::: مـنتدى قبيلـة الـدواسـر الـرسمي ::: - عرض مشاركة واحدة - تعاون الدولتين العثمانية والصفوية ضد مملكة المنتفق وحكامها أسرة السعدون الأشراف عام 1698م
عرض مشاركة واحدة
قديم 19-04-2013, 11:52 PM   #1
 
إحصائية العضو







عبدالله السعدون غير متصل

عبدالله السعدون is on a distinguished road


افتراضي تعاون الدولتين العثمانية والصفوية ضد مملكة المنتفق وحكامها أسرة السعدون الأشراف عام 1698م

أرجوا التكرم بعدم الرد حتى أضع القسم الأخير من البحث (المصادر).


تمهيد:



هذا البحث يتعلق بحاكم مملكة المنتفق الأمير الشريف مانع بن شبيب ( الجد الأعلى لمعظم فروع أسرة السعدون الأشراف في عصرنا الحاضر)، وهو الذي يعد أحد أبرز الشخصيات التاريخية في عصره ، حيث كان يحكم نصف العراق ، وتمكن من إنتزاع مدينة البصرة (أهم المدن التجارية في المنطقة وأحد أكبر المدن العربية من الناحية السكانية في تلك الفترة) من الدولة العثمانية لثلاث مرات متتالية وجعلها عاصمة لمملكة المنتفق ، كما انه تمكن من تدمير الكثير من الحملات العسكرية العثمانية ولم يتمكن أي والي أو قائد عثماني من الإنتصار عليه عسكريا . وكنتيجة لعجز الدولة العثمانية عن هزيمته قام الخليفة العثمانية بمخاطبته شخصيا والدفع له ماليا مقابل التخلي عن مدينة البصرة . وقد اضطرت الدولة العثمانية لطلب العون العسكري ضده من الدول الإقليمية ثم من عدوها اللدود الدولة الصفوية في سابقه تاريخية ، وتم وقتها تبادل الوفود المحملة بالهدايا بين الخليفة العثماني والشاه الصفوي.


محتويات البحث:


1- مقدمة.
2- نسب حاكم مملكة المنتفق الأمير الشريف مانع بن شبيب وأسرته آل سعدون.
3- إتساع مملكة المنتفق في عهد الأمير الشريف مانع بن شبيب وعلاقة آل سعدون بقبائلهم - البادية والحاضره.
4- تصاعد القوة لمملكة المنتفق ولحكامها في القرن السابع عشر قبل إنتزاعهم للبصرة من العثمانيين.
5- ضم البصرة عسكريا لمملكة المنتفق للمرة الأولى في عهد الأمير مانع بن شبيب عام 1690م.
6- ضم البصرة الثاني لمملكة المنتفق وهزايم عسكرية متتالية للحملات العثمانية.
7- طلب الدولة العثمانية العون العسكري من دولة بني خالد ضد مملكة المنتفق.
8- قوات مملكة المنتفق تكسر حملة عثمانية كبيرة وتخلع بدلات الإنكشاريين – أشرس القوات العثمانية.
9- مخاطبة الخليفة العثماني لحاكم مملكة المنتفق والدفع ماليا له مقابل ترك البصرة بعد هزيمة القوات العثمانية وإهانتها.
10- ضم البصرة لمملكة المنتفق للمرة الثالثة بعد طرد سكانها للوالي العثماني عام 1694م.
10.1 أبرز أعمال حكام مملكة المنتفق في البصرة في فترة لاحقة - عام 1704م.
10.2 أبرز أعمال حكام مملكة المنتفق في البصرة في فترة لاحقة - عام 1787م.
11- الدولة العثمانية تجهز حملة إقليمية كبيرة ضد مملكة المنتفق وتسندها بقوات حاكم الحجاز ثم تفشل في إرسالها.
12- تعاون الدولتين العثمانية والصفوية عسكريا (في سابقه تاريخية) ضد مملكة المنتفق.
13- دعم الأمير الشريف مانع بن شبيب للحملة العثمانية لإستعادة البصرة من ولاة الفرس.
14- إسقاط حاكم مملكة المنتفق لوالي الحويزة الجديد المعين من قبل الشاه حاكم الدولة الصفوية.
15- مملكة المنتفق بعد وفاة حاكمها الأمير الشريف مانع بن شبيب.
16- ملحق1:البصرة وماتدفعه الدولة العثمانية تاريخيا لحكام مملكة المنتفق في مقابل عدم المطالبة بها.
17- ملحق2: نبذه موجزه عن أسرة السعدون ومملكة المنتفق وإتحاد قبائل المنتفق.
18- المصادر.






1- مقدمة:


يعد حاكم مملكة المنتفق الأمير الشريف مانع بن شبيب آل شبيب أبرز الشخصيات العربية في تاريخ العراق في عصره ، كما يعد أحد أبرز الشخصيات التي ظهرت في المنطقة ككل تاريخيا. أستطاع الأمير مانع بن شبيب أن يمد حدود مملكة المنتفق لتشمل نصف العراق وأجزاء من عربستان وأجزاء من صحاري شمال الجزيرة العربية ، وتميز حكم الأمير مانع بن شبيب بالقوة العسكرية بحيث لم تتمكن الدولة العثمانية من هزيمته في أي معركة عسكرية على الرغم من تجريدها للكثير من الحملات العسكرية الكبيرة ضده ، وقد تمكن الأمير مانع بن شبيب من أن يضم عسكريا أهم المدن التجارية في المنطقة كعاصمة لدولته وهي مدينة البصرة (أحد أكبر الحواضر العربية في تلك الفترة حيث كان يتجاوز عدد سكانها 100 ألف نسمة) والتي أنتزعها لثلاث مرات من العثمانيين . وقد تميزت الحملات العثمانية في عهده والموجهة ضده بالضخامة وبتنوع قواتها (من عدة ولايات عثمانية) من داخل العراق وخارجه .


كما أجبر الأمير مانع بن شبيب الدولة العثمانية على التعاون عسكريا مع الدول الإقليمية ضده ، وبعد فشل العثمانيين في ذلك أجبرهم على التعاون مع عدوهم اللدود الدولة الصفوية في سابقة تاريخية. وقد تمكنت القوات الفارسية من أن تخرجه من مدينة البصرة بالخدعة ، وذلك بعد أن أجبرته الدولتين العثمانية والصفوية على القتال مع قواتهما عسكريا على جبهتين بنفس الوقت ، واحتفلت الدولتين العثمانية والصفوية بذلك النصر ، وتم إرسال وفد كبيرمن الشاه حاكم الدولة الصفوية الى الخليفة العثماني محملا بالهدايا وتم بالمقابل إرسال وفد كبير من الخليفة العثماني الى الشاه في اصفهان. تبع ذلك قيام الأمير مانع بن شبيب بكسر إرادة الشاه حاكم الدولة الصفوية بتعيين والي جديد للحويزة .. وقام الأمير مانع بن شبيب بإسقاط هذا الوالي عسكريا وإعادة الوالي القديم والذي كان قد هرب من الفرس والعثمانيين ، وطلب اللجوء والحماية لدى الأمير مانع بن شبيب ... وتم توفير الحماية له من قبل حاكم مملكة المنتفق في موقف عربي نبيل.


وبالإضافة الى كون الأمير مانع بن شبيب آل شبيب حاكم لمملكة المنتفق فهو شيخ مشايخ لأكبر اتحاد للقبائل والعشائر (مختلفة الأصول) شهده العراق تاريخيا ، وهو الإتحاد القبلي الضخم الممتد من وسط العراق وحتى شمال الجزيرة العربية والمعروف بإتحاد قبائل المنتفق والذي أسسه جده عام 1530م. وقد عرفت أسرة الأمير مانع بن شبيب بـ (آل شبيب) نسبة إلى جده الأمير شبيب الأول ولاحقا عرفت أسرته بـ (آل سعدون) نسبة إلى حفيده الأمير سعدون بن محمد بن مانع آل شبيب. ولقد كان أبرز مايميز حاكم مملكة المنتفق الأمير مانع بن شبيب آل شبيب هو قيادته لجيوشه ومشاركته بالقتال بنفسه مما أكسبه هيبة لدى خصومه ، ونظرا لإنتصاراته المتعددة على العثمانيين فقد أطلق المثل الشعبي في العراق (أمنع من مانع).


يذكر مملكة المنتفق و قبائلها والأسرة الحاكمه فيها (أسرة آل سعدون الأشراف والتي كانت تعرف سابقا بـ آل شبيب) ، المؤرخ والمستشرق الألماني البارون ماكس فرايهير فون أوبنهايم ، في كتابه البدو ، ويقارن أهمية اتحاد قبائل المنتفق (اكبر اتحاد للقبائل والعشائر شهده العراق تحت مشيخة شيخ مشائخ فعلي) بالقبائل الأخرى في العراق كما يقارن أهمية أسرة المشيخة فيه (أسرة آل سعدون الأشراف والتي كانت تعرف سابقا بـ آل شبيب) بأسر المشيخة الأخرى بالعراق ، وذلك عند بداية حديثه في قسم المنتفق من نفس الكتاب، ج:3 ، ص:590 (((مامن قبيلة عراقية تضاهي المنتفق في الأهمية ولا عائلة شيوخ تضاهي عائلة سعدون - شبيب التي أسست في أواخر القرن السابع عشر مملكة المنتفق على الفرات الأدنى والتي جلبت في الحرب العالمية الأولى - عندما كانت تلك المملكة قد سقطت - لاسم المنتفق الفخر والاعتزاز مرة أخرى))).



