::: مـنتدى قبيلـة الـدواسـر الـرسمي ::: - عرض مشاركة واحدة - صدور كتاب : بنو سعد بن بكر بن هوازن (عتيبه الهيلا)
عرض مشاركة واحدة
قديم 20-05-2013, 02:55 AM   #5
 
إحصائية العضو







عقاب العتيبي غير متصل

عقاب العتيبي is on a distinguished road


افتراضي رد: صدور كتاب : بنو سعد بن بكر بن هوازن (عتيبه الهيلا)

23ــ الزيمة :

الزيمة موضع من مواضع وادي نخلة اليمانية قال البلادي : " الزيمة عين ثرّة عذبة الماء بوادي نخلة اليمانية " وقال : " يمرّ بها طريق مكّة إلى الطائف المارّ بنخلة اليمانية على 45 كيلا " ( 202 ) وكانت الزيمة من مواضع بني سعد في وادي نخلة اليمانية قال الهمداني : " الزيمة موضع فيه بستان عبد الله بن عبيد الله الهاشمي وكان في أيام المقتدر على غاية العمارة وكان يغلّ خمسة آلاف دينار مثقال وفيه حصن للمقاتلة مبني بالصخر ويحميه بنو سعد من ساكنة عروان وعدد جذوعه ألوف وفيه غيل مستخرج من وادي نخلة غزير يفضي إلى فوّارة في وسط الحائط تحت حنيّة إلى مأجل كبير وفيه الموز والحنّا وأنواع البقول " ( 203 ) وعبد الله صاحب البستان حجّ بالناس سنة 212 و 213 و و 215 و 216 هــ قال الطبري في ذكر حوادث سنة 216 هــ في ذكر عبد الله بن عبيد الله : " كان المامون ولاّه اليمن وجعل إليه ولاية كلّ بلدة يدخلها حتى يدخل إلى اليمن " قال فشخص من بغداد يوم الاثنين لليلة خلت من ذي القعدة واقام الحج للناس " ( 204 ) وقال الهمداني في ذكره : " عبد الله بن عبيد الله صاحب حائط الزيمة باسفل وادي نخلة " ( 205 ) والحائط هو البستان قال الزبيدي : " الحائط : البستان من النخل إذا كان عليه جدار " ( 206 ) وهذا النصّ يبيّن لنا أنّ بني سعد أهل الزيمة في وادي نخلة هم من هوازن فالهمداني ذكر وجود هوازن في وادي نخلة وفي هذا النصّ يتبيّن لنا أنّ بني سعد يقطنون الزيمة في وادي نخلة بل وأضاف الهمداني إضافة مهمة جدّا وهي أنّ بني سعد أهل عروان وبني سعد في الزيمة هم قبيلة واحدة فإذا علمنا أنّ هوازن تنزل في وادي نخلة وعلمنا أنّ الذين يجاورون هذيلا من هوازن هم عجز هوازن وهم بنو جشم وبنو سعد وبنو نصر وعلمنا أن الذين يجاورون هذيلا خاصّة من عجز هوازن هم بنو سعد بن بكر فإن هذا يعني أنّ بني سعد الذين ذكرهم الهمداني هم بنو سعد بن بكر بن هوازن . وسياتني مزيد بيان في حديثنا عن عروان
24ــ السرر : أنظر ذا المجاز
25ــ شرورى : أنظر أظلم
26ــ ضعاضع
جاء ذكر ضعاضع في ذكر عرّام للحديبية ورهاط فقد قال في ذكر رهاط : " ... وبحذائها جبيل يقال له ضعاضع وعنده حبس كبير " ( 207 ) وقال الفيروز أبادي ( ت 817 هــ ) في ذكر ضعاضع : " وهناك قرى لبني سعد أظآر النبي صلى الله عليه وسلم " ( 208 ) وقال السمهودي فيما نقله عن عرّام : " ضغاضغ بضادين وغينين معجمات جبل قرب شمنصير ، عنده قرى لبني سعد بن بكر أضآر الني صلى الله عليه وسلّم " ( 209 )
قلت : ضغاضغ تصحيف ضعاضع
وقد أفادنا شعر أبي وجزة السعدي أن ضعاضع من ديار بني سعد فقد قال وهو يذكر بعض منازل بني سعد :
فبحرة مسحو مائه فضعاضع ***** فصوتة ذات الربا والمنادح ( 210 )
27ــ الطائف
الطائف هو البلد المعروف الواقع إلى الشرق من مكّة المكرّمة وقد كان بنو سعد يقطنون بلاد الطائف ، قال عرّام بن الأصبغ في ذكر الطائف : " جلّ أهل الطائف ثقيف وحمير وقوم من قريش وغوث من اليمن وهي من أمّهات القرى " ( 211 ) ، قال الجاسر : " وردت في بعض النسخ ( غويث ) " قال : " وغويث من القبائل التي كانت تسكن الطائف وهي من بني سعد أحد فروع هوازن " ( 212 ) وقوله : ( اليمن ) أي الجنوب وكانت ديار بني سعد تمتد إلى الجنوب من الطائف
28ــ طوى
وادي طوى هو أحد أودية مكّة ، قال البلادي : " هو الوادي الذي يمرّ بين الحجون وريع الكحل مارّا بجرول حتى يجتمع بوادي إبراهيم في المسفلة أعلاه ريع كان يسمّى ريع اللصوص ثمّ أطلق عليه ريع السدّ وفي وسط الوادي حيّ العتيبية وأسفله جرول ثمّ التنضباوي " ( 213 ) وكان هذا الوادي من الأماكن التي نزلتها قبيلة بني سعد فقد روى ابن إسحاق بسنده عن جعفر بن عمرو بن أميّة الضمري في خبر ذهابه هو وعبيد الله بن عديّ بن الخيار أحد بني نوفل بن عبد مناف في زمن معاوية بن أبي سفيان إلى وحشي بن حرب في حمص لسؤاله عن قتله حمزة بن عبد المطّلب رضي الله عنه وفي الخبر : " ... فرفع رأسه إلى عبد الله بن عديّ فقال : ابن عديّ بن الخيار أنت ؟ قال نعم ، قال : أما والله ما رأيتك منذ ناولتك أمّك السعدية التي أرضعتك بذي طوى فإنّي ناولتكها وهي على بعيرها فأخذتك بعرضيك فلمعت لي قدماك حتّى رفعتك إليها فوالله ما هو إلاّ أن وقفت عليّ فعرفتهما .... " ( 214 ) وفي رواية للبخاري : " إنّي أعلم أن عديّ بن الخيار تزوج امرأة يقال لها أمّ قتال بنت أبي العيص فولدت له غلاما بمكّة فكنت أسترضع له فحملت ذلك الغلام مع أمّه فناولتها إيّاه فلكأنّي نظرت إلى قدميك ... " ( 215 ) وقد كانت قريش تدفع أطفالها إلى نساء بني سعد بن بكر للرضاعة وممّن أرضعتهم نساء بني سعد أيضا حمزة بن عبد المطّلب رضي الله عنه عمّ النبي صلى الله عليه وسلّم ( 216 ) وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطّلب ابن عمّ النبي صلى الله عليه وسلم وأخوه في الرضاعة ( 217 ) وعمرو بن وقدان المعروف بالسعدي وهو ابن عبد شمس بن عبد ودّ بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي بن غالب بن قريش ( 218 )
