك من عـدوٍ ترحـمُ

لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى
حتى يراق على جوانبـه الـدمُ

والظلم من شيم النفوس فإن تجد
ذا عـفـةٍ فلعـلـه لا يظـلـمُ

ومن البلية عذل من لا يرعـوي
عن غيه وخطاب مـن لا يفهـمُ

ومن العداوة مـا ينالـك نفعـه
ومن الصداقة ما يضـر ويؤلـمُ





ومن جيد شعره قوله .. :





ما كنت أحسب قبل دفنك في الثرى
أن الكواكب فـي التـراب تمـورُ

ما كنت آمل قبـل نعيـك أن أرى
رضوى على أيدي الرجال يسيـرُ

خرجوا به والكـل بـاكٍ حولـه
صعقات موسى يـوم دك الطـورُ

حتى أتوا جدثـا كـأن ضريحـه
في كـل قلـبٍ موجـدٍ محفـورُ

كفـل الثنـاء لـه بـرد حياتـه
لمـا أنطـوى فكأنـه منـشـورُ





وقوله في وصف حال المسلمين في عصره .. :





أحل الكفر بالإسـلام ضيمـاً
يطول به على الدين النحيـبُ

فحق ضائع وحمـى مُبـاح
و سيف قاطـع ودم صبيـبُ

وكم من مسلم أمسى سليبـاً
ومسلمة لها حـرم سليـب

وكم من مسجداً جعلوه ديـراً
على محرابه نُصب الصليـب

أمـور لـو تأملهـن طفـل
لطفل في مفارقـه المشيـب

أتسبُ المسلمات بكـلِ ثغـرً
وعيش المسلمين إذا يطيـب

أمـا لله والأسـلام حــق
يدافع عنه شُبانّ وشيـبُ ؟

فقل لذوي البصائر حيثُ كانوا
أجيبوا الله ويحكموا أجيبـوا





وله أيضا قوله .. :






إِذا غامَرْتَ في شَرَفٍ مَـرُومِ
فَلا تَقْنَـعْ بِمـا دُونَ النُّجـومِ
فطَعْمُ المَوتِ في أَمـرٍ حَقِيـر
كطَعْمِ المَوتِ في أَمرٍ عَظِيـمِ
ستَبكِي شَجوَها فَرَسي ومُهري
صَفائحُ دمعُها ماءُ الجُسُـومِ
قُرين النار ثُـمّ نَشَـأنَ فيهـا
كَما نَشـأَ العَـذارَى النّعِيـمِ
وَفارَقنَ الصَياقِـلَ مخلَصـاتٍ
وأَيدِيِهـا كَثِيـراتُ الكُـلُـومِ
يَرَى الجُبَناءُ أَن العجز عَقـلٌ
وتلكَ خديعـةُ الطّبـع اللئيـم
وكُلُّ شَجاعةٍ في المَرء تُغنِـي
ولا مِثلَ الشّجاعة في الحَكِيـمِ
وكم من عائِبٍ قَولاً صَحيـحً
وآفَتهُ مِـنَ الفَهـمِ السّقِيـمِ
ولكِـنْ تَأخـذُ الآذان مـنـهُ
على قَدَرِ القَرائِـحِ والعُلُـومِ






واحر قلباه

وهذه ميمية المتنبي الشهيرة التي قالها بمجلس سيف الدولة بعد أن قبل أقوال الواشين به .. وهي من أجود قصائده