يذكر قبائل المنتفق المؤرخ والشاعر السعودي خالد الفرج ، المولود في الكويت عام 1898م والمتوفى عام 1954م، في كتابه الخبر و العيان في تاريخ نجد ، ص: 203 (((المنتفق خليط من قبائل شتى تجمعهم رابطة التحالف والمجاورة والمصاهرات، إلى أن كونوا قبيلة كبيرة تحكمت في نواحي العراق، وكادت تستقل بحكمه))). يذكر مؤرخ العراق الكبير عباس العزاوي ، الوحدة العظيمة بين قبائل المنتفق والتي يرجع الفضل فيها الى أسرة آل سعدون الأشراف ، وهي الوحدة التي جعلت مملكة المنتفق وقبائلها وحكامها اللاعب الرئيسي في تاريخ العراق وجعلت معظم أحداث العراق مما يخصها ، وذلك في كتابه عشائر العراق ، ج4 ، ص27 (((كانت بينها وحدة عظيمة يرجع الفضل فيها إلى أمراء المنتفق، ومواهب القدرة والجدارة فيهم بادية وغالب وقائع العراق مما يخصها))).


يذكر هارولد ديكسون ، الوكيل السياسي البريطاني والذي عمل كسياسي بالعراق بعد الحرب العالمية الأولى ، في كتابه عرب الصحراء ، وذلك عند حديثه عن الأسرة الحاكمة في مملكة المنتفق وأسرة المشيخة في اتحاد قبائل المنتفق – أسرة السعدون الأشراف وعند حديثه عن قبائل اتحاد المنتفق وعن شهرة اسم المنتفق في المجتمع العربي في تلك الفترة وعن بادية العراق (((وتاريخ تحالف المنتفق يرتبط ارتباطاً لا ينفصم بالسعدون ، واسم المنتفق ذاته كما يستخدم في العراق يشير فقط إلى العائلة الحاكمة وإلى عبيدها وأتباعها والذين يعتبرون جزءاً لا يتجزأ منها. ولا يوجد أحد من رجال القبائل في العراق يدعو نفسه منتفقي مع أنه قد يستخدم الكلمة عندما يكون في مكة أو دمشق حيث لا تعرف قبيلته الصغيرة في حين أن شهرة المنتفق على كل لسان في المجتمع العربي. ومكانة السعدون والتي تتمتع بأهمية سياسية كبرى في جنوب ما بين النهرين تعتمد بشكل رئيسي على أصولهم وبشكل جزئي على الجهل التركي الرسمي أو تجاهلهم بعلاقتهم بالقبائل. كما لا يجب أن يغرب عن البال أن السعدون يرتبطون بالنظام الاجتماعي للصحراء ولم يخضعوا لتأثيرات المحلية التي خضعت لها قبائل العراق ، والتي كانت مثلهم من المهاجرين من الجزيرة العربية والذين سبقوهم بالهجرة وهم لذلك أكثر اتصالاً بتقاليد وعادات ما بين النهرين. وقد حافظ آل السعدون على السمات التي تميز بدو الجزيرة العربية ، فهم من السنة ومن أهل البعير أي الإبل وديرتهم هي منطقة الحماد غربي الحي أو جنوب الفرات حيث حفروا أو أعادوا حفر الآبار في منازلهم القبلية المعتادة وإليها يعودون بعد هطول المطر المبكر وحيث يتمتعون بسلطتهم كزعماء مستقلين للصحراء))). يذكر المؤرخ جعفر الخياط ، وذلك عند حديثه عن تفرد أسرة السعدون الأشراف في تاريخ العراق وتحكمها في مقدرات العراق ومصائره لعدة قرون ، في كتابه صور من تاريخ العراق في العصور المظلمة، ص: 29 (((لم تظهر على مسرح الحوادث في تاريخ العراق الحديث أسرة نبيلة تولت الإمارة، وتحكمت في مقدرات العراق ومصائره دهرا طويلا من الزمن مثل أسره السعدون المعروفة. فقد بسطت نفوذها على القسم الأعظم من العراق الجنوبي مدة تناهز الأربع مئة سنة، وتولى شيخة قبائل المنتفك وإمارتها ما يزيد على العشرين شيخا من أبنائها البارزين. وقد كانت هذه الأسرة العربية الكريمة أول من بعث الفكرة العربية من مرقدها في العراق الحديث ، وحمل راية النضال من أجلها بالدم والحديد في وجه الأتراك والايرانيين، بعد أن دثرت وانطمست مآثرها على أيدي المغول الأثيمة.... وقد كان العثمانيون يشعرون بثقل العبء الملقى على عاتقهم في هذا الشان، ولذلك كان تصرفاتهم وخططهم التي رسمت خلال مدة حكمهم كلها ،ولا سيما في عهودهم الأخيرة ،تستهدف ضعضعة الأسرة السعدونية القوية والقضاء عليها بالحركات العسكرية والتدابير الإدارية ،والعمل على انقسامها فيما بينها))).


2- نسب حاكم مملكة المنتفق الأمير الشريف مانع بن شبيب وأسرته آل سعدون:


الأمير مانع بن شبيب آل شبيب هو الجد الأعلى لمعظم فروع أسرة السعدون في عصرنا الحاضر ( ماعدا فرعين من الأسرة هما آل صقر وآل صالح ) ، ويرجع نسب الأمير مانع بن شبيب آل شبيب الى أشراف المدينة المنورة وتحديدا الى أمراء المدينة المنورة آل مهنا ، وقد كان أجداده أمراء للمدينة المنورة لأكثر من خمس قرون ، وقد عرفت أسرته بآل شبيب نسبه لجده شبيب الأول ثم لاحقا ومنذ منتصف القرن التاسع عشر أصبحت الأسرة تعرف بآل سعدون نسبة لحفيده ( الأمير سعدون بن محمد بن مانع بن شبيب آل شبيب) حيث أصبح اللقب يطلق على ذرية الأمير سعدون وعلى ذرية أبناء عمه من آل شبيب ، يذكر المؤرخ والمستشرق الألماني البارون ماكس فرايهير فون أوبنهايم ، عند حديثه عن الأسرة الحاكمة في مملكة المنتفق ، في كتابه البدو, ج3, ص: 282 ((( بني شبيب أو آل السعدون، كما أصبحوا يسمون لاحقا))). وهذا تسلسل نسب الأمير مانع:


الأمير مانع الثاني (حاكم مملكة المنتفق وشيخ مشائخ قبائلها) بن الأمير شبيب الثاني(حاكم مملكة المنتفق وشيخ مشائخ قبائلها) بن الأمير مانع - الصخا (حاكم مملكة المنتفق وشيخ مشائخ قبائلها) بن الأمير شبيب الأول (حاكم مملكة المنتفق وشيخ مشائخ قبائلها) بن الشريف حسن (مؤسس مملكة المنتفق واتحاد قبائل المنتفق) بن الشريف مانع بن مالك بن سعدون الأول بن إبراهيم (أحمر العينين) بن الأمير كبش (أمير المدينة المنورة) بن الأمير منصور (أمير المدينة المنورة) بن الأمير جماز (أمير المدينة المنورة + أمير مكة المكرمة 687هـ + أول من سك عمله بإسمه في مكة من أمراء المدينة المنورة) بن الأمير شيحة (أمير المدينة المنورة+أمير مكة المكرمة عام 637هـ) بن الأمير هاشم (أمير المدينة المنورة) بن الأمير قاسم (أبو فليته) (أمير المدينة المنورة+ أمير مكة عام 571هـ) بن الأمير مهنا الاعرج (أمير المدينة المنورة) بن الأمير الحسين (شهاب الدين) (أمير المدينة المنورة) بن الأمير مهنا الأكبر (أبو عمارة) (أمير المدينة المنورة) بن الأمير داود (أبو هاشم) (أمير المدينة المنورة) بن الأمير القاسم (أمير المدينة المنورة) بن الأمير عبيد الله (أمير المدينة المنورة+ أمير العقيق) بن طاهر بن يحي النسابة بن الحسن بن جعفر بن عبيد الله (الاعرج) بن الحسين (الأصغر) بن علي (زين العابدين) بن الحسين - رضي الله عنه - ابن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - رضي الله عنه.


ونظرا لشهرة الأمير مانع بن شبيب التاريخية وإنحصار حكم مملكة المنتفق في ذريته فإن العديد من مشجرات أسرة السعدون ( التي كانت تعرف بآل شبيب في عهد مانع وعرفت لاحقا بآل سعدون نسبه لحفيده الأمير سعدون بن محمد بن مانع) في كتب التاريخ تبدا بالتفرع بعد مانع وتفصل في ذريته فقط دون ذرية أبناء عمه ...علما بأن ذرية أخيه الأمير صقر بن شبيب آل شبيب قد نافست ذريته على الحكم في معظم القرن الثامن عشر. وهذه مشجرتين لأسرة السعدون:


1- المشجرة التالية من كتاب معجم الأنساب والأسرات الحاكمة في التاريخ الإسلامي ، وهو كتاب للمستشرق النمساوي زامباور يجمع فيه الأسر الحاكمه في التاريخ الإسلامي، وقد كان زامباور وزيرا للنمسا في البلاط العثماني ما بين 1913 م - 1918 م. وقد وضع مشجر لأسرة السعدون في كتابه في صفحة 212.



2- المشجرة التالية للمؤرخ الإنجليزي ستيفن هيمسلي لونكريك، في كتابه ( أربعة قرون من تاريخ العراق الحديث ) وهو كتاب يتحدث عن تاريخ العراق في الأربع قرون التي سبقت الحرب العالمية الأولى، وقد عمل مؤلف الكتاب كمفتشا إداريا بالعراق من قبل بريطانيا العظمى في الفترة التالية للحرب العالمية الأولى. وضع المؤلف شجرة لأسرة السعدون في الملحق الثاني في صفحة 420، وقد ذكر المؤرخ في كتابه أربع مشجرات لأربع أسر ، وهذه الأسر هي : أسرة حسن باشا (أسرة المماليك ولاة بغداد والممثلين للدولة العثمانية) وأسرة الجليليين (ولاة مدينة الموصل) وأسرة البابانيين (ولاة إمارة بابان في كردستان) وأسرة آل شبيب - آل سعدون (حكام مملكة المنتفق والتي تشمل معظم مناطق وقبائل وعشائر جنوب ووسط العراق). وقد وردت الأسر بالكتاب بالنص التالي:


1. أسرة حسن باشا.
2.أسرة الجليليين.
3. أسرة البابانيين.
4. أسرة آل شبيب (السعدونيون).