وقد دخل بعض بني سعد في قريش أهل مكة المكرّمة في الإسلام ، قال ابن حبيب : " من دخل في قريش في الإسلام بغير حلف إلا بصهر أو بصداقة أو برحم أو بجوار أو ولاء : فمن أولئك في بني هاشم آل أبي مسروح بن عمرو هم من بني سعد بن بكر دخلوا لصهرهم إلى العبّاس والمقوّم ابني عبد المطّلب ، كانت عند أبي مسروح ابنة المقوّم فولدت له عبد الله بن أبي مسروح فتزوّج عبد الله بنت العبّاس بن عبد المطلب " ( 219 )
قلت : والظاهر أن بني مسروح الذين ذكرهم عرّام بن الأصبغ السلمي في القرن الثالث للهجرة هم هؤلاء حيث وجدناهم يساكنون بني سعد حيثما كانوا في خيف ذي القبر في وادي نخلة وفي قريتي رهاط والحديبية كما مرّ بيانه والله تعالى أعلم
قلت : وقد كان الطريق الذي يمرّ بوادي السرر ويسير نحو الطائف هو الطريق الذي سلكته حليمة السعدية برسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال الأستاذ محمد حسين هيكل فيما كتبه عام 1936 م في ذكر الطريق من مكّة إلى الطائف الذي يمرّ بنعمان فشدّاد فجبل كراء صعودا إلى جبل كرّ فالطائف قال : " هذا الطريق الذي رأى محمدا ( صلى الله عليه وسلم ) يطارده قومه .... هو الطريق الذي رآه وليدا يوم حملته حليمة معها من مكّة ذاهبة إلى الطائف في طريقها إلى قبيلة بني سعد بن بكر ... تتخطّى به بين الجبال ثم تصعد به سفوح كرّ وكراء وتتخطّى به بوادي الطائف حتى تصل به إلى قومها " وقال : " منازل بني سعد الذي استرضع النبي ( صلى الله عليه وسلم ) فيهم قريبة من الطائف دون ؟! بل هي من باديتها " وقال في ذكر سدّ السملقي : " قال صاحبي ( يعني محمد صالح القزّاز أمين أموال الدولة بالطائف ) : تقع ديار بني سعد حيث استرضع النبي ( صلى الله عليه وسلم ) على عشرة أميال من هذا المكان وأغلب الظنّ أن قد جاء النبي ( صلى الله عليه وسلم ) في طفولته إلى هنا مع الرعاة من بني سعد بن بكر " ( 220 ) وقال الشريف محمد بن منصور آل عبد الله بن سرور في ذكر حليمة السعدية : " أخبرني بعض العارفين أنّ مكان بيتها الآن مسجدا ولكنّه قديم خرب "( 221 ) وقد شاع بين العوام أن بيت حليمة يقع في بلاد بني سعد جنوب الطائف قال الدكتور عيّاد بن عيد الثبيتي : " ... ما تناقله الناس من أن مكانا في جنوب الطائف هو بيت حليمة " ( 222 )
قلت : ليس بين أيدينا أي قرينة تشير إلى أنّ حليمة السعدية قد سارت بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى هذه الأنحاء واستقّرت به فيها مع كونها من ديار بني سعد بن بكر ولكنّ هذا غير مستبعد فقبيلة بني سعد بن بكر قبيلة ذات حل وترحال وقد مرّ بنا آنفا أن أوطاس كان من منازل حليمة وقومها حيث قيل أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قد رضع في تلك الأنحاء كما وجدنا خبرا آخر عن رضاعه صلى الله عليه وسلم في وادي السرر تقدّم ذكره
29ــ العالية
العالية هي عالية نجد أي اعلى بلاد نجد قال ياقوت الحموي في ذكر العالية : " العالية ما جاوز الرمّة إلى مكة وهم عكل وتميم وطائفة من بني ضبّة .... وعجز هوازن ومحارب كلها وغطفان كلها علويون نجديون " ( 223 )
وفي ذكر ديار بني سعد بن بكر قال لغدة ( ت 310 هــ ) : " وأما بنو سعد بن بكر فليست لهم أعداد أنّما مياههم أوشال ، بمنزلة مياه هذيل وهم جيران هذيل ، إلا أنّهم ربّما جلسوا إلى فروع نجد وهذيل لا تفارق تهامة " ( 224 )
قلت : الأعداد جمع عدّ وهو الماء القديم قال إبن منظور : " قال الأصمعي : الماء العدّ الدائم الذي له مادّة لا انقطاع لها مثل ماء العين وماء البئر وجمع العدّ أعداد " ( 225 ) ، وأما الأوشال فهي جمع وشل وهو الماء القليل قال إبن منظور : " الوشل بالتحريك : الماء القليل يتحلب من جبل أو صخرة يقطر منه قليلا قليلا ، لا يتصل قطره " ( 226 )
قلت : يتبين لنا ممّا سبق بيانه أنّ بني سعد بن بكر يجلسون أي يأتون نجدا قال إبن السكيت : " جلس القوم إذا أتوا نجدا " ( 227 ) ، وليس لسعد مياه دائمة غزيرة بل مياههم أوشال وهي المياه القليلة
قلت : والحاصل من هذا كله أن بني سعد تهاميون نجديون
30ــ ذات عرق
يقع جبل ذات عرق إلى الشمال الشرقي من مكّة المكرّمة ، قال البلادي : " ذات عرق جبل يقع على قرابة 100 كيل من مكّة شمالا شرقيا " قال : " وجبل ذات عرق يظلّل المحرم صباحا وهذا هو الميقات الذي وقّّّته عمر لأهل نجد ومن مرّ به من غيرهم " ( 228 ) وكانت منطقة ذات عرق من مساكن بني سعد قال أبو عمرو بن العلاء ( ت 154 هــ ) : " سألت رجلا من سعد بن بكر من أهل ذات عرق فقلت : هذا الكوكب الضخم ما تسمّونه ؟ قال : الدريّ وكان من أفصح الناس " ( 229 ) ويجاورهم في منطقة ذات عرق بنو هلال فقد جاء في المناسك في ذكر ذات عرق : " هي لبني هلال بن عامر " ( 230 ) وقال أبو زياد الكلابي ( ت 200 هــ ) فيما نقله عنه ياقوت الحموي : " ... وتسمّى النخلة الأخرى الشامية وهي ذات عرق التي تسمّى ذات عرق وأمّا أعلى نخلة ذات عرق فهي لبني سعد بن بكر الذين أرضعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي كثيرة النخل وأسفلها بستان إبن عامر " ( 231 )
قلت : أبو عمرو زبان بن عمار التميمي من رجال القرنين الأول والثاني الهجريين فقد ولد عام 70 للهجرة وتوفي عام 154 للهجرة ، ونصّه هذا يفيدنا أنّ بني سعد كانوا خلال القرن الثاني وما قبله يقطنون منطقة ذات عرق
31ــ عروان
عروان سراة تقع على رأسها مدينة الطائف وقد تصحّف هذا الاسم إلى غزوان وهو جبل عظيم تقع الطائف على ذروته وهو من منازل بني سعد وهذيل قال الهمداني وهو يعدد منازل قبيلة هذيل : " .... وغزوان فأخرجهم منه بنو سعد أخرجوها في وقتنا هذا بمعونة عجّ بن شاخ سلطان مكة " ( 232 ) وفي هذا النصّ تصحيفان هما
1ــ غزوان : وهو تصحيف عروان بالعين المهملة