وَاحَـرَّ قَلبـاهُ مِمَّـن قَلْبُـهُ شَبِـمُ

ومَن بِجِسمي وَحالي عِنْـدَه ُ سَقَـمُ

ما لي أُكَتِّمُ حُبّاً قـد بَـرَى جَسَـدي

وتَدَّعِي حُبَّ سَيـفِ الدَولـةِ الأُمَـمُ

إِنْ كـانَ يَجمَعُنـا حُـبٌّ لِغُـرَّتِـهِ

فَلَيت َ أَنَّـا بِقَـدْرِ الحُـب ِّ نَقتَسِـمُ

قد زُرتُه وسُيُـوفُ الهِنـدِ مُغمَـدةٌ

وقد نَظَـرتُ إليـه ِ والسُيُـوف ُ دَمُ

وَكـانَ أَحسَـنَ خَلـقِ الله كُلِّهِـمِ

وكانَ أَحْسَنَ ما في الأَحسَنِ الشِيَـمُ

فَوتُ العَـدُوِّ الِّـذي يَمَّمْتَـهُ ظَفَـرٌ

في طَيِّهِ أَسَـفٌ فـي طَيِّـه ِ نِعَـمُ

قد نابَ عنكَ شَدِيدُ الخَوفِ واصطَنَعَتْ

لَكَ المَهابةُ مـا لا تَصْنـعُ البُهَـمُ

أَلزَمْتَ نَفْسَكَ شَيْئاً لَيـسَ يَلْزَمُهـا

أَنْ لا يُوارِيَهُـم أرض ٌ ولا عَـلَـمُ

أَكلما رُمتَ جَيشـاً فانثَنَـى هَرَبـاً

تَصَرَّفَتْ بِـك َ فـي آثـارِهِ الهِمَـمُ

علَيكَ هَزمُهُـمُ فـي كُـلِّ مُعْتَـرَكٍ

وما عَلَيكَ بِهِمْ عـارٌ إِذا انهَزَمـوا

أَما تَرَى ظَفَراً حُلـواً سِـوَى ظَفَـرٍ

تَصافَحَت ْفيهِ بيض ُ الهِنْـدِ والِلمَـمُ

يا أَعدَلَ النـاسِ إِلاَّ فـي مُعامَلَتـي

فيكَ الخِصامُ وأَنتَ الخَصْمُ والحَكَـمُ

أُعِيذُهـا نَظَـراتٍ مِنْـكَ صـادِقَـةً

أَنْ تَحْسَبَ الشَحمَ فيمَن شَحْمُهُ وَرَمُ

وما انتِفـاعُ أَخـي الدُنيـا بِناظـرِهِ

إِذا استَوَتْ عِندَهُ الأَنـوار ُ والظُلَـمُ

سَيَعْلَمُ الجَمْعُ مِمَّن ضَـمَّ مَجْلِسُنـا

بِأنَّني خَيْرُ مَـن تَسْعَـى بِـهِ قـدَمُ

أَنا الَّذي نَظَرَ الأَعمَـى إلـى أَدَبـي

وأَسمَعَتْ كَلِماتي مَـن بِـهِ صَمَـمُ

أَنامُ مِلءَ جُفُوفي عـن شَوارِدِهـا

ويَسْهَرُ الخَلْق ُ جَرَّاهـا ويَختَصِـمُ

وَجَاهِلٍ مَدَّهُ فـي جَهلِـهِ ضَحِكِـي

حَتَّـى أَتَتْـهُ يَـد ٌ فَرَّاسـة ٌ وفَـمُ

إِذا رَأيـتَ نُيُـوبَ اللّيـثِ بــارِزَةً

فَـلا تَظُنَّـنَ أَنَّ اللَيـثَ يَبْتَـسِـمُ