أما بالنسبة لأسرة الأمير مانع بن شبيب ( آل سعدون) .. يتفق جميع المؤرخين الذين تكلموا تاريخيا عن نسب أسرة آل سعدون على كونها ترجع في نسبها للأشراف، سواء كان هؤلاء المؤرخين عثمانيين أو عرب أو أجانب، هذا بالأضافة إلى الشهرة التاريخية للأسرة بهذا النسب بين القبائل في العراق والجزيرة العربية والشام، وأيضا الموروث الشعبي المتفق عليه لدى كافة القبائل والعشائر التي حكموها. ونذكر هنا بعض النصوص التاريخية التي تتحدث عن نسب الأسرة ( وتحديدا عن أحفاد الأمير مانع بن شبيب الذي يدور حوله هذا البحث ) في القرن الثامن عشر والقرن التاسع عشر لمؤرخين مختلفين:


في القرن الثامن عشر ذكر المؤرخ العثماني الشيخ عثمان بن سند الوائلي البصري ( المولود عام 1765م) نسب حاكم مملكة المنتفق وشيخ مشائخ قبائلها الأمير ثويني بن عبد الله بن محمد بن مانع بن شبيب آل شبيب (وهو معاصر لعثمان بن سند)، في كتاب مطالع السعود بطيب أخبار الوالي داود , القسم المقتطع من خزانة التواريخ النجدية ، مختصر الشيخ أمين الحلواني ، ص: 280 (((وثويني هذا هو ابن عبد الله بن محمد بن مانع القرشي الهاشمي العلوي الشبيبي تولى مشيخة المنتفق كما تولاها أبوه وجده أجواد العرب وشجعانها))). حيث عرف المؤرخ تسلسل نسبه بــ القرشي (نسبة لقبيلة قريش) والهاشمي (نسبه لبني هاشم) والعلوي (نسبه لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه والذي يعرف نسله بالأشراف) والشبيبي (نسبه إلى آل شبيب الأسرة الحاكمه في مملكة المنتفق والتي كانت تضم معظم مناطق جنوب ووسط العراق)، والأمير ثويني بن عبد الله المذكور هو حفيد للأمير مانع بن شبيب الذي يدور حوله هذا البحث وهو ابن أخ الأمير سعدون بن محمد بن مانع الذي عرفت بإسمه لاحقا الأسرة الحاكمه في مملكة المنتفق.


وأيضا في نهاية القرن الثامن عشر يذكر نسب الأسرة عالم الأحساء الشهير الشيخ محمد بن فيروز التميمي المتوفى سنة 1216هـ (1801م) وذلك في قصيدته التي قالها في رثاء حاكم مملكة المنتفق وشيخ مشائخ قبائلها الأمير ثويني بن عبد الله بن محمد بن مانع آل شبيب وذلك بعد إغتيال الأمير ثويني عام 1797م.. نذكر الأبيات من قصيدته :


وآل شبيب ذو المفاخر والعلا

ليوث الشرى أرجو بهم يدرك الثأر

ستبكيك منهم عصبة هاشمية

بسمر القنا والبيض أدمعها حمر


ومن مؤرخين القرن التاسع عشر العالم والمؤرخ والنسابة النجدي إبراهيم بن صالح بن عيسى، ولد عام 1854م وتوفي عام 1925م، وهو أحد أبرز مؤرخين نجد والجزيرة العربية وذكر أحداث تتعلق بحكام مملكة المنتفق من أسرة السعدون الأشراف (آل شبيب سابقا) وأشار فيها إلى نسبهم، كتاب تاريخ ابن عيسى ، المقتطع من خزانة التواريخ النجدية ، حوادث سنة 1147هـ، ص: 69 (((وفيها قتل الروم محمد المانع بن شبيب القرشي الهاشمي العلوي رئيس بوادي المنتفق))). ذكر النص حاكم مملكة المنتفق وشيخ مشائخ قبائلها الأمير محمد بن مانع بن شبيب آل شبيب، وهو ابن الأمير مانع بن شبيب الذي يدور حوله هذا البحث ووالد الأمير سعدون بن محمد الذي عرفت بإسمه الأسرة لاحقا، وقد عرف المؤرخ تسلسل نسبه بــ القرشي (نسبة لقبيلة قريش) والهاشمي (نسبه لبني هاشم) والعلوي (نسبه لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه والذي يعرف نسله بالأشراف). وقد ذكر ابن عيسى الكثير من الأحداث التي تتعلق بحكام مملكة المنتفق في القرن التاسع عشر من آل سعدون ووصل انسابهم إلى الأمير محمد بن مانع آل شبيب المذكور بالنص أعلاه أو وصلها إلى ابنه الأمير سعدون بن محمد آل شبيب ونذكر أحد هذه النصوص على سبيل المثال وهو نص يتكلم عن معركة داخلية بين أبناء أسرة السعدون على الحكم في القرن التاسع عشر أنتهت بإنتقال الملك في مملكة المنتفق والمشيخة (الرئاسة) في اتحاد قبائل المنتفق من فرع آل محمد من أسرة آل سعدون الى ذرية راشد من أسرة آل سعدون ، كتاب تاريخ ابن عيسى ، المقتطع من خزانة التواريخ النجدية ، حوادث سنة 1268هـ، ص: 131 (((وفيها حصل وقعة شديدة بين عيال راشد بن ثامر السعدون ومن تبعهم من المنتفق وبين عيال عبد الله العقيل بن محمد بن ثامر السعدون ومن تبعه من المنتفق فقتل عبد الله آل عقيل بالمعركه، وانهزم اصحابه - ابن سعدون بن محمد بن مانع بن شبيب، وصارت الرياسة لعيال راشد على المنتفق وصار لهم الملك والرئاسة))).


ومن فروع أسرة السعدون (آل شبيب سابقا) من غير ذرية الأمير مانع بن شبيب الذي يدور حوله هذا البحث ... آل صقر ( وهم ذرية أخو مانع) وآل صالح ( وهم ذرية أبن عم مانع) ، يذكر الشيخ محمد البسام التميمي النجدي في عام 1818م ، في كتابه الدرر المفاخر في أخبار العرب الأواخر ، آل شبيب وفروعهم المشهورة في تلك الفترة (فترة حكم الأمير حمود بن ثامر بن سعدون بن محمد بن مانع آل شبيب) وهذه الفروع هي: آل محمد - منهم سعدون بن محمد الذي عرفت به الأسرة لاحقا (وهم ذرية الأمير محمد بن مانع بن شبيب آل شبيب)، وآل مغامس (وهم ذرية الأمير مغامس بن مانع بن شبيب آل شبيب ) ، وآل صقر (وهم ذرية الأمير صقر بن شبيب آل شبيب ) ، وآل راشد ( وهم ذرية الأمير راشد بن مانع بن شبيب آل شبيب) ، وهذا نص البسام (((الشبيب زبدتهم في المهمات نجدتهم ، ذوو الأنفس الأبية والشيم العربية، الكماة المشهورين والحماة المذكورين، باعهم في المجد طويل وطباعهم إلى طلب الحمد تميل، هباتهم متواصلة وأكفهم لنيل ما راحته من المحامد وأصلة ، يكرمون النزيل ولا كلل، ويطفئون الليل مما أشتعل بأياد تمكن الغوادي وسوادي من تغيث الصوادي، شادوا المكارم وأبادوا المحارم، يُقتدى بهم في الفضائل ويهتدي بأواخرهم كالأوائل سنوا مكارم الأخلاق وبنو للحرب أرفع رواق، والشبيب المذكورون أربع فرق كلهم مشهورون. وهم "آل محمد" الذين منهم الشيخ، والصقر والراشد والمغامس))). ولم يذكر البسام أحد فروع الأسرة في عهده وهم آل صالح (يبدو أنه اعتبرهم ضمن أحد الفروع التي ذكرها للأسرة). ويرد ذكر آل صالح في عام 1241هـ الموافق عام 1825م (بعد سبع سنوات من تأليف البسام لكتابه الدرر الأواخر في أخبار العرب الأواخر) وذلك عندما ذكرهم المؤرخ العثماني المعاصر لهم عثمان بن سند عند قدومهم الى بغداد لزيارة ودعم الأمير براك بن ثويني بن عبدالله بن محمد بن مانع آل شبيب والذي انشق وقتها على ولد عمه حاكم مملكة المنتفق الأمير حمود بن ثامر بن سعدون بن محمد بن مانع آل شبيب ، يذكر المؤرخ العثماني الشيخ عثمان بن سند الوائلي البصري (المعاصر لهم) ، في كتابه مطالع السعود بطيب أخبار الوالي داود ، ص: 366 ((( وفيها قدم على براك بن ثويني جماعة من آل صالح وهم شبيبيون))). ويرد أيضا ذكر آل صالح في كتب التاريخ عند الحديث عن منطقة الجمارك في العرجا على نهر الفرات وهي المنطقة التابعه لهم اقتصاديا ضمن مملكة المنتفق .. حيث كانت أسرة السعدون تسيطر على الحركة الملاحية التجارية في أنهار دجلة والفرات تاريخيا في مناطق حكمهم في جنوب ووسط العراق (مملكة المنتفق)، يتحدث المؤرخ والمستشرق الألماني البارون ماكس فرايهير فون أوبنهايم ، في كتابه البدو ، عن اقتصاد مملكة المنتفق , ج3, ص: 624 (((يضاف إلى ذلك عائدات ضخمة من الجمارك. كان يوجد على الفرات في القرن الثامن عشر نقطة جمركية مقابل نهر عنتر وأخرى في عرجة. وكانت هذه تابعة لفرع الصالح من عائلة الشيوخ. وفي القرن التاسع عشر أصبحت جمارك الفرات تجبى في سوق الشيوخ، وكانت تؤجر إلى جانب ضرائب أخرى في الناحية بمبلغ 50000 شامي. وكان جمرك دجلة، الذي كان مركزه موجودا في زكية فوق القرنة، يؤجر بمبلغ 12000 شامي، وكانت الضريبة العقارية في ناحية زكية تجلب مبلغا مماثلا))).