2ــ شاخ : وهو تصحيف حاج فسلطان مكة المكرمة هو عجّ بن حاج الذي تولى سلطنة مكة سنة 281 هــ وتوفي سنة 306 هــ وهذا يعني أن واقعة بني سعد مع هذيل كانت في فترة سلطنة عجّ بن حاج المذكور بين سنة 281 و 306 هــ وقد أدّت هذه الواقعة إلى انفراد بني سعد بجبل عروان وهو جبل الطائف ، إلا أن انفرادهم بهذا الجبل لم يدم طويلا فقد ذكر غير واحد من العلماء وجود هذيل فيه بعد زمن هذه الواقعة قال إلاصطخري ( ت 346 هــ ) وابن حوقل ( ت 367 هــ ) : " بغزوان ديار بني سعد وسائر قبائل هذيل " ( 233 ) وقال الإدريسي ( 463 ــ 560 هــ ) : " على ظهر جبل غزوان ديار بني سعد المضروب بهم المثل في كثرة العدد وبه جملة من قبائل هذيل " ( 234 ) ويبدو أن أصل هذا النصّ هو لأبي زيد البلخي الذي نقل عنه إلاصطخري في كتابه كما هو معلوم وكان أبو زيد البلخي قد زار بلاد العراق راجلا مع الحجاج وأقام بها ثماني سنين وجازها فطاف البلدان المتاخمة لها وكان ذلك في عنفوان شبابه وطراءة زمانه وأول حداثته ( 235 ) ، قال الشيخ حمد الجاسر رحمه الله تعالى : " أي فيما يقرب من سنة 265هــ " ( 236 ) ومن البلاد التي أقام بها الحجاز ( 237 ) وقال سبط ابن الجوزي ( ت 654 هــ ) : " غزوان جبل بالطائف وعليه ديار بني سعد وليس بالحجاز مكان يبرد فيه الماء ويجمد سواه " ( 238 ) ، وقد علّق الشيخ حمد الجاسر على نصّ الإدريسي بان بني سعد المذكورون هم من هذيل أو هوازن فقال : " بنو سعد هؤلاء من هذيل أومن هوازن " ( 239 )
قلت : الصحيح أنهم من هوازن فقد ميّزت نصوص الهمداني والإصطخري وابن حوقل والإدريسي بين بني سعد وهذيل وقد وقعت الحرب بينهما كما ذكره الهمداني ، وقال البيهقي : " سراة هذيل متصلة بجبل غزوان الذي يتّصل به جبل الطائف " ( 240 ) ونقله ابن خلدون ( 241 ) وهذا يعني وجود بني سعد في جبال السراة كما يعني اتّصال سراة هذيل بسراة بني سعد في جبال عروان ويشاركهم في الديار المجاورة لسراة هذيل بنو جشم بن معاوية بن بكر قال ابن خلدون في ذكر بني جشم : " ومواطنهم بالسروات " قال : " وسروات جشم متّصلة بسروات هذيل " ( 242 ) . وقد كان يجاور بني سعد في منطقة عروان بنو هلال ونلاحظ أن بني هلال يجاورون بني سعد في جهات عروان وفي رهاط وذات عرق كما سيأتي بيانه ، وبنو سعد هؤلاء هم ذات القبيلة التي تقطن وادي نخلة كما نصّ عليه الهمداني وهم بنو سعد بن بكر كما نصّ عليه شمر بن حمدويه الذي نشأ فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم كما نصّ عليه عرّام بن الأصبغ وقد ذكر المستشرق الألماني أوبنهايم أنّ بني سعد هؤلاء هم بنو سعد بن بكر بن هوازن فقال في حديثه عن بني سعد بن بكر : " حسّنت وضعها في مطلع العصور الوسطى " وقال في بيان هذا أنهم : " طردوا في عام 900 م بمساعدة حاكم مكّة هذيلا من غزوان " ( 243 ) وغزوان هنا تصحيف عروان وللتعريف بجبل عروان نقول : قال الهمداني في ذكر جبل عروان : " غزوان من أمنع جبال الحجاز وأكثرها صيدا وعسلا " وسمّاه : " عروان يلملم " ( 244 ) ويبدو أنه كان يقترب من جبل عرفات قال الهمداني : " غزوان جبل عرفة العالي " ( 245 ) وقال : " جبل عروان في أعلى عرفات " ( 246 ) وذكر أن جبل عروان من جبال العرب المشهورة المذكورة في أشعارها " ( 247 ) قال الراجز :
يا ناق سيري قد بدا يسومان ******* واطويهما يبدو قنان عروان ( 248 )
ونلاحظ في نصوص الهمداني أنّ اسم الجبل ورد تارة برسم غزوان بالغين والزاي المعجمتين وتارة أخرى بالعين والراء المهملتين قال الشيخ حمد الجاسر رحمه الله تتعالى وقد أورد نصّ ياقوت الحموي حول عروان وغزوان بالمهملتين والمعجمتين قال : " ومثل هذا في كتاب صفة جزيرة العرب أي بالغين والزاي المعجمتين ولعلّ الصواب عروان بالعين والراء المهملتين الذي تكرّر ذكره في شعر هذيل ويطلق اسم عروان الآن على جبل من جبال هذيل بين وادي عرفات ويلملم ويبعد عن مكة جنوبا شرقيا بنحو ستين كيلا وهو متصل بسراة الطائف فلعلّ الاسم كان يشمل السراة ثم اقتصر على هذا الجانب من الجبل " ( 249 ) وقال الشيخ عاتق بن غيث البلادي في ذكر غزوان : " أخشى أن يكون تصحيفا من عروان " ( 250 ) ثمّ جزم بأنّ غزوان تصحيف عروان فقال : " وقد تصحّف على بعضهم فأعجم الأول والثاني " ( 251 ) وقال : " يبعد عروان قرابة 65 كيلا جنوب مكة إلى الشرق " ( 252 ) وقال الأستاذ حمّاد بن حامد السالمي وقد أورد الرجز السابق : " جاء في بيت الشعر أعلاه وهو من أرجوزة الرداعي الشهيرة قوله : انه رأى يسومان عندما أقبل على قرن المنازل فإذا طواهما بدت قنان غزوان جمع قنّة أي قممه فغزوان هو بهذا الوصف من شمالي غربي الطائف بين بلاد هذيل وبلاد طويرق ولكنه لا يعرف اليوم لا هو ولا غزوان " ( 253 ) يعني في هذه الناحية وقد ذكر القزويني اسمه صحيحا فقال في ذكر الطائف : " بها جبل عروان يسكنه قبائل هذيل " وقال : " يجمد به الماء " ( 254 ) وذكره نصر السكندري ( ت بعد 560 هــ ) صحيحا بلا تصحيف فقال : " عروان جبل بمكة وهو الجبل الذي في ذروته الطائف وتسكنه قبائل هذيل " وقال: " وقيل إنّ الماء يجمد به " ( 255 ) ولجبل عروان سراة تعرف بسراة عروان قال الهجري : " قاوة فرع : وهي راحة به المحارث من سراة عروان بثنيّة الحمار من اللّصب " ( 256 ) والقاوة هذه موضع جنوب الطائف ذكرها البلادي فقال : " القاوة : هو صدر وادي خماس يبعد 22 كيلا جنوب غربيّ الطائف يسيل من جبل الفرع قرب دكا " ( 257 ) وقال في ذكر الفرع : " الفرع جبل أحمر مكسوا بأشجار العرعر والشتّ يسيل منه وادي قاوة إلى الشرق ويسيل منه إلى الغرب الغريف ، يقع جنوب غربي الطائف قرب جبل دكا والريان " ( 258 ) وقد تصحّف اسم عروان إلى غزوان عند عدد من العلماء منهم المقدسي والإصطخري وابن حوقل والإدريسي وياقوت الحموي والحميري وأبو الفداء والقرماني والزبيدي والصاغاني والسخاوي والجزيري ( 259 ) وتصحف إلى غروان بالعين المعجمة أوله ثم راء مهملة عند القزويني الذي قال في ذكره : " جبل غروان في ذروة الطائف ليس بجميع الحجاز موضع أبرز منه قالوا إنّ الماء يبرد فيه ومن هذا الجبل اعتدال هواء الطائف وليس بالحجاز موضع يجمد الماء به إلا غروان " ( 260 ) والملاحظ أن عبارات هؤلاء العلماء واحدة ينقلها لاحقهم عن سابقهم وهي أن الطائف على ظهر جبل غزوان وفي ذكره قال البلادي : " ربّما كان الاسم يشمل منابع وجّ وليّة ثم اقتصر " ( 261 ) ومنابع ليّة تسيل من شفا بني سفيان وشفا هذيل فيما تسيل منابع وجّ من شفا هذيل جنوب الطائف وقال البلادي في ذكر عروان : " إنّ الاسم كان شاملا لسراة الطائف ثم اقتصر على هذا الجبل الذي يبعد قرابة خمسين كيلا جنوبا غربيّا من الطائف " ( 262 ) وقال الأستاذ محمد بن علي بن هلال الحتيرشي الهذلي : " عروان جبل كبير في وادي دفاق ويصب فيه ومتصل بجبل فصعان وفيه مقاري نحل كثير " ( 263 ) ويتّصل بعروان من جهة الغرب جبال راية في سفوح السراة الغربية بين يلملم ودفاق ( 264 ) وقال الأستاذ شكيب أرسلان : " إنّ جبل الفرع وجبل الشرف وجميع الشعاب والشناخيب التي هناك داخلة تحت اسم عروان " ( 265 ) ومما تقدّم بيانه يتبيّن لنا أنّ ديار بني سعد تشمل سراة عروان وأنّ سراة عروان سراة عظيمة يشمل اسمها جبال الطائف إلى جهات وادي مركوب في الجنوب الغربي وبعض الجبال القريبة من مكة في الجنوب الشرقي منها ــ من مكّة ــ والجبال الواقعة بين مكّة المكرّمة والطائف ويلي بني سعد شرقا بنو هلال قال ابن خلدون : " بنو هلال في غزوان عند الطائف" ( 266 ) وفي تحديد أكثر دقة قال : " بنو هلال بن عامر في بسائط الطائف ما بينه وبين جبل غزوان " ( 267 ) وهذا يعني أنّ المنطقة الممتدة من سراة هذيل إلى بلاد بني هلال في بسائط الطائف مما يلي عروان تعرف باسم سراة عروان وكانت بلاد بني هلال في وادي جلدان جنوب الطائف قال الهمداني : " وادي جلدان منقلب إلى نجد في شرقي الطائف يسكنه بنو هلال " ( 268 ) وقال : " جلذان موضع قاع واسع "( 269 ) وهو منطقة تقع بين وادي ليّة ووادي تربة قال الهجري : " جلدان إذا خرجت ودبرت ليّة تعديت في جلدان غائط أبيض ، رقّة بيضاء آخره كلاخ " وقال : " جلدان بين القنن وتربة أرض سهلة " ( 270 ) وتربة من ديار بني هلال ( 271 ) ويفيدنا نصّ الهجري أنّ جلدان يمتدّ من وادي ليّة إلى كلاخ على نحو 40 كيلا شرقي الطائف وقد كان اسم عروان يشمل منابع وج ولية وهذا يدلنا على الامتداد العظيم لسراة عروان من ديار هذيل إلى ديار بني هلال في جلدان الممتد من ليّة إلى كلاخ وقد امتدّت ديار بني هلال شمالا إلى ذات عرق ففي المناسك في ذكر ذات عرق : " هي لبني هلال بن عامر " ( 272 ) بل وامتدّوا إلى رهاط قال الزبيدي في ذكر رهاط : " وهو نجدي من بلاد بني هلال ويقال وادي رهاط ببلاد هذيل " ( 273 ) وهذا يبيّن لنا الاختلاط والتداخل فيما بين قبائل بني سعد وبني هلال في الديار امتدادا من منطقة تربة إلى جبل عروان إلى رهاط
قلت : ومما سبق بيانه يتبين لنا أن ديار بني سعد تقع جنوب ديار هذيل ثم إلى الشرق منها في سراة عروان ثمّ تمتدّ شمالا بين ديار بني هلال شرقا وديار هذيل غربا وسياتي نصّ أبي زيد البلخي وغيره أنّ الغالب على نواحي مكّة ممّا يلي المشرق بنو هلال وبنو سعد وبعض قبائل هذيل وقد توسّعت ديار بني سعد في هذه الأنحاء على حساب ديار هذيل ثمّ على حساب ديار بني هلال فمن ديار بني سعد في شمال شرق مكة الزيمة قرب التنضب في وادي نخلة
قلت : وللهمداني إشارة نفيسة تفيد بأنّ بني سعد أهل عروان هم بنو سعد بن بكر من قيس عيلان وفيما يلي بيان ذلك :
أورد الهمداني في حديثه عن أنساب خولان أنّ حربا وقعت بين بني سعد بن سعد وأخوتهم الربيعة بن سعد وقد أهاج هذه الحرب عمرو بن يزيد بن عبد الله بن الحارث الحربي من بني الفيّاض بن حرب بن سعد بن سعد ( 274 ) فلما قتل هو وأخوته ( 275 ) قام بأمر الفتنة من بعده عمرو بن يزيد الغالبي سيّد بني غالب ( 276 ) ، قال الهمداني : " ولم يبرح عمرو في رياسته حتى ظعن في بني غالب وظعن أكثر بني حرب إلى الحجاز لوقائع تواترت عليهم الربيعة ولإبن أبان ، فأمّا بنو حرب فقصدت العرج وأمّا بنو غالب فقصدت جبل يسوم من وادي نخلة وجبل عروان في أعلى عرفات " ( 277 ) وقد استقرّ عمرو بن يزيد الغالبي مع قومه هناك بعد أن جاور عددا من القبائل قال الهمداني : " جاور عمرو بن يزيد في زبيد وقتا ثمّ في خثعم ثمّ في بني هلال ثمّ لحق ببني غالب إلى يسوم وعروان " ( 278 ) وكان جلاء بني غالب قد تمّ سنة 131 هــ أجلاهم محمد بن أبان بن حريز الخنفري قال الهمداني في ذكره ابن ابان : " هو الذي أخرج بني حرب بن سعد وبني غالب بن سعد إلى عروان وإلى العرج " ( 279 ) وقال : " قالت علماء صعدة : إنّ بني حرب أجلت عن صعدة في سنة إحدى وثلاثين ومائة " ( 280 ) فلما ضاق الأمر بعمرو بن يزيد الغالبي جعل يناشد ابن خالته جرير بن حجر سيّد الربيعة ( 281 ) أن يسمح له بالعودة ، قال الهمداني : " كان يقول أشعارا يسأل جرير بن حجر ــ وكان ابن خالته ــ فيها العودة فرقّ له وأعاده " ( 282 ) ويبدو أنّ هذه العودة كانت قبل نهاية القرن الثاني للهجرة فقد ذكر الهمداني أن يعلى بن عمرو بن يزيد الحربي قد رأس قال : " وهو الذي قام مع ابراهيم بن موسى العلوي بصعدة " ( 283 ) وكان ابراهيم بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن حسين بن علي بن ابي طالب قد حرج باليمن سنة 200 هــ ( 284 ) وممّا جاء في شعرعمرو بن يزيد الغالبي يذكر حاله مع قبائل قيس :