ومُهجةٍ مُهجتي مِن هَـمِّ صاحِبِهـا

أَدرَكْتُهـا بِجَـوادٍ ظَهْـرُه ُ حَــرَمُ

رِجلاهُ في الرَكضِ رِجْلٌ واليَدانِ يَـدٌ

وفِعْلُه ُ مـا تُريـدُ الكَـفُّ والقَـدَمُ

ومُرهَفٍ سِرتُ بَينَ الجَحْفَلَيـنِ بِـهِ

حتَّى ضَرَبْتُ ومَوجُ المَـوتِ يَلْتَطِـمُ

الخَيْـلُ واللّيـلُ والبَيـداءُ تَعرِفُنـي

والسَيفُ والرُمْحُ والقِرطاسُ والقَلَـمُ

صَحِبتُ في الفَلَواتِ الوَحشَ مُنْفَـرِداً

حتَّى تَعَجَّبَ منَّـي القُـورُ والأَكَـمُ

يا مَـن يَعِـزُّ عَلَينـا أن نُفارِقَهـم

وَجداننا كُـلَّ شَـيءٍ بَعدَكُـمْ عَـدَمُ

ما كـانَ أَخلَقَنـا مِنكُـم بِتَكرِمـة

لَو أَن أَمرَكُـمُ مِـن أَمرِنـا أَمَـمُ

إِن كانَ سَرَّكُمُ مـا قـالَ حاسِدُنـا

فَمـا لِجُـرْحٍ إِذا أَرضاكُـمُ أَلَــمُ

وبَينَنـا لَـو رَعَيْتُـمْ ذاكَ مَعرِفـةٌ

إِنَّ المَعارِفَ في أَهلِ النُهَـى ذِمَـمُ

كَم تَطلُبُـونَ لَنـا عَيبـاً فيُعجِزُكـم

ويَكـرَهُ الله مـا تأْتُـونَ والكَـرَمُ

ما أَبعَدَ العَيْبَ والنُقصانَ من شَرَفي

أَنا الثُرَيَّـا وَذانِ الشَيـبُ والهَـرَمُ

لَيتَ الغَمامَ الذي عِنـدِي صَواعِقُـهُ

يُزِيلُهُـنَّ إلـى مَـن عِنـدَه الدِيَـمُ

أَرَى النَوَى يَقْتَضِيني كُـلَّ مَرْحَلـةٍ

لا تَستَقِـلُّ بِهـا الوَخَّـادةُ الرُسُـمُ

لَئِن تَرَكْنَ ضُمَيـراً عـن مَيامِنِنـا

لَيَحْدُثَـنَّ لِمَـنْ ودَّعْتُـهُـمْ نَــدَمُ

إذا تَرَحَّلْتَ عن قَـومٍ وقـد قَـدَروا

أَن لا تُفارِقَهـم فالراحِلُـونَ هُــمُ

شَرُّ البِـلادِ مَكـانٌ لا صَديـقَ بـهِ

وشَرُّ ما يَكْسِبُ الإِنسانُ مـا يَصِـمُ

وشَرُّ ما قَنَصَتْـهُ راحَتـي قَنَـصٌ

شُهْبُ البُزاةِ سَـواءٌ فيـهِ والرَخَـمُ

بأَيَّ لَفْـظٍ تَقُـولُ الشِعْـرَ زِعْنِفـةٌ

تجُوزْ عِنـدَكَ لا عُـرْبٌ وِلا عَجَـمُ

هـذا عِتـابـكَ إِلاَّ أَنَّــهُ مِـقَـةٌ

قـد ضُمِّـنَ الـدُرَّ إِلاَّ أَنَّـهُ كَـلِـمُ




( الخيل والليل والبيداء تعرفني )