نختم هذا القسم من البحث بذكر تعداد لأفراد الأسرة الحاكمة في مملكة المنتفق في عام 1765م وفي عام 1835م، يذكر المؤرخ والمستشرق الألماني البارون ماكس فرايهير فون أوبنهايم ، في كتابه البدو ، تعدادا للأسرة الحاكمة في مملكة المنتفق نقلا عن اثنين من الرحالة , ج3, ص: 622 ((( يقدر نيبور عددهم عام 1765م بمائة وخمسين شخصا ، ويقدر فريزر (الجزء الثاني ، 101) عددهم عام 1835م برقم مماثل تقريبا))).


3- إتساع مملكة المنتفق في عهد الأمير الشريف مانع بن شبيب وعلاقة آل سعدون بقبائلهم - البادية والحاضره:


كانت مملكة المنتفق في عهد حاكمها الأمير الشريف مانع بن شبيب آل شبيب تشمل نصف العراق وتضم أجزاء من عربستان وأجزاء من صحاري شمال الجزيرة العربية وتصل حدودها الشمالية إلى جنوب مدينة بغداد وإلى مندلي بينما حدودها الجنوبية كانت تصل الى شمال بلدة الكويت والتي كانت تمثل أقصى نقطة في المنطقة الشمالية من دولة بني خالد ، يذكر المؤرخ الإنجليزي ستيفن لونكريك في كتابه (أربعة قرون من تاريخ العراق الحديث) إتساع مملكة المنتفق وحدودها (الشمالية والشرقية) وذلك عن حديثه عن حاكم مملكة المنتفق (مابين عام 1668م – 1703م) الأمير الشريف مانع بن شبيب آل شبيب وعن نفوذه ومناطق حكمه بالعراق وخارجه ويقارن هذا النفوذ بنفوذ الحكام الأتراك في بغداد وشمال العراق وكيف أن الأمير مانع يفوقهم نفوذا ، ص: 151 (((ولم يدر بخلد أي باشا غريب أن يأمل نفوذا شاملا مثل نفوذه. فقد امتلك قسما من عربستان، وكان مسيطرا على ما بين دجلة وعربستان من سهول وأهوار، وأطاعته بدرة وجصان ومندلي، وقد غطت سطوته يومئذ على سطوة الحويزة، اما على الفرات فقد استولى على العرجة والسماوة والرماحية))). ويذكر المؤرخ حسين خلف الشيخ خزعل في كتابه تاريخ الجزيرة العربية ، حدود مملكة المنتفق الجنوبية والغربية في نفس الفترة التي ذكرها ستيفن لونكريك , ج1 ، ص:39 (((وماكاد يحل القرن الثاني عشر حتى انتشرت الفوضى في نجد وعم الانقسام , وتوسعت الفرقة , وتفرقت الكلمة , وتعددت الامارة والمشيخات , فكانت الأمارة في العيينة لآل معمر , وفي الدرعية لآل سعود , وفي الرياض لآل دواس , وفي الأحساء لبني خالد , وفي نجران لآل هزال , وفي حائل لآل علي , وفي القصيم لآل حجيلان , وفي حدود نجد الشمالية وجنوب العراق لآل شبيب))). ولايعرف تاريخ بداية حكم الأمير مانع بن شبيب آل شبيب لمملكة المنتفق بشكل دقيق ، فهو مختلف فيه بين تاريخين ، الأول هو العام 1668م والثاني هو العام 1682م. وهذه صورة توضح حدود مملكة المنتفق في تلك الفترة مع علم مملكة المنتفق:



وبالإضافة إلى كون الأمير مانع بن شبيب آل شبيب حاكم لمملكة المنتفق فهو شيخ مشايخ لأكبر اتحاد للقبائل والعشائر (مختلفة الأصول) شهده العراق تاريخيا وهو الإتحاد القبلي الضخم والممتد من وسط العراق وحتى شمال الجزيرة العربية و الذي أسسه جده عام 1530م ... وننقل هنا وصفا لحلف قبائل المنتفق والذي يشكل القسم الرئيسي من مملكة المنتفق وهو من زيارة الرحالة بارسونز عام 1774م لأراضي مملكة المنتفق في عهد حاكمها الأميرعبدالله بن محمد بن مانع بن شبيب آل شبيب ( حفيد الأمير مانع بن شبيب المتعلق به هذا البحث وأخو الأمير سعدون بن محمد بن مانع الذي عرفت الأسرة بإسمه لاحقا) ، يذكر أ.م.د. رياض الأسدي , في بحثه جذور الفكر السياسي في العراق الحديث ـ1ـ , محاولات الإستقلال المحلّي في العراق 1750ـ 1817 ، عند حديثه عن الرحالة بارسونز ووصفه لإتحاد قبائل المنتفق (((وجد أن حلفه القبلي "المنتفق" يغطي مساحة كبيرة من جنوب ووسط العراق، ويضمّ بين جنباته عددا كبيرا من السكان يفوق بالطبع عدد السكان المنضوين في باشوية بغداد أضعافا))). وعلى الرغم من السياسات العثمانية والمعارك ضد مملكة المنتفق طوال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر والتي تسببت في هجرة الكثير من القبائل من مملكة المنتفق إلى ولاية بغداد أو إلى عربستان (حيث شكلوا ثقلا عدديا كبيرا هناك ولكنهم فقدوا وحدتهم ) وتسببت أيضا في إستعادة أراضي شاسعة من مملكة المنتفق لصالح العثمانيين منذ العام 1853م وفقا لإتفاقيات رسمية فيما عرف لاحقا بمرحلة الإفراز ، إلا ان اتحاد قبائل المنتفق حافظ على كونه أكبر اتحاد للقبائل والعشائر مختلفة الأصول في العراق. يذكر قبائل اتحاد المنتفق بعد هذه الفترة الكسندر أداموف ، القنصل الروسي في البصرة في نهاية القرن التاسع عشر، في كتابه ولاية البصرة في ماضيها وحاضرها (((إن اتحاد المنتفق، أقوى الاتحادات العراقية وأكثرها عددا... وفي مقدوره أن يقدم إلى ساحة المعركة ما يقارب من (50) ألف مقاتل ،بفضل اتحاد قبائله ورؤسائه من آل شبيب... (إنه) اتحاد مخيف، بل مرعب لقوى الدولة وللقوى الأخرى، طالما جرع الكثيرين هزائم لا تنكر))). ويذكر الشيخ والمؤرخ علي الشرقي ، في كتابه ذكرى السعدون (الصادر عام 1929م) ، مرحلة الإفراز وتدرج العثمانيين بإقتطاع أراضي مملكة المنتفق في القرن التاسع عشر ، ص: 28 (((وتم للعثمانيين ماارادوه في بلاد المنتفق وكانوا يعملون عليه منذ قرون تقريبا فقد جاؤا على البنيان بالهدم حجارة حجارة حتى اتوا عليه وقد تدرج العثمانيون ينقصون مملكة المنتفق من السماوة والعمارة ومن أنحاء البصرة))). ولمزيد من التفاصيل حول قبائل المنتفق وتنوعها وأصولها يمكن الرجوع للملحق الثاني من هذا البحث ( بعنوان: ملحق2: نبذه موجزه عن أسرة السعدون ومملكة المنتفق واتحاد قبائل المنتفق).


ونتحدث هنا حول عادات وتقاليد أسرة السعدون الأشراف المتعلقة بحكمهم لمملكة المنتفق وبمشيختهم لإتحاد قبائل المنتفق (أكبر اتحاد للقبائل والعشائر مختلفة الأصول شهده العراق تاريخيا)، يذكر خورشيد باشا (الذي اشترك بلجنة الحدود العثمانية الفارسية ما بين 1848م - 1852م وأصبح واليا لأنقرة لاحقا ) في تقريره الذي أعده للدولة العثمانية في تلك الفترة، وذلك عند حديثه عن عادات وتقاليد شيخ مشايخ المنتفق من أسرة آل سعدون الأشراف ، كتاب ولاية البصرة - من كتاب (سياحة نامة حدود) جولة بالمناطق الحدودية بين الامبراطورية العثمانية وفارس- ص: 59 ((( هناك عدد كبير من الشيوخ الثانويين تحت سيادة شيخ مشايخ المنتفق ، كل هذا العدد من الشيوخ تحت أمرة شيخ المنتفق ، وعن طريق كل منهم تصل تعليمات الشيخ الرئيسي الى افراد قبائلهم وعليهم ان ينفذوا هذه الاوامر طوعا لا اكراها ))).يذكر مؤرخ العراق الكبير عباس العزاوي، في كتابه عشائر العراق، المجلد الرابع، ص:14(((عشائر المنتفق كبيرة وكثيرة، وليس من المستطاع أن تذعن لبيت. وانما القدرة في هذا البيت جعلتها تذعن وبالتعبير الاصح ان الحوادث وتواليها جمعتها في الرئاسة ذات المواهب... ولم يخل بها أو يضعضع أمرها ما قامت به الدولة العثمانية من حركات عسكرية للقضاء عليها بل مكنتها، فاثبتت الكفاءة بإدارة عشائرها والجدارة بحزم في التفاهم معها))). هذا العدد الكبير من القبائل والعشائر كان يتطلب الموازنة في التعامل بينهم ، خصوصا اذا ماعلمنا أن قبائل اتحاد المنتفق بشكل خاص وقبائل مملكة المنتفق بشكل عام كانت تنقسم الى أربعة أصناف ( قبائل بادية وقبائل زراعية وقبائل الأهوار النهرية وقبائل شاوية – مربين الأغنام) ويندرج تحت كل صنف عدد كبير من العشائر والقبائل المختلفة الأصول ، وكل صنف من هذه الأصناف كان يعيش وفق نمط معيشي مختلف عن الصنف الأخر. ويمكن تقسيم القبائل في هذه الأربعة أصناف بشكل عام الى مجموعتين هما القبائل المتنقله ( البادية ) والقبائل المستقرة أو شبه المستقرة ( الحاضرة ) ، لذلك كانت الأسرة الحاكمة في مملكة المنتفق تدير الحكم وتوازن وقتها وعلاقتها بين المجموعتين وفق نمط خاص كما سوف يأتي.