فاصبحت قد ودّعت قومي ومعشري ***** وحالفت همّا ما أزال أصاوله
رهين ذلّ بين ترج ومكّة ***** كذلك من قامت عليه قبائله
فوالله ما خلّيت داري بمعشري ***** بطوع وربّ البغي والعرش خاذله
اقارع كيدا من سليم وعامر ***** وحقدهم تغلي عليه مراجله ( 285 )
وقال في ذكر حاله وحال قومه بني غالب الذين كانوا قد استقرّوا في عروان ويسوم في وادي نخلة :
من سرّ سعد بن سعد في مركّبها ***** أهل الحفائظ بعد العسر في القرم
وحيّ قيس يسوم الذلّ سادتنا ***** قد أمسكوا بعرى الأنفاس والكظم
لا قرّب الله قراكم فليس لكم ***** عطف جميل بمحمود من الشيم
أنتم زعمتم باعلى ذروة رفعت ***** من سرّ خولان منسوبون بالكرم
ونحن في حيّ قيس يبرمون لنا ***** سوء الحديث ونخشى زلّة القدم
ظعائن من ذوي خولان رتّبها ***** طيب العفاف شربن الذلّ بالرغم
قطعتم حرمة من حقّهنّ فما ***** ترعون قربى ولا نصرا مظّلم ( 286 )
وهنا نرى أن عمرو بن يزيد الغالبي يبيّن حال قومه وحال سادتهم ونسائهم وما يلقونه من حيّ قيس هناك وقد نصّ الهمداني أن الذين ينزلون عروان ووادي نخلة هم بنو سعد أي أنّ بني سعد هؤلاء هم من قبائل قيس وهذا يتّفق مع نصّ عرّام بأنّهم بنو سعد بن بكر الذين حضنوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم
32ــ العقيق
يقع وادي العقيق إلى الشمال من الطائف ويسمّى عقيق عشيرة قال البلادي : " عقيق عشيرة : وادٍ فحل من أودية الحجاز الشرقية يأخذ أعلى مساقط مياهه من شمال الطائف حيث يسيل وادي قرّان من شمال حويّة الطائف ثم يتّجه العقيق مشمّلا بين حرّتي بسّ غربا ثمّ حرّة الروقة وحرّة كشب شرقا حتى يدفع في قاع حاذة جنوب مهد الذهب " قال : " ولعقيق عشيرة روافد كثيرة منها : الغميم وقرّان والحسك وسدحة والرصن وغيرها " ( 287 ) ويدلّنا شعر أبي وجزة السعدي على أنّه من منازل بني سعد قال أبو وجزة :
يا صاحبيّ أنظرا هل تؤنسان لنا **** بين العقيق وأوطاس بأحداج ( 288 )
وأوطاس من منازل بني سعد وقال ابو وجزة :
وقال أبو وجزة السعدي :
بأجماد العقيق إلى مراخ ***** فنعف سويقة فنعاف نسر ( 289 )
قال ياقوت الحموي في ذكر الأعقة : " ... ومنها عقيق آخر يدفع سيله في غوري تهامة وإيّاه عنى فيما أحسب أبو وجزة السعدي بقوله " وأورد البيت وقال : " وهو الذي ذكره الشافعي رضي الله عنه فقال : لو أهلّوا من العقيق كان أحبّ إليّ " ( 290 ) ويشهد لكون العقيق من ديار بني سعد ما سيرد في قرّان أحد فروع العقيق وأهله من غويث من فروع بني سعد بن بكر بن هوازن
33ــ الغريف
الغريف جزء من وادي تربة وفي ذكر الغريف قال الشيخ عاتق بن غيث البلادي : " أصل الاسم لمثناة من الوادي غزيرة الماء قصيرة الآبار فالوادي أعلاه تربة ووسطه الغريف وأسفله الخرمة أو وادي سبيع " وقال : " فيه قرية كبيرة بهذا الاسم تبعد عن الخرمة 40 كيلا جنوبا مع ميل قليل إلى الغرب " ( 291 ) وهو من ديار بني سعد ، قال البكري : " الغريف بكسر أوّله وإسكان ثانيه بعده ياء مفتوحة وفاء : موضع في ديار بني سعد ، قال الخطفي واسمه حذيفة بن بدر :
كلّفني قلبي وماذا كلّفا ***** هوازنيّات حللن الغريفا
وقال الخليل : الغريف بفتح أوّله وكسر ثانيه موضع لبني سعد " ( 292 ) وقال ياقوت الحموي : " الغريف : جبل لبني نمير ، قال الخطفي جد جرير بن عطيّة بن الخطفي الشاعر واسمه حذيفة :
كلّفني قلبي ما قد كلّفا ***** هوازنيّات حللن غريفا ( 293 )
34ــ قرّان
يقع وادي قرّان إلى الشمال من الطائف قال البلادي : " قرّان : وادٍ يأخذ أعلى مياهه من الحزوم الواقعة شرق بلدة السيل الصغير وشمال حويّة الطائف ثم يتّجه شمالا فيدفع في صدر عقيق عشيرة من الجنوب " ( 294 ) وهو من منازل بني سعد قال الشريف الرضى في مدح أبيه الحسين بن محمد الموسوي ( 304 ــ 400 هــ ) ويذكر وقعة له في بني غويث بطريق مكة جاء فيها :
وإذا الحسين دعاهم بجيادهم **** حشدت إليه مصرّة الأذان
متواترات في الطلوع مغيرة **** لفظ السواغب من نوى قرّّان
ومما جاء فيها :
لله يومك في غويثٍ إنّه **** يوم يشجى به بنو عيلان
بالحصن إذا دحت القنا خرصانها **** وتحصّنت في أنفس الفرسان
غاضت مياه وجوههم خوف الردى ***** فكأنّها فاضت إلى الأجفان
صبّحتهم بيد تطوّح بالظبى ***** ويد تدقّ عوالي المرّأن
لدنا تهزّ طعينها فتخاله ***** في الطعن وثّابا إلى الأقران
قطعت أنفاس الحمام بجريها ***** حتى كبا في الهام والأبدان
فكاأنّما الأرماح ضلّت في الوغى ***** حتى انثنت تستاف كلّ جنان
والخيل تعثر في أطراف القنا ***** مصبوغة بدم القلوب الآني
ستر السهام فروجها فكأنّما آ ***** دّرعت إليك مدارع الظّلمان
لو أنّ أنفاس الرياح تصاعدت ***** في نفعها طارت مع العقبان
خضت الظلام إليهم بسنابك ***** خاضت قلوب مواقد النيران
وفريت وفرة ليلهم بصوارم ***** وصلت عرى الإصباح باللمعان
حسر الدجى فنصبت أعناق العدا ***** قبلا لنيل رواكع الشريان
فتركتهم صرعى بكلّ مفازة ***** وكأنّما صعقوا على الأذقان
تخفي النسور بزفّها أجسادهم ***** عن ناظر الريبال والسرحان
نبثت مناسرها الجراح كأنّها ***** بالنّبث تسبر وقع كلّ سنان
حتى رجعت بفتية قصفوا القنا ***** ورموا بكلّ حنيّة مرنان
لو أمكنوا وصلوا بكلّ مثقّف ***** يسم الطّلى في الطعن كلّ بنان
أسد برى الإسآد نحض جيادهم ***** بالكرّ والتضراب والتطعان
لو عقدت بعضا ببعض في السرى ***** كانت له بدلا من الأرسان
