رئيس المحاكم: هذا البيع تحايل على الربا ويجب التأكد من شرعيته
وادي الدواسر : فتوى تفتح الباب لمنع "تقسيط الصابون"
- شاجع الدوسري وادي الدواسر - 06/04/1429هـ
بعد 30 عاما من انتشار بيع السلع بالتقسيط وخاصة الصابون، يمكن أن تصبح محافظة وادي الدواسر الأولى في السعودية التي توقف هذا النشاط على أثر شكوى قضائية أظهرت أن هذا النشاط أحد طريق التحاليل على الربا.
وفي هذا الإطار، أصدر رئيس محكمة الوادي حكما بوقف هذا النشاط بعد ورود شكوى من سيدة أعمال كانت تمتهن هذا النشاط، واعتبره "من ربا العينة التي يحرمها الشرع وأن عليهم (يقصد العاملين في سوق البيع بالتقسيط في الوادي) العمل بالبيع والتقسيط المتبع للشريعة الإسلامية"، ورفع تقريرا إلى محافظ الوادي يطلب فيه إلزام أصحاب المحال التجارية بوقف مثل هذه الأنشطة والتأكد من تطبيقها للشريعة الإسلامية.
وقال القاضي الشيخ ناصر بن خلف الدوسري في قراره الذي وزع على محال البيع بالتقسيط في النويعمة "إن طريقة البيع المعمول بها في تلك المحال هي ربا العينة وفيه تحايل على الربا حيث إن البضاعة لا تخرج من المحل وتعود لصاحب المحل بعد بيعها على الدائن ومن ثم شرائها من المدين وهي بالمحل وهي طريقة تتعامل بها هذه المحال منذ أكثر من 30 سنة.
وجاء التطور الأخير بعد أن أقامت إحدى النساء دعوى قضائية على أحد المواطنين بمطالبته بإثبات ما تطلبه منه شرعا وأصرت على القاضي بالنظر في عملية البيع التي تمت ومدى صحتها من الناحية الشرعية حيث أفادت بأنها باعت لهذا المواطن 1200 كرتون صابون شرته من أحد محال بيع الصابون المنتشرة في المحافظة، في حين أفاد المدعى عليه بأنه باعها على نفس المحل الذي اشترت البضاعة منه.
وبينت المرأة في دعواها أنها تريد التأكد من صحة المبايعة من الناحية الشرعية خوفا من الربا, وأن تكون عملية البيع فيها تحايل على الربا وأبدت أمام القاضي استعدادها لأخذ رأسمالها فقط والتنازل عن الفائدة إن كانت غير شرعية والتي تصل لأكثر من 47240 ريالا.
وفيما أكد القاضي رياض الرشود ناظر القضية أن ذلك حيلة على ربا العينة وفيه استحلال للربا وحكم القاضي لها برأسمالها، أصدر رئيس محاكم المحافظة تقريره، الذي أكد أن طريقة البيع المعمول بها في تلك المحال هي ربا العينة وفيه تحايل على الربا حيث إن البضاعة لا تخرج من المحل وتعود لصاحب المحل بعد بيعها على الدائن ومن ثم شرائها من المدين وهي بالمحل وهي طريقة تتعامل بها هذه المحال منذ أكثر من ثلاثين سنة.
ولمعالجة هذه القضية بدأ العديد من أصحاب هذه المحال الاتجاه إلى تغيير النشاط من خلال سلعة أخرى مثل بطاقات الاتصال أو الأرز حيث يسهل تصريفها من المتدين الذي يريد بيعها والحصول على النقد بطريقة – يرون أنها شرعية بعيدة عن الربا.
"الاقتصادية" زارت السوق وتبين أن معظم محال بيع الصابون أغلقت هذه الفتوى بعد أن كان الزائر لسوق النويعمة في وادي الدواسر يستغرب وجود أكوام من كراتين الصابون مرصوصة أمام أبواب المحال التي لايوجد بها بضائع أخرى سواها وسرعان ما يزول استغرابه عندما يعلم أن هذه تجارة أسسها وعمل بها أصحابها منذ عدة سنوات لبيع الصابون بالتقسيط, وقد حقق أصحابها ربحا وفيرا من المضاربات بالبيع والشراء والتقسيط منها حيث تصل فوائدهم 50 في المائة خلال مدة لا تتجاوز سنة إلى سنتين بضمانات مطمئنة كالكفيل القادر على السداد عند أي تعثر من المكفول.
بيع الصابون .. تاريخ وطقوس
مضى على بيع الصابون في الوادي أكثر من عقد ولايزال أصحابه يمارسون البيع بالتقسيط بمصطلح متداول بين البائع والمشتري. وتتمثل الطريقة في بيع سلعة بالتقسيط يحل سدادها بعد سنة من تاريخ استلامها، ويمارس المتداولون ببيع وتقسيط الصابون طرقا روتينية مكررة لتصل إلى التدوير. فالمشتري يذهب إلى أحد هذه المحال ويطلب قرضا مثلا عشرة آلاف ريال تقسيطا ويتسلم المبلغ ويسجل في ذمته 200 كرتون صابون من نوع محدد، حيث يباع لديهم بسعر 82 ريالا ويشترونه من المدين (الزبون) بسعر81 ريالا حيث يتم تدوير البضاعة ويستدعي أحد العمالة الرابضة أمام المحل لهذا الغرض لنقل البضاعة من المحل ويصفها عند باب المحل ثم يكتب العقد ويقول البائع للمشتري ضع يدك على البضاعة (علامة على قبولها من المشتري) ثم يقوم صاحب المحل بشرائها من الزبون مرة أخرى أو بيعها على أحد جيرانه أو معارفه من التجار من أجل توثيق التعاون التجاري بينهما.
والفرضية الأخيرة أن يقول البائع للمشتري "ابحث لك عن مشتري لبضاعتك" ويتعرض المقترض أحيانا لابتزاز بعض هؤلاء التجار فهو يشتري البضاعة وتحسب عليه بأرباح عالية لمصلحة البائع ثم يبيعها نقدا بأقل من سعرها وبفرق قد يصل من 500 ريال إلى ألف ريال.
ويصف بدر الدوسري الذي ورث هذه التجارة عن والده وأجداده بـ "المرابحة فهي لا تكلفك شيئا وبإمكانك ممارستها بسيولة بسيطة لأنها ستنمو مع مرور السنين طالما أن صاحبها غير عجول".
وبين الدوسري أن أفضل طريقة للثراء السريع من هذه التجارة هو أن تقوم ببيع الصابون بالتقسيط أو بالدين الآجل بعد سنة وبمبلغ 100 ألف ريال ربحها خمسة آلاف ريال لكل عشرة آلاف ريال على عدة مقترضين لأن الفوائد التي ستحققها خلال عام واحد ستصل 50 ألف ريال. وقال "إذا ما وضعت رأس مالك والبالغ مثلا 100 ألف ريال عند شخص واحد فهو لن يسدد إلا بعد ثلاث سنوات أو أكثر وربما يماطل أو تتعقد الأمور وفائدتك تتأخر, لذا لا تضع مالك في يد واحدة".