كانت الأسرة الحاكمة في مملكة المنتفق تقسم السنة الى قسمين ، القسم الأول عبارة عن 9 أشهر وتقضيه في عاصمة الدولة والقسم الثاني عبارة عن 3 أشهر (فصل الربيع) وتقضيه متنقله مع قبائل البادية التابعة لها . وقد كانت عاصمة مملكة المنتفق في عهد الأمير مانع بن شبيب آل شبيب هي مدينة العرجا وانتقلت العاصمة لمدينة البصرة لعدة مرات في عهده أو في عهد ذريته عندما تم انتزاع المدينة من العثمانيين ، وفي عام 1761م قام حاكم مملكة المنتفق الأمير عبدالله بن محمد بن محمد بن مانع آل شبيب بنقل مركز الحكم لمملكة المنتفق الى المنطقة التي بنيت فيها مدينة سوق الشيوخ لاحقا من قبل ابنه الأمير ثويني بن عبدالله ، حيث قام بتأسيس قرية على شكل حصن كبير في تلك المنطقة ( عرفت بكوت الشيوخ أو قلعة الشيوخ) ، ونقل العاصمة من مدينة العرجا إلى هذا المكان. وقد بنيت هذه القلعة الكبيرة لتكون مركزا للتموين وللذخيرة والسلاح للمعسكر الحربي الرئيسي لحاكم مملكة المنتفق ومركزا يقيم فيه حاشيته الكثيرة – عبيده ومستشاريه – بالإضافة إلى إقامة حاكم مملكة المنتفق و شيوخ قبائل المنتفق فيها لمدة 3 فصول من السنة بإستثناء فصل الربيع ، وعند تأسيس مدينة سوق الشيوخ من قبل ابنه الأمير ثويني بن عبدالله - عام 1780م - أصبح هذا الحصن الكبير أحد ضواحيها ومركزا تقيم حوله الكثير من قبائل المنتفق البدوية وأصبحت مدينة سوق الشيوخ هي العاصمة للأسرة الحاكمة في مملكة المنتفق ، بالإضافة إلى ان مدينة سوق الشيوخ أصبحت أحد أهم المدن التجارية في العراق والجزيرة العربية ومركزا لتجارة أهل نجد والكويت في العراق ، يذكر الكسندر أداموف – القنصل الروسي في البصرة في نهاية القرن التاسع عشر- في كتابه : ولاية البصرة في ماضيها وحاضرها ، وذلك عند حديثه عن مدينة سوق الشيوخ والطاعون الذي اجتاحها ، ص: 55 (((وعندما اجتاح الطاعون في 1831 العراق بأجمعه وجه أول ضربة لرفاهية هذا المركز التجاري العربي الصرف))). بعد الطاعون أنتقل مركز الحكم لمملكة المنتفق إلى خارج مدينة سوق الشيوخ وعاد الى كوت الشيوخ مرة أخرى ، يذكر القنصل الروسي بالبصرة انه في النصف الثاني من القرن التاسع عشر وقبل تأسيس مدينة الناصرية (عام 1869م) كان جميع مشايخ القبائل في اتحاد المنتفق يقيمون في كوت الشيوخ ، وبعد تأسيس مدينة الناصرية من قبل الأمير ناصر السعدون أصبحت العاصمة لمملكة المنتفق وتم بناء قصر الحكم لأسرة السعدون فيها وانتقل مركز الدولة إليها من كوت الشيوخ. يذكر كوت الشيوخ وقصر الحكم الكبير لأسرة السعدون في مدينة الناصرية المؤرخ الكسندر أداموف ، القنصل الروسي في البصرة في نهاية القرن التاسع عشر، في كتابه ولاية البصرة في ماضيها وحاضرها ، ص: 56 ((( وتعتبر كوت الشيوخ أو قلعة الشيوخ ، قرية من القصب من هذا النوع وان كانت أكبر في حجمها ، وهي تقع على بعد عشرة أميال إلى الأعلى من سوق الشيوخ صعودا مع الفرات . وكانت هذه القرية قبل تأسيس الناصرية وبناء قصر آل السعدون الواسع فيها ، مقرا لشيخ المشايخ أو الزعيم الرئيس لعشائر المنتفق وحاشيته الكثيرة العدد والمقربين منه وكذلك لزعماء جميع القبائل الداخلة في هذا الاتحاد القبلي وهكذا كانت كوت الشيوخ تبدو كمعسكر ضخم للبدو))).


أما من ناحية العلاقة بين الأسرة الحاكمة وقبائل البادية (بشكل خاص) في مملكة المنتفق فكانت كالتالي: في فصل الربيع يبدا حاكم مملكة المنتفق وشيخ مشايخ قبائلها بالتنقل مع قبائله البدوية طوال فصل الربيع ولمدة 3 أشهر ، حيث يتنعم بالهواء الطلق ويمارس الصيد ، يذكر المؤرخ والمستشرق الألماني البارون ماكس فرايهير فون أوبنهايم ، في كتابه البدو ، عند حديثه عن الأسرة الحاكمة في مملكة المنتفق وعلاقتهم بقبائلهم البدوية ، قسم المنتفق ، ج:3 ، ص: 625 ((( على الرغم من هذا الارتباط الوثيق بالأرض كان شيوخ الشبيب – سعدون يشعرون بأنهم أمراء بدو. فكان شيخ المشايخ يتجول في مارس/ آذار أو قبل ذلك مع البدو لمدة ثلاثة أشهر في الصحراء ))). يذكر خورشيد باشا (الذي اشترك بلجنة الحدود العثمانية الفارسية ما بين 1848م - 1852م وأصبح واليا لأنقرة لاحقا ) في تقريره الذي أعده للدولة العثمانية في تلك الفترة ، وذلك عند حديثه عن عادات وتقاليد شيخ مشايخ المنتفق من أسرة آل سعدون الأشراف وعن قبائل المنتفق البدوية ، كتاب ولاية البصرة - من كتاب (سياحة نامة حدود) جولة بالمناطق الحدودية بين الامبراطورية العثمانية وفارس- ص: 60 ((( يتوجه شيخ مشايخ المنتفق عند حلول فصل الربيع الى الشامية (البادية) ويبقى هناك لمدة ثلاثة أشهر حتى حلول فصل الصيف ، ويتجول الشيخ في مناطق البراري والاماكن التي توجد فيها الاعشاب والمياه ، يصطاد انواع الطيور والحيوانات البريه وحتى صيد السمك ، ويتنعم بالحياة كلية بالهواء الطلق ، كبقية أبناء عشائر المنتفق الاصلية الذين يعيشون حياة بدوية في اماكنهم. ففي بداية فصل الربيع يحملون معهم خيامهم واطفالهم وزوجاتهم ومواشيهم ويتجهون الى الشامية ويتجولون مع شيخ مشايخ المنتفق طيلة فصل الربيع بدون تمييز))).كما ننقل هنا وصفا للمعسكر الحربي المتنقل لحاكم مملكة المنتفق الأمير عبدالله بن محمد بن مانع آل شبيب ( حفيد الأمير مانع بن شبيب الذي يدور حوله هذا البحث وأخو الأمير سعدون الذي عرفت بإسمه الأسرة لاحقا) ، وهو المعسكر الذي كان فيه كل مواد التموين والإمدادت المطلوبة وأجمل الخيول الأصيلة وكلاب الصيد والصقور بالإضافة لحيوانات نادرة مثل زوج من النعام الداجن والمطوقه حول عنقيهما بأطواق حمراء وأجراس نحاسية والتي يملكها حاكم مملكة المنتفق ،يذكر ج.ج. لوريمر , في كتابه دليل الخليج , القسم التاريخي ، وصف الرحالة بارسونز للمعسكر الحربي للأمير عبدالله بن محمد بن مانع بن شبيب عام 1774م , ج 4 ، ص: 1841 ((( كان معسكره من الخيام ويغطي مساحة كبيرة حاويا عدد ضخما من الناس , ومتوفرة فيه كل مواد الامدادات والتموينات المطلوبة . ومن الحيوانات كانت القبيلة وشيوخها يملكون أجمل الخيول الأصيلة . وكلاب الصيد والصقور بل حتى بعض الحيوانات النادرة كزوج من النعام الداجن وقد طوقا بأطواق حمراء وأجراس نحاسية حول عنقيهما))).