يهنى بني عدنان وقعتك التي ***** جذبت بضبع الدين والإيمان
لو لم تحلّ طلى الأعادي عقدوا ***** بعرى القلوب سبائب الأحزان
قدها فغرّتها من الكلم الجني ***** وحجولها من صنعة ومعان
هي نطفة رقرقتها من خاطري ***** بيضاء تنقع غلّة الظمآن ( 295 )
وقد تصحّف الاسم في بعض النسخ إلى فزّان وقد أشار الأستاذ الدكتور عبد الفتّاح الحلو أن في النسخ من ( نوى قرّان ) قال ذلك وقد أورد الاسن برسم فزّان فعلّق الشيخ حمد الجاسر رحمه الله تعالى على ذلك فقال : " وقد اتّضح لي أنّ الصواب ما في النسخ ( قرّان ) بالقاف والراء المهملة لا ( فزّان ) وإنّ قرّان هو الذي من منازل بني غويث وهي قبيلة معروفة من بني سعد الكثيرة الفروع التي ترجع إلى قيس عيلان ولا تزال منتشرة حول الطائف وإليها ترجع أكثر فروع قبيلة عتيبة القبيلة المشهورة " وأضاف الجاسر فقال : " أمّا قرّان فهو واد يقع بمنطقة الطائف في شمالها الغربي من أشهر الأودية التي لا تزال معروفة " وقد ذكر الجاسر أنّ الشريف الموسوي والد الشريف الرضي قد تولّى إمارة ركب الحجّاج عددا من السنين فيما بين سنتي خمس وخمسين وثلاث مئة ، وثلاث وستين وثلاث مئة كما أوضح ذلك الجزيري في كتاب الدرر الفرائد المنظمة قال : " ويظهر أنّ الشريف الموسوي والد الشريف الرضي .... في إحدى حجّاته مرّ ببلاد بني غويث في طريقه إلى الطائف لزيارة قبر عبد الله بن عبّأس رضي الله عنهما فحدث له ما حدث " ( 296 )
قلت : هذا نصّ نفيس يدلّ على وجود بني سعد في منطقة شمال غرب الطائف وشمال شرق مكّة المكرّمة وأنّه كانت لهم شوكة وعدد وعدّة حتى كانوا يتعرّضون للقوافل المارّة ببلادهم خلال القرن الرابع للهجرة ومن بين بطونهم الكبرى في هذه الأنحاء بنو غويث وقد ذكر أبو زيد البلخي أنّ بني سعد كانوا واحدة من بين ثلاث قبائل تستوطن مشارق مكّة المكرّمة خلال القرن الرابع للهجرة
35ــ قينة
قينة من مواضع مرّ الظهران وهو واد ينحدر من جبل الأبردين وجبل يطح ويصبّ في الفوّارة ( 297 ) الذي يصبّ مع اللصيبة في ضرعاء ثمّ في وادي الزبارة ( 298 ) أحد أجزاء مرّ الظهران قال حدير شاعر بني ذؤيبة يرد على معقل بن خويلد الهذلي :
فلا تفخر فإنا قد تركنا **** بقينة مرٍّ أوصالا وهاما
قال السكري : " قينة : واد ومر : مر الظهران " ( 299 )
وذؤيبة بطن من بني سعد بن بكر بن هوازن ومرّ الظهران من منازل بني سعد كما مرّ بيانه آنفا
36ــ كلاخ
موضع له ذكر في شعر أبي وجزة السعدي قال أبو وجزة السعدي
أجراع لينة والقلاخ فبرقها ***** فشواحط فرياضه فالمقسم ( 300 )
وقال نصر السكندري في ذكر قلاخ : " موضع على طريق حاج اليمن كان فيه بستان يوصف بجودة رمّانه ويقال فيه كلاخ " ( 301 ) وقال البلادي في ذكر كلاخ : " كلاخ هو أسفل وادي بسل " ( 302 ) وقال الأستاذ حمّاد السالمي في ذكره : " واد شهير من أودية جنوبي الطائف على 60 كيلا " ( 303 ) وأمّا شواحط فقد ذكره البلادي فقال : " قرية عامرة للأشراف بأسفل عرج الطائف قبل اجتماعه مع وادي شرب " ( 304 ) ووادي كلاخ جزء من بلاد هوازن قال الهمداني ( ت بعد 360 هــ ) : " وكلاخ واد ماؤه ثقيل ملح وكل هذه البلاد من تبالة إلى نخلة ديار هوازن فيها من كلّ بطونها " ( 305 ) ومن المعلوم أن بطون هوازن تعود جميعها إلى أبناء بكر بن هوازن وهم : معاوية ومنبّه وسعد ( 306 ) فإذا كان المنطقة بين تبالة ونخلة ومن أوديتها ومواضعها وادي كلاخ تنزل فيها جماعات من كلّ بطون هوازن فإنّ هذا يعني أنّ بني سعد كانوا من بين بطون هوازن التي تنزل في هذه المنطقة ومنها وادي كلاخ الذي ذكره أبو وجزة السعدي والذي لا يزال من مواضع وديار قبيلة بني سعد المهمّة إلى يومنا هذا
37ــ ذو المجاز
كانت بعض بطون هوازن تقطن نواحي ذي المجاز وحنين وأنف وهو أنف عاذ ووادي السرر قال إبن شبة ( ت 262 هــ ) : " نزلت هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس ما بين غور تهامة إلى ما والى بيشة وبركا وناحية السراة والطائف وذا المجاز وحنين وأوطاس وما صاقبها من البلاد " ( 307 )
قلت : هذا النصّ يفيدنا أنّ هوازن كانت تنزل ذا المجاز وحنين ، قال ياقوت الحموي : " ذو المجاز : موضع سوق بعرفة على ناحية كبكب عن يمين الإمام على فرسخ من عرفة كانت تقوم في الجاهلية ثمانية أيّام " قال : " وقال الأصمعي : ذو المجاز ماء من أصل كبكب وهو لهذيل وهو خلف عرفة " ( 308 ) وقال الحافظ ابن حجر : " فأمّا ذو المجاز فذكر الفاكهي من طريق ابن إسحاق أنها بناحية عرفة إلى جانبها وعند الأزرقي من طريق هشام ابن الكلبي أنّه كان لهذيل على فرسخ من عرفة " ( 309 ) وقال البلادي : " شعب يسيل من كبكب غربا فيدفع في وادي عرنة ــ بالنون ــ في الطرف الشرقي للمغمس أهله قريش قديما وحديثا ويبعد عن حدود مكة ثمانية أكيال مقاسة من علمي طريق نجد اللذين بأوّل الصفاح " وقال في ذكر السوق : " وهذا السوق يقع شمال عرفة على نصف المسافة تقريبا بينها وبين الشرائع ( حنين سابقا ) " ( 310 ) وحنين من روافد وادي عرنة قال البلادي في ذكره : " هو أعلى وادي عرنة " ( 311 ) وقال : " واد من أودية مكّة المكرّمة يسيل من السراة من جهات طاد وتنضبة ثم ينحدر غربا فيمرّ بين جبل كنثيل الشهير عن يمينه وجبل لبن عن يساره ويعرف اليوم بوادي الشرائع " قال ويبعد ماء حنين 36 كيلا من المسجد الحرام إلى الشرق " ( 312 ) وهذه الديار هي ديار هذيل بن مدركة أيضا قال الهمداني الذي عاش إلى ما بعد سنة 360 هــ ( 313 ) : " منازل هذيل عرنة وعرفة وبطن نعمان ونخلة ورحيل وكبكب والبوباة وأوطاس " ( 314 ) أي أنّ هذيلا وهوازن جيران في هذه الديار وهو ما