واحـر قلــــباه ممــن قلبــه شبــم **** ومن بجسمـي وحـالي عنده سقـم

مـــا لـي أكتم حبا قد برى جسدي **** وتدعي حب سيف الدولة الأمم

إن كــــان يجمعــنا حب لغرتــه **** فليت أنا بقدر الحــــب نقتســـم

قد زرته و سيوف الهند مغمـــدة **** وقد نظرت إليه و السيـوف دم

فكان أحسن خلــــق الله كلهـــم **** وكـان أحسن مافي الأحسن الشيم

فوت العــدو الذي يممـــته ظفر **** في طــيه أسف في طـــيه نعــــم

قد ناب عنك شديد الخوف واصطنعت **** لك المهابــــــة مالا تصنع البهم

ألزمت نفسك شيــــئا ليس يلزمها ****أن لا يواريـهم بحر و لا علم

أكلــما رمت جــيشا فانثنى هربا **** تصرفت بك في آثاره الهمــم

عليك هــــزمهم في كل معتـرك **** و ما عليــك بهم عار إذا انهزموا

أما ترى ظفرا حلوا سوى ظفر**** تصافحت فيه بيض الهندو اللمم

يا أعدل الناس إلا في معــاملتي **** فيك الخصام و أنت الخصم والحكم

أعيذها نظـــرات منك صادقـــة **** أن تحسب الشحم فيمن شحمه ورم

وما انتفاع اخي الدنيا بناظـــره ****إذا استـــوت عنده الأنوار و الظلم

سيعلـم الجمع ممن ضم مجلسنا **** باننــي خير من تسعى به قـــــدم

انا الذي نظر العمى إلى ادبــي **** و أسمعـت كلماتي من به صمــم

انام ملء جفوني عن شواردها **** ويسهر الخلق جراها و يختصم

و جـــاهل مده في جهله ضحكي **** حتى اتتــــه يــد فراســة و فم

إذا رايـــت نيوب الليــث بارزة **** فلا تظنـــن ان الليــث يبتســم

و مهجـة مهجتي من هم صاحبها **** أدركتـــه بجواد ظهره حـــرم

رجلاه في الركض رجل و اليدان يد **** وفعلـــه ماتريد الكف والقدم

ومرهف سرت بين الجحفليـــن به **** حتى ضربت و موج الموت يلتطم

الخيل والليل والبيــداء تعرفنــــي **** والسيف والرمح والقرطاس و القلم

صحبـت في الفلوات الوحش منفردا ****حتى تعجـــب مني القور و الأكــم

يــــا من يعز عليـــنا ان نفارقهـــم **** وجداننـا كل شيء بعدكم عــدم

مــا كان أخلقــنا منكم بتكـــرمة **** لـو ان أمــركم من أمرنـا أمــم

إن كــان سركـم ما قال حاسدنا **** فما لجـــرح إذا أرضاكـــم ألــم

و بينــنا لو رعيتم ذاك معرفــة **** غن المعـارف في اهل النهـى ذمم

كم تطلبـــون لنا عيبـا فيعجزكم **** و يكره الله ما تأتون والكــرم

ما أبعد العيب و النقصان عن شرفي **** أنا الثـــريا و ذان الشيب و الهرم

ليـت الغمام الذي عندي صواعقه **** يزيلهـن إلى من عنـده الديــم

أرى النوى تقتضينني كل مرحلة **** لا تستقـل بها الوخادة الرسـم

لئن تركـن ضميرا عن ميامننا **** ليحدثن لمـن ودعتهــم نـدم

إذا ترحلت عن قـوم و قد قـدروا **** أن لا تفارقهم فالـراحلون هــم

شــر البلاد مكان لا صــديق بــه **** و شر ما يكسب الإنسان ما يصم

و شـر ما قنصته راحتي قنص **** شبه البزاة سواء فيه و الرخم

بأي لفظ تقـول الشعــر زعنفة **** تجـوز عندك لا عــرب ولا عجم

هذا عـتابـك إلا أنـه مقـة **** قـد ضمـن الدر إلا أنه كلم



تحياتي



الإعلامي..

 

 

 

 

    

رد مع اقتباس
قديم 03-02-2012, 01:28 PM   #3
 
إحصائية العضو







إعلامي الدواسر غير متصل

إعلامي الدواسر is on a distinguished road


افتراضي رد: المتنبي...!

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الكاتم مشاهدة المشاركة
شاعر شهير وسيرة عطره
ابيض وجه يالاعلامي
وجهك أبيض يا الكاااتم


ولاهنت على ردك


ود/ي

 

 

 

 

    

رد مع اقتباس
قديم 03-02-2012, 03:05 PM   #4
 
إحصائية العضو







فهد المقابله غير متصل

فهد المقابله is on a distinguished road


افتراضي رد: المتنبي...!

لاهنت يالاعلامي على نقل السيره العطره للمتنبي

 

 

 

 

 

 

التوقيع

[poem=font="Simplified Arabic,6,darkred,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=1 line=0 align=center use=ex num="0,black""]

سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم

    

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 


الساعة الآن 08:56 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
---