وتمتلك مملكة المنتفق عددا كبيرا من القلاع (ورد ذكرها في تقرير عثماني بعد 150 سنة من وفاة الأمير مانع بن شبيب الذي يدور حوله هذا البحث) ، وهي القلاع التي تنتشر على ضفتي نهر الفرات من شمال مدينة السماوة وحتى القرنة (ملتقى دجلة والفرات) بطول أكثر من 300 كلم ثم تنتشر على ضفتي شط العرب من القرنه وحتى الخليج العربي بطول أكثر من 200 كلم ، يذكر خورشيد باشا في تقريره الذي أعده للدولة العثمانية ، قلاع مملكة المنتفق على امتداد ضفتي الفرات من شمال السماوة وحتى القرنه وعلى امتداد ضفتي شط العرب من القرنه وحتى مصب شط العرب في الخليج ، وذلك عند حديثه عن مدن وقرى مملكة المنتفق وعن حاكم مملكة المنتفق وشيخ مشايخ قبائلها في تلك الفترة (فترة اعداد التقرير) ، وكان خورشيد باشا قد اشترك بلجنة الحدود العثمانية الفارسية ما بين 1848م - 1852م وأصبح واليا لأنقرة لاحقا ، كتاب ولاية البصرة - من كتاب (سياحة نامة حدود) جولة بالمناطق الحدودية بين الامبراطورية العثمانية وفارس ، ص: 53 (((أما قرية السماوة فيبلغ عدد بيوتها اقل من نصف بيوت سوق الشيوخ ولكنها تسمى بالقصبة أيضا فلم نصل إليها ولكن قيل لنا يوجد فيها بعض الأماكن الجميلة كما يملك شيخ المشايخ قرى أخرى مثل الشطرة وطالبة وغليظة، والتي يمكن ملاحظة أهميتها من عدد سكانها كما ذكرت في القائمة. يضاف إلى ذلك فهم يملكون اعداد كبيرة من القلاع المسماة بالكوت والممتدة من السماوة وحتى مقاطعة الدواسر الواقعة بالقرب من خليج البصرة والمنتشرة على جانبي الفرات وشط العرب))). وهذه خريطة توضح إمتداد قلاع مملكة المنتفق وبادية مملكة المنتفق وبعض المناطق في مملكة المنتفق مثل منطقة الجزائر ( التي سوف يتم ذكر أحداث تتعلق بها في هذا البحث ) ومنطقة المجره ومنطقة شط العرب ومنطقة الغراف ومنطقة الجزيرة السفلى فوق نهر الغراف:



أخيرا نختم هذا القسم من البحث بوصف للمنطقة الواقعة في وسط مملكة المنتفق ، يذكر المؤرخ النجدي عبدالله بن محمد البسام التميمي (المولود عام 1858م والمتوفى بعنيزة عام 1927م ) ، في كتابه تحفة المشتاق في أخبار نجد والحجاز والعراق ، وذلك عند حديثه عن قبائل المنتفق في البصرة .. وعن المنطقة الواقعه في وسط مملكة المنتفق (مابين البصرة وسوق الشيوخ) ... وعن الأسرة الحاكمة في مملكة المنتفق ( آل سعدون الأشراف) ، ص: 338 (((وصار كل قبيلة منهم لهم نخيل معروفة وقرى معلومة من البصرة وأيديهم عليها . واستمرت بعدهم في أيدي أولادهم ثم أولاد أولادهم , وجعلوها ملكا لهم وعجز عنهم صاحب بغداد , وكانت الرئاسة على المنتفق لآل سعدون من آل شبيب وصاروا ملوكا وملكوا البصرة وسوق الشيوخ ومابينهما من باد وحاضر فهو تحت ايديهم))).


4- تصاعد القوة لمملكة المنتفق ولحكامها في القرن السابع عشر قبل انتزاعهم للبصرة من العثمانيين:


في بدايات القرن السادس عشر (1500م – 1600م) ظهر اتحاد قبائل المنتفق الى الوجود بتوحيد ثلاث قبائل كبيرة هي قبيلة بني مالك وقبيلة الأجود وقبيلة بني سعيد (الفرع المتبقي من قبيلة المنتفق القديمة) . عرف الإتحاد في البدايه بالمتفق لإتفاق قبائله على الوحدة (برئاسة جد أسرة السعدون الأشراف والذي أسس هذا الإتحاد) ولاحقا أصبح الإتحاد يعرف بالمنتفق وأختلف المؤرخون حول سبب تغير الاسم. يذكر الكسندر أداموف القنصل الروسي في البصرة في نهاية القرن التاسع عشر, في كتابه (ولاية البصرة في ماضيها وحاضرها) ، وذلك عند حديثه عن أول ثلاث قبائل في اتحاد المنتفق ، ص: 178(((واسم المنتفقيون نفسه جاء كما يذكر خورشيد أفندي الذي اشترك في لجنة الحدود العثمانية - الفارسية في عام 1849م في كتابه، من الكلمة العربية (متفق) التي تعني (متحد) ذلك أن هذا الأتحاد تكون من اتحاد ثلاث قبائل رئيسية هي بنو مالك والأجود وبنو سعيد حيث توصلت هذه القبائل الثلاث بعد منازعات وخلافات طويلة إلى الأتفاق على انتخاب شيخ مشترك واحد. وقد وقع اختيارها على عائلة الشبيب التي كان جدها قد نزح من الحجاز قبل مايقرب من مائتي سنة واستقر مع أسرته بين القبائل المذكورة. ومنذ ذلك الوقت أصبح شيوخ المنتفقيون ينتخبون من هذه الأسرة فقط))). بدأ هذا الإتحاد بالنمو بسرعة كبيرة وتم ضم الكثير من القبائل والعشائر له ، وأستطاع حكامه آل شبيب ( عرفوا لاحقا بآل سعدون) ان يضموا مدنا وبلدات وقرى لحكمهم وأن يفرضوا نفوذهم بشكل شبه كامل على نصف العراق الأسفل ، يذكر المؤرخ والمستشرق الألماني البارون ماكس فرايهير فون أوبنهايم ، في كتابه البدو ، وذلك عند حديثه عن الأسرة الحاكمة في مملكة المنتفق أسرة آل شبيب الأشراف (والتي عرفت لاحقا بآل سعدون ) وعند حديثه عن قبائلهم في القرن السادس عشر الميلادي , ج 3 ، قسم المنتفق , ص :592 (((أصبحوا الآن يسعون بصورة متواصلة إلى السلطة مما جعلهم يصبحون في النهاية سادة العراق الأسفل . لقد كانت الظروف مؤاتية لهم لكنهم ماكانوا يستطيعون استغلالها لو ظلوا محتفظين بالعقلية التقليدية لقبيلة بدوية عادية . وبالفعل يبدو انه قد تم في نهاية القرن السادس عشر أعادة تشكيل المنتفق من الرأس إلى القاعده بأن قامت عائلة شبيب بتوحيد المنتفق وقبائل أخرى في اتحاد واحد موال لها وحدها))).


انتقل نفوذ حكام هذا الإتحاد القبلي بسرعة من مرحلة الإتحاد القبلي الى مرحلة الدولة ، وفي مرحلة الدولة تصاعد طموحهم من ضم الحواضر (المدن والبلدات والقرى) الى تأسيسها .. فأسسوا عواصم لدولتهم مثل مدينة كويبدة ومدينة العرجا (لاحقا أسسوا عواصم أخرى أصبحت مراكز تجارية في المنطقة مثل مدينة سوق الشيوخ ومدينة الناصرية). أستطاع حكام مملكة المنتفق أسرة آل سعدون الأشراف (آل شبيب سابقا) أن يؤسسوا حكومة قوية في دولتهم (مملكة المنتفق) ربطت بين قبائل وعشائر مختلفة الأصول وبين السكان من الحاضرة وهو ماجعل هذه الدولة تصمد بقوة في وجه العثمانيين ولعدة قرون. يذكر المؤرخ الإنجليزي ستيفن لونكريك في كتابه أربعة قرون من تاريخ العراق الحديث ، ص: 103 ((( ظهرت أسرة آل شبيب المالكة التي قدر لها ان تحكم مدة قرنين جمهرة القبائل المتحدة المسماة بـ ( المنتفك) الاسم الشهير))). ثم يكمل المؤرخ عند حديثه عن القبائل الأخرى في العراق وكيف أنها لاتقارن بقبائل المنتفق تاريخيا من ناحية خضوعها المطلق لأسرة حاكمة واحدة (مثل الأسرة الحاكمة في مملكة المنتفق) ولا من ناحية خضوعها المطلق لحكومة واحدة ( مثل الحكومة العربية في مملكة المنتفق التى أنشأتها أسرة آل سعدون والتي كانت تعرف بآل شبيب سابقا) ، ولا تقارن أيضا بقبائل المنتفق من ناحية الشهرة عالميا ، ص: 103 ((( الا انها لايمكنها ان تدانيها في رهبتها لحكامها ، ولا في خضوعها لحكومة واحدة نشأت من بينها مدة طويلة ، وفي اشتهارها في العالم))). وقد ضمت مملكة المنتفق أيضا سكانا من ديانات مختلفة (مسلمين ومسيحيين ويهود وصابئة).


لقد كانت أبرز نقاط القوة لقبائل المنتفق هي الوحدة القوية بينها وطاعتها المطلقة لحكامها وهو ماجعلها عصية على الكسر أمام العثمانيين والفرس الذين تواجدوا في المنطقة عسكريا ،يذكر المؤرخ يعقوب سركيس ، في كتابه مباحث عراقية ، ق 3 (((ليس بخاف على من له اطلاع على تاريخ آل سعدون، ذوي الشرف الباذخ والعز الأثيل أنهم جعلوا من (اتحاد) المنتفق قدوة للعشائر والقبائل، حاربوا به العثمانيين والفرس وأنزلوا بهم الهزائم))). ويؤكد حقيقة هذا الترابط خورشيد باشا (الذي اشترك بلجنة الحدود العثمانية الفارسية ما بين 1848م - 1852م وأصبح واليا لأنقرة لاحقا ) في تقريره الذي أعده للدولة العثمانية في تلك الفترة، وذلك عند حديثه عن عادات وتقاليد شيخ مشايخ المنتفق من أسرة آل سعدون الأشراف ، كتاب ولاية البصرة - من كتاب (سياحة نامة حدود) جولة بالمناطق الحدودية بين الامبراطورية العثمانية وفارس- ص: 59 (((وخلاصة القول يملك شيخ مشايخ المنتفق السلطة المطلقة على كل القبائل والعشائر التابعه له))).كما يؤكد هذا الترابط مؤرخ العراق الكبير عباس العزاوي ، حيث أنه على الرغم من الحملات العسكرية العثمانية الضخمه والمتتابعه لعدة قرون والتي لم يتعرض لمثل عددها وحجمها اي امارة او قبيلة في العراق أو أي دولة أقليمية في الجزيرة العربية .. فإن الدولة العثمانية لم تستطيع القضاء على مملكة المنتفق وعلى اتحاد قبائل المنتفق بشكل كامل، يذكر مؤرخ العراق الكبير عباس العزاوي في كتابه عشائر العراق، المجلد الرابع ، وذلك عند حديثه عن مملكة المنتفق (امارة المنتفق) ومحاولات الدولة العثمانية التي لاتحصى للقضاء عليها ، ص: 122 ((( وقائع المنتفق كثيرة ، والتدابير المتخذة للقضاء على الامارة لاتحصى))). ويذكر أيضا مؤرخ العراق الكبير عباس العزاوي ، في كتابه كتاب عشائر العراق ، المجلد الرابع ، ص: 26 (((وفي كل هذه تدهشنا ناحية مهمة وهي ان العشائر لم تنفصل عن الامارة، وانما ناضلت معها نضال المستميت ودافعت دفاع الابطال))).