بيّنه إبن شبّة ( ت 262 هــ ) الذي قال في ذكره منازل قبائل مدركة : " صارت مدركة بناحية عرفات وعرنة وبطن نعمان ورحيل وكبكب والبوباة وجيرانهم فيها طوائف من أعجاز هوازن " ( 315 ) وعجز هوازن الذين يجاورون هذيلا في هذه الأنحاء هم بنو سعد بن بكر بن هوازن ومن أخبار بني سعد في ذي المجاز أن رجلا منهم اشترى عبيدا أبا أبي وجزة الشاعر المعروف في هذا السوق ، روى أبو الفرج الأصفهاني عن محمد بن سلاّم الجمحي قال : " كان عبيد أبو أبي وجزة السعدي عبدا بيع بسوق ذي المجاز في الجاهلية فابتاعه وهيب بن خالد بن عامر بن عمير بن ملاّن بن ناصرة بن فصيّة بن نصر بن سعد بن بكر بن هوازن " ( 316 ) ، ومن ديار هوازن أنف عاذ قال البكري في ذكر عاذ : " هو واد في ديار هوازن " قال : " ويضاف إلى المطاحل فيقال عاذ المطاحل " ( 317 ) وقال ياقوت الحموي : " وهو موضع عند بطن كرّ من بلاد هذيل " ( 318 ) وقال البلادي : " أنف من شمال كبكب " ( 319 ) ويقع أنف جنوب حنين التي تعرف اليوم بالشرائع قال البلادي : " يقع جنوب الشرائع بطرف كبكب من الشمال الشرقي " ( 320 ) إلى الشرق من مكّة قال البلادي في ذكر كبكب : " هو جبل أسمر ضخم يقع شرق مكّة على قرابة 27 كيلا " ( 321 )
قلت : ومن أخبار بني سعد في هذه النواحي خبر يعود لعام 851 هــ قال الجزيري في ذكر حوادث عام 851 هــ : " وفي ضحى يوم عرفة كانت جفلة سببها أنّ الأتراك تعدّوا على غنم بني سعد وأخذوها فحصل بينهم قتال فسمع الشريف بركات فجاءهم ومعه عسكر ففرّ العرب ونهب الغوغاء كثيرا من إبلهم وغنمهم وأثاثهم وسكن الأمر ونودي بالأمان والبيع والشراء فأمن الحجاّج " ( 322 ) والخبر أورده النجم عمر بن فهد الذي ذكر أنّ الشريف طرد العرب ( 323 ) وأورده أيضا عز الدين إبن فهد ( 324 ) وقد كان بنو سعد أصحاب غنم منذ عهد مبكّر جدّا بسبب طبيعة بلادهم الجبلية فقد اشتهروا بأنّهم من أهل الشاء قال أبو سعيد الضرير ــ من علماء النصف الأوّل من القرن الثالث للهجرة ــ : " أبو ربيعة في بني سعد بن بكر وفي غيرهم ولكن جيران أبي ذؤيب بنو سعد بن بكر وهم أصحاب غنم وخصّ آل ربيعة لأنهم أسوأ الناس ملكة " ( 325 ) وقال الأستاذ عمر رضا كحّالة في حديثه عن قبيلة بني سعد بن بكر بن هوازن : " وهم أصحاب غنم " ( 326 ) وحالهم في هذا حال جيرانهم هذيل ، قال معاوية بن أبي سفيان : " أهل الشاء والنعم والمنعة والكرم : هذيل بن مدركة " ( 327 )
قلت : وقد كانت منازل بني سعد تشمل نواحي ذا المجاز فقد روى البيهقي بسنده عن إبن عبّاس في خبر شقّ صدر النبي صلى الله عليه وسلم أنّ حليمة السعدية قالت : " ...... فاحتملته فأتيت به منزلا من منازل بني سعد بن بكر فقال لي الناس اذهبي به إلى الكاهن حتى ينظر إليه ويداويه فقال : ما بي شيء ممّا تذكرون وإنّي أرى نفسي سليمة وفؤادي صحيح بحمد الله ، فقال الناس : أصابه لممٌ أو طائفٌ من الجنّ ، قالت : فغلبوني على رأيي فانطلقت به إلى الكاهن فقصصت عليه القصّة ، قال دعيني أنا أسمع منه فإنّ الغلام أبصر بأمره منكم ، تكلّم يا غلام ، قالت حليمة : فقصّ ابني محمد قصّته ما بين أولها إلى آخرها فوثب الكاهن قائما على قدميه فضمّه إلى صدره ونادى بأعلى صوته : يا آل العرب ، يا آل العرب من شرٍّ قد اقترب اقتلوا هذا الغلام واقتلوني معه فإنّكم إن تركتموه وأدرك مدرك الرجال ليسفّهن أحلامكم وليكذّبن أديانكم وليدعونّكم إلى ربٍّ لا تعرفونه ودينٍ تنكرونه .... " ( 328 ) وفي رواية عند أبي نعيم أنّ ذلك كان في ذي المجاز قال الصالحي : " وعند أبي نعيم عن بعض رعاة حليمة أنّها مرّت بذي المجاز وهي راجعة برسول الله صلى الله عليه وسلم وبه عرّاف يؤتى إليه بالصبيان ينظر إليهم فلما نظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى الحمرة بين عينيه وإلى خاتم النبوة صاح : يا معشر العرب اقتلوا هذا الصبي فليقتلنّ أهل دينكم وليكسّرن أصنامكم وليظهرنّ عليكم فانسلّت به حليمة ، زاد ابن سعد فجعل الهذلي يصيح : يا لهذيل يا لهذيل ... " ( 329 ) وفي رواية أنّ القوم قالوا لحليمة : " انطلقوا به إلى كاهننا حتى ينظر إليه ويداويه " ( 330 ) وفي رواية أنه لمّا حدث للنبي صلى الله عليه وسلم الشقّ وعلم به بنو سعد : " اقبل الحيّ بحذافيرهم وإذا أمّي وهي ظئري أمام الحيّ ........ فاتّفق القوم على أن يذهبوا بي إلى الكاهن فاحتملوني حتى ذهبوا إليه .... " الحديث ( 331 ) قالت حليمة : " ... فأتيت به منزلي فما أتيت به منزلا من منازل بني سعد إلا وقد شممنا منه ريح المسك فقال الناس يا حليمة ردّيه إلى جدّه ... " ( 332 )
قلت : هذا الخبر يدلّنا على أنّ حليمة السعدية نزلت برسول الله صلى الله عليه وسلم منزلا من منازل بني سعد وأنّ الناس غلبوها على رأيها فعرضت رسول الله صلى الله عليه وسلم على الكاهن الهذلي وأنّ ذلك كان بذي المجاز وقد كان ذو المجاز من منازل هوازن أصل بني سعد ومنازل هذيل أيضا ، وقد كان طريق حليمة هذا يسير باتّجاه الطائف ، ومن المواضع التي مرّت بها ذهابا وإيابا السرر وهو وادٍ من ديار بني سعد ويقع على نحو أربعة أميال من مكّة المكرّمة بقرب عرفة قال ياقوت الحموي : " السّرر : الموضع الذي سرّ فيه الأنبياء وهو على أربعة أميال من مكّة وفي بعض الحديث أنّه بالمأزمين من منى كانت فيه دوحة " وقال : " روى المغاربة : السرر وادٍ على أربعة أميال من مكّة عن يمين الجبل " وقال نصر : " السرر : وادٍ بين مكّة ومنى كانت فيه شجرة " وقال العمراني : " السّرر : وادٍ من مكّة على أربعة أميال " ( 333 ) والسرر بالمأزمين والمأزمان بجوار عرفة قال ياقوت : " هو موضع