في نهاية القرن السادس عشر كانت العلاقة بين العثمانيين وحكام مملكة المنتفق هي عبارة عن صراعات عسكرية حول سكان مدينة البصرة ، الذين كانوا يستنجدون بالقبائل العربية المجاورة من تسلط الولاة الأتراك في تلك الفترة ، وهو صراع كان ينتهي بحصار هذا الوالي أو ذاك في أحد قلاع البصرة ، ونتيجة لتدخل مملكة المنتفق المتكرر في شؤون مدينة البصرة ودعمها لسكانها ، قرر الوالي العثماني بيع المدينة لأحد أكبر أثرياء مدينة البصرة والمعروف بأفراسياب ، على شرط أن يبقي المدينة تابعه للعثمانيين وان لايقطع الخطبة من اسم الخليفة ، وعند وصول الوالي العثماني لمقر الخلافة تم شنقه من قبل الخليفة العثماني بسبب بيعه المدينة وتسليمها لأفراسياب، يذكر المؤرخ الإنجليزي ستيفن لونكريك في كتابه أربعة قرون من تاريخ العراق الحديث ، عند حديثه عن مدينة البصرة في تلك الفترة ، ص: 127 ((( وكما ان الحامية كانت تركية وسكان البلد من العرب الذين لايتحملون الاستبعاد ،كان هؤلاء السكان في نزاع ، وكان النزاع كثيرا ما يؤدي الى الاصطدام مع الترك. فيخف اذ ذاك عرب البادية لاسعاف السكان، فيحاصرون الباشا في الحصن. ولم تهدأ الحالة في الاخير ، ولم يتفق الفريقن على شيء. ومل الباشا – واسمه (ايود) – من الغزوات والتأديبات فعزم على بيع حكومته الى أحد أغنياء المدينة بأربعين الف قرش. وتمت الصفقة ، وجهز ذلك الغني المشتري اجنادا لتهدئة الناس. وسمي هذا الرجل العظيم باسم افراسياب باشا ... وقد تمكن أن يخلع النير التركي عن بلده ويلقب نفسه امير البصرة. اما الباشا الذي باع حكومته فقد شنق ساعة وصوله الى القسطنطينية))).


لم يتغير الحال كثيرا في بداية القرن التالي حيث كانت مملكة المنتفق في بداية القرن السابع عشر دولة داخلية شبه معزولة ولم يكن لها منفذ على العالم الخارجي سوى مدينة البصرة التي كانت تحكم من قبل أسرة أفراسياب التي أشترت المدينة من أحد الولاة العثمانيين الذي تم شنقه من قبل الخليفة بعد أن باع المدينة لهم ، لذلك حرص حكام مملكة المنتفق على بناء علاقة حسنة مع حكام مدينة البصرة ، ولكن العلاقة كانت غير مستقرة نظرا لرغبة أسرة أفراسياب التمدد على أراضي مملكة المنتفق وهو ماكان يتسبب في مواجهات عسكرية هنا وهناك.


كانت مدينة البصرة ذات أهمية كبرى في تلك الفترة ، فهي أكبر المراكز التجارية في المنطقة وملتقى القوى الكبرى تجاريا ، يذكر المؤرخ الإنجليزي ستيفن لونكريك في كتابه أربعة قرون من تاريخ العراق الحديث ، ص: 139 ((( وكان الهولانديون يأتون الى هناك بالتوابل كل سنة ، كما كان الانجليز يأخذون الفلفل وشيئا آخر من التوابل. اما البرتغاليون فلم تكن لهم تجارة قط. وكان الهنود يأتون بالاقمشة والنيل وسائر أنواع البضائع . والخلاصة كان في البصرة تجار من جميع البلاد. فمن استانبول وأزمير وحلب ودمشق والقاهرة وجميع أنحاء تركية كان التجار يتواردون لاشتراء البضائع المستجلبة من الهند فيحملونها على الابل التي كانوا يشترونها من البلد نفسه أيضا، اذ يأتي بها العرب من البادية لبيعها. اما من كان يقصد البصرة من ديار بكر والموصل وبغداد والجزيرة وبلاد آشور فكانوا يبعثون ببضائعهم على ماء دجلة ))). وعلى الرغم من أن مدينة البصرة في تلك الفترة كانت تدين بالولاء الإسمي للعثمانيين إلا أنها كانت مستقلة عنهم ، ولذلك كانت المدينة محط أنظار الدولتين العثمانية والصفوية على حد سواء ، وكان حكام مملكة المنتفق يرون أن التعامل مع أسرة أفراسياب الضعيفة نسبيا في مدينة البصرة أفضل من التعامل مع الدولة العثمانية أو الصفوية في حالة سيطرة إحدهما على مدينة البصرة بشكل مباشر ، لذلك دعم حكام مملكة المنتفق تواجد أسرة أفراسياب في مدينة البصرة والتي تشكل المنفذ البحري الوحيد لمملكة المنتفق. وقد شاركت قوات مملكة المنتفق في الدفاع عن مدينة البصرة ضد الحملة الفارسية ما بين عام 1625م و 1629م. وعلى الرغم من توتر العلاقة بين أسرة أفراسياب وحكام مملكة المنتفق في الفترة اللاحقة فقد شاركت قوات مملكة المنتفق في صد الحملة العثمانية على البصرة في عام 1665م ، يذكر المؤرخ والمستشرق الألماني البارون ماكس فرايهير فون أوبنهايم ، في كتابه البدو , ج 3 ، قسم المنتفق , ص :594 ((( فعندما تعثر الزحف التركي في شتاء 1665م/1666م أمام القرنة، أرسل 900 رجل من بدو الموالي من بغداد لنجدة الجيش ولكنهم هزموا عند كوت المعمر على يد المنتفق))).


أدرك العثمانيين حقيقة الموقف وأهمية مدينة البصرة لحكام مملكة المنتفق وصعوبة إحتلال المدينة بدون دعمهم ، لذلك خطط العثمانيين للحصول على دعم مملكة المنتفق في إسقاط أسرة أفراسياب وضم المدينة للعثمانيين في مقابل حصول حكام مملكة المنتفق على دخل مالي مستمر من مدينة البصرة. وبالفعل تمكن العثمانيون من التحالف مع مملكة المنتفق في الحملة العثمانية التالية لحملة عام 1665م وتمكنوا من دخول مدينة البصرة عسكريا ، يذكر المؤرخ والمستشرق الألماني البارون ماكس فرايهير فون أوبنهايم ، في كتابه البدو , ج 3 ، قسم المنتفق , ص :594 (((وقبل القيام بالحملة التالية ضمن العثمانيون وقوف المنتفق الى جانبهم))).


بعد دخول العثمانيين لمدينة البصرة أحس حكام مملكة المنتفق بأهميتهم في تحديد مصير مدينة البصرة ، وبدأوا يرون أنهم الأحق بالمدينة من العثمانيين ، لذلك أصبحوا يتطلعون لضمها لمملكة المنتفق ، وكان حاكم مملكة المنتفق (الطموح) الأمير الشريف مانع بن شبيب آل شبيب قد ركز إهتمامه على المدينة وأخذ يتحين الفرصة لإنتزاعها من العثمانيين ، يذكر المؤرخ والمستشرق الألماني البارون ماكس فرايهير فون أوبنهايم ، في كتابه البدو , ج 3 ، قسم المنتفق , ص :594 ((( بدأت المرحلة الثانية من صعود المنتفق في نهاية القرن السابع عشر بقيادة الشيخ مانع. ركز مانع اهتمامه في بادىء الأمر على البصرة ... وعندما ضربها الطاعون عام 1690م اعتقد أن اللحظة المناسبة للتصرف قد جاءت))). لقد كان التطلع لضم مدينة البصرة لمملكة المنتفق بداية حقبة جديدة في تاريخ مملكة المنتفق ، أصبحت مملكة المنتفق خلالها تعيش صعودا على كافة الأصعدة عسكريا وسياسيا وإقتصاديا، وبدأ تاريخها يتداخل مع تاريخ الدول الكبرى والدول الإقليمية ، وظهرت مملكة المنتفق منذ تلك الفترة كلاعب رئيسي في تاريخ المنطقة الإقليمية، وأصبحت اللاعب الأول في تاريخ العراق ، كما سوف يأتي في هذا البحث.


أخيرا نختم هذا القسم من البحث بوصف للمؤرخ العثماني المولوي لقبائل اتحاد المنتفق في تلك الفترة والتي كانت تشكل القسم الرئيسي من قوات مملكة المنتفق ، ينقل مؤرخ العراق الكبير عباس العزاوي عن المؤرخ العثماني يوسف عزيز المولوي في كتابه قويم الفرج بعد الشدة ، وذلك عند وصف المؤرخ العثماني لقبائل اتحاد المنتفق (المعاصرين للمؤرخ المولوي) في فترة حكم الأمير مانع والذين كانوا يشكلون رأس الحربة في قوات مملكة المنتفق ، كتاب عشائر العراق، المجلد الرابع، ص: 28 (((وكان المؤرخ المولوي قد وصفها بالنظر لأوضاعها في أوائل المائة الثانية للهجرة وماقبل ذلك فقال:" إن عربان المنتفق أصل الفتن والإضطرابات في بغداد والبصرة، فهم جمرة الحرب وأشجع العربان، ومنشأ القلاقل... في رؤوسهم المغافر، وعلى أبدانهم الدروع الذهبية ... اعتادوا الرمي بالقوس على ظهور الخيل ، يلعبون برماحهم في الهيجاء بصورة لامثيل لها . وفرسانهم نحو آربعة آلاف ... وقوة ظهرهم الشيخ مانع ، به يصولون ويجولون"))).