بمكّة بين المشعر الحرام وعرفة وهو شعب بين جبلين يفضي آخره إلى بطن عرنة " ( 334 ) وقال البكري في ذكر المأزمين : " معروفان بين عرفة والمزدلفة " قال : " وروى معمر عن زيد بن أسلم عن ابن عمر قال : إذا كنت بين المأزمين من منى فإنّ هناك سرحة سرّ تحتها سبعون نبيّا " ( 335 ) وقال البلادي في ذكر السرر : " إنّ صدور أفيعية هي ما يسمّى بالسرر وأفيعية الوادي الذي يمرّ بين حراء وثبير غيناء " وقال : " هو من حراء إلى ثبير غيناء إلى العدل الذي وضع شرق البياضية وقد عمر اليوم معظمه وفيه أحياء مأهولة " ( 336 ) وقد جاء في خبر حليمة السعدية وتخلفها في مكة عن صواحبها وأخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم عند الواقدي أنها : " خرجت به إلى منزلها فحدجوا أتانهم فركبتها حليمة وحملت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بين يديها وركب الحارث شارفهم فطلعا على صواحبها بوادي السرر وهنّ مرتعات وهما يتواهقان ، فقلن : يا حليمة ما صنعت ؟ فقالت : أخذت والله خير مولود رأيته قطّ وأعظمهم بركة ، قال النسوة : أهو ابن عبد المطلب ؟ قالت : نعم ، قالت : فما رحلنا من منزلنا ذلك حتى رأيت الحسد من بعض نساءنا " ( 337 ) وقد جاء في خبر إعادة النبي صلى الله عليه وسلم إلى أمّه حينما فطمته حليمة فيما رواه أبو نعيم عن بعض رعاة حليمة قالوا : " مكث رسول الله صلى الله عليه وسلم سنتين حين فطم وكأنه ابن أربع سنين فقدموا به على أمّه زائرين لها وهم أحرص شيء على ردّه مكانه لما رأوا من عظيم بركته ، فلمّا كانوا بوادي السرر لقيت نفرا من الحبشة فرافقتهم فسألوها فنظروا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم نظرا شديدا ثم نظروا إلى خاتم النبوة بين كتفيه وإلى حمرة في عينيه فقالوا : هل يشتكي عينه ؟ قالت : لا ولكن هذه الحمرة لا تفارقه ، قالوا : والله إنّه نبي " ( 338 ) وقد أورد هذا الخبر جلال الدين السيوطي نقلا عن ابن سعد وأبي نعيم وابن عساكر ( 339 )
قلت : هذان خبران يدلاّن على نزول حليمة وقومها بنواحي وادي السرر وأنها كانت تمرّ به في ذهابها وإيابها من مكّة المكرّمة برسول الله صلى الله عليه وسلم وقد روى الواقدي في حديثه عن غزوة حنين عند القبض على بجاد السعدي من بني سعد بن بكر : " ... فأخذته الخيل فضمّوه إلى الشيماء بنت الحارث بن عبد العزّى أخت رسول الله صلى الله عليه وسلم من الرضاعة وأتعبوها في السياق فتعبت الشيماء بتعبهم فجعلت تقول : إنّي والله أخت صاحبكم فلا يصدّقونها وأخذها طائفة من الأنصار وكانوا أشدّ الناس على هوازن فأتوا بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : يا مُحمّد إنّي أختك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : وما علامة ذلك فأرته عضّة بإبهامها وقالت : عضّة عضضتنيها وأنا متورّكتك بوادي السرر ونحن نرعى البهم وأبوك أبي وأمّك أمّي وقد نازعتك الثدي وتذكر يا رسول الله حلابي لك عنز أبيك أطلان فعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم العلامة فوثب قائما فبسط رداءه ثم قال : اجلسي عليه ورحّب بها ودمعت عيناه وسألها عن أمه وأبيه فأخبرته بموتهما فقال : إن أحببت فأقيمي عندنا محبّبة مكرّمة وإن أحبب أن ترجعي إلى قومك وصلتك ورجعت إلى قومك ، قالت : بل أرجع إلى قومي فأسلمت فأعطاها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أعبد وجارية وأمر لها ببعير أو بعيرين وقال لها : ارجعي إلى الجعرانة تكونين مع قومك فأنا أمضي إلى الطائف فرجعت إلى الجعرانة ووافاها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجعرانة فأعطاها نعما وشاء ولمن بقي من أهل بيتها وكلّمته في بجاد أن يهبه لها ويعفو عنه ففعل صلى الله عليه وسلم " ( 340 ) وقد أشار شيخ الإسلام ابن تيمية إلى رضاع النبي صلّى الله عليه وسلّم في هذه الأنحاء فقال : " وقد علم بالنقل المتواتر أنّ مُحمّدا صلّى الله عليه وسلّم ولد بمكّة وبها نشأ بعد أن كان مسترضعا في بادية سعد بن بكر قريبا من الطائف شرقيّ مكّة وهو صغير ثمّ حملته مرضعته حليمة السعدية إلى أمّه بمكّة " ( 341 ) وقد ظلّت الذاكرة لدي سكّان مكّة المكرّمة تحفظ أن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم كان يرضع في شرقيّ مكّة المكرّمة وهناك شقّ صدره صلّى الله عليه وسلّم وإن كان التحديد غير دقيق قال الرحالة الإنجليزي جوزيف بتس فيما كتبه في رحلته عام 1680 م 1091 هــ : " وخارج مكة ( المكرّمة ) بحوالي نصف ميل يوجد تلّ ( جبل ) شديد التحدّر وقد صنعوا درجات ( سلّما منحوتا ) للوصول لقمّته التي يوجد عليها قبّة تحت صخرة مشقوقة يقولون أن مُحمّدا ( صلى الله عليه وسلم ) عندما كان في الرابعة من عمره حمله الملك جبريل ( عليه السلام ) ففتح صدره ( قلبه ) وأخرج منه مضغة سوداء تمثّل الفساد ( أو خطايا البشر ) ثمّ أغلق صدره ( قلبه ) فعاد كما كان ولم يشعر مُحمّد ( صلى الله عليه وسلم ) أثناء هذه العملية بأيّ ألم وقد تمّ هذا في موضع هذه الصخرة التي أقاموا عليها قبّة وقد ذهبت بنفسي إلى هذا المكان وصحبني كل رفاقي وقد صلّيت بضع ركعات كما صلّوا " ( 342 )
قلت : وما مرّ يفيدنا بقرب ديار بني سعد من مكة المكرمة بل كان بعضهم يسكن جبل مرازم من جبال مكة المكرمة وورد لهم خبر في وادي طوى ــ أنظره ــ
38ــ المجمعة
المجمعة موضع من مواضع وادي نخلة قال أبو الفرج الأصفهاني : " اقبل أبو خراش وأخوه عروة وصهيب القردي في بضعة عشر رجلا من بني قرد يطلبون الصيد فبينا هم بالمجمعة من نخلة لم يرعهم إلا قوم قريب من عدّتهم فظنهم القرديون