5- ضم البصرة عسكريا لمملكة المنتفق للمرة الأولى في عهد الأمير مانع بن شبيب عام 1690م:


ظهرت الفرصة للأمير مانع بن شبيب لإنتزاع المدينة من العثمانيين ، بعد إعتداء والي مدينة البصرة العثماني على سكان مدينة البصرة بسبب الضرائب والرسوم التي لم يستطع الأهالي دفعها بسبب الطاعون ، يذكر مؤرخ العراق الكبير عباس العزاوي , في كتابه موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين, حوادث سنة 1102هـ - 1690م , المجلد الخامس , ص 155 ((( ذلك مادعا أن يقع اختلاف بين والي البصرة وهو الوزير أحمد باشا آل عثمان والأهلين على ( الرسومات الشرعية) و(الضرائب العرفية) بحيث أدى الى وقوع القتال))). وهنا تدخل حاكم مملكة المنتفق الأمير الشريف مانع بن شبيب آل شبيب وجهز جيشا من ثلاثة آلاف فارس من فرسان قبائل اتحاد المنتفق وعشائر منطقة الجزائر في مملكة المنتفق ، يذكر علي ظريف الأعظمي ، في كتابه مختصر تاريخ البصرة ، ص: 153 ((( فحمل عليها منهم ثلاثة آلاف فارس بقيادة أمير المنتفك الشيخ مانع))).


وعلى الرغم من إنتشار الطاعون في المنطقة والذي أثر على كل الأطراف ، إلا أن حاكم مملكة المنتفق الأمير مانع بن شبيب كان عازما على إنتزاع مدينة البصرة من العثمانيين ، حيث تقدم بقواته بإتجاه المدينة ، يذكر المؤرخ الإنجليزي ستيفن لونكريك في كتابه أربعة قرون من تاريخ العراق الحديث , عند حديثه عن الطاعون وتأثيره على مدينة البصرة وعلى مملكة المنتفق التي تقدمت قواتها بإتجاه البصرة ، ص: 150 ((( وتكدست الجثث في الازقة وبقيت غير مدفونة. وعانت الويلات من وطأته جميع الطبقات ، غنيها وفقيرها ، حتى الحامية الأجنبية فيها. فاغتنمت القبائل في خارج المدينة هذه الفرصة ، مع أنها لم تكن أقل تأثرا به . فجمعت قبائل المنتفك والجزائر ثلاثة آلاف خيال تحدت بهم الحكومة وأشرفت على المدينة))). وما أن علم والي البصرة العثماني بوصول قوات حاكم مملكة المنتفق إلى الدير قرب البصرة ... حتى قام بتجهيز جيش من خمسمائة مقاتل عثماني وأسندهم بقوات من سكان المدينة وخرج بهم ، وأندلعت معركة شرسة بين الطرفين فر منها معظم قوات جيش والي البصرة وأنتهت بمقتله مع جنوده المقربين ، يذكر مؤرخ العراق الكبير عباس العزاوي , في موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين, حوادث سنة 1102هـ - 1690م ، عند حديثه عن والي البصرة أحمد باشا ووصول قوات مملكة المنتفق الى الدير, المجلد الخامس , ص 155 ((( فوصلوا الى (الدير) فلما سمع بذلك سارع لصد غائلتهم دون روية لمجرد شجاعته وتهوره. قام بأمل تشتيت شملهم ونصحه بعض أهل الرأي أن يتخذ تدبيرا ناجعا لإسكان الفتنة والإضطراب فلم يلتفت وانما استقبل أولئك بخمسمائة من المشاة والخيالة مع من كان معه من أتباع. حاربهم فحمي الوطيس بين الفريقين ففر منه أكثر أصحابه ولم يبق معه سوى مائة جندي فهاجم بهؤلاء حتى هلك معهم))).


ثم تقدمت قوات مملكة المنتفق الى داخل مدينة البصرة التي كان كبار سكانها وموظفينها العثمانيين قد اتفقوا على تعيين حسن آغا كوالي للبصرة وهو نائب والي البصرة السابق ، وقد قام حسن آغا بتنظيم قواته وتمكن من صد الجيش المتقدم لداخل المدينة الا أن القوات العثمانية لم تستطع الصمود طويلا وسقط الوالي الجديد قتيلا ثم سقطت المدينة في قبضة حاكم مملكة المنتفق الأمير الشريف مانع بن شبيب ، يذكر المؤرخ الإنجليزي ستيفن لونكريك في كتابه أربعة قرون من تاريخ العراق الحديث ، ص: 150((( ولم يبق بين أسواق البصرة والعرب الفائزين شيء. غير أن الساعة انجبت رجلا. فجمع حسن آغا الكهية جميع السكان القادرين على القتال، وجعل واليا بالاجماع ، فنظم مقاومة عنيفة بحيث لم يستطع رجل واحد من القبائل الدخول الى البلد. وقتل هو أيضا))). ويذكر مؤرخ العراق الكبير عباس العزاوي , في كتابه موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين, حوادث سنة 1102هـ - 1690م ، عند حديثه عن نائب والي البصرة العثماني , المجلد الخامس , ص 155 (((ومن ثم حاول كتخداه حسن آغا أن يتولى منصبه بإتفاق أهل الرأي ممن كان هناك فلم يفلح. وإنما تقدم العربان نحوهم فتمكنوا من الإستيلاء على البصرة. وكان شيخ المنتفق ( مانع) قائد الجموع))).


بعد مقتل والي البصرة الجديد حسن آغا تم الإتفاق بين كبار سكان المدينة والموالين للعثمانين على تعيين حسن الجمال واليا وعلى التفاوض مع حاكم مملكة المنتفق للخروج من المدينة . يذكر مؤرخ العراق الكبير عباس العزاوي , في كتابه موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين, حوادث سنة 1102هـ - 1690م ، عند حديثه عن وصول الأمير مانع للمدينة بعد معركة الدير , المجلد الخامس , ص 155 ((( وصل اليها وتغلب ولكن أرباب الحل والعقد من أهل البصرة اتفقوا على ابعاده منها ، واختاروا ( حسنا الجمال) من أعيان الولاية وكان مشتهرا في تلك الاطراف فاستدعوه وولوه أمورهم ليقوم بعبء المتسلميه))). وقد قام كبار المدينة بالتفاوض مع الأمير مانع بن شبيب على إخلاء المدينة من قواته وإعادتها للدولة العثمانية ، وحذروه من تبعات إحتلال المدينة خصوصا وأن الوالي السابق الذي أساء لسكان البصرة كان قد قتل ولم تبقى أي ذريعة للإحتفاظ بالمدينة ، يذكر المؤرخ العثماني نظمي زاده مرتضى افندي (المعاصر للأحداث) ، في كتابه كلشن خلفا، عند حديثه عن الأمير الشريف مانع بن شبيب ، ص: 298 ((( ولكنه أخلاها بعدئذ خوفا من عقاب الدولة ونزولا عند نصيحة أهل الحل والعقد من سكان البلدة وعاد متسلمها الى مقر حكمه))). ويبدو أن السبب الحقيقي لخروج الأمير مانع بن شبيب من المدينة كان بسبب انتشار الطاعون بالمدينة .. حيث عاد الأمير مانع بن شبيب واحتل المدينة مره أخرى بعد مدة قصيرة.


6- ضم البصرة الثاني لمملكة المنتفق وهزايم عسكرية متتالية للحملات العثمانية:


يبدو أن الوالي الجديد حسن الجمال لم يتمكن من الإحتفاظ بالمدينة طويلا ، حيث زحف عليها حاكم مملكة المنتفق الأمير الشريف مانع بن شبيب واحتلها بدون قتال بعد هروب العثمانيين من مواجهة قواته ، وفي فترة احتلاله للمدينة للمرة الثانية بدأت الدولة العثمانية ترسل له الحملات العسكرية الكبيرة والمتتابعة والتي كسرها كلها ، حتى أطلق المثل الشعبي في العراق (أمنع من مانع) ، وقد أدت هذه الخسائر المتتابعة للدولة العثمانية الى إصابة والي بغداد بمختلف الأمراض وتوفي في عام 1103هـ ، يذكر المؤرخ العثماني نظمي زاده مرتضى افندي (المعاصر للأحداث) ، في كتابه كلشن خلفا، ص: 299 ((( انعمت الدولة العلية في بداية السنة 1102 على الوزير أحمد باشا بولاية بغداد ، وكان المشار اليه مشهورا بأسم أحمد باشا البزركان ، وقد وصلها في اليوم السابع عشر من شهر ذي الحجة وباشر أعماله. وفي خلال حكمه كان شيخ المنتفق الشيخ مانع يتولى الحكم على البصرة قهرا وتمردا ، وقد أرسلت اليه الدولة الحملة أثر الحملة ولكنه في كل مرة يتغلب عليها فتعود بالخسران ، ماأدت هذه الحالة الى إصابة الوالي بمختلف الأمراض لتأثره ، وأخيرا وفي اليوم الثاني من شهر شوال سنة 1103 انتقل الى رحمة الله ودفن بجوار المجتهد الأقدم والامام الأعظم أبي حنيفة رضي الله عنه))).

 

 

 

 

 

 

التوقيع

آل سعدون الأشراف وأول إعلان تاريخي ومحاولة لإستقلال العراق بأكمله عام 1787م:

    

رد مع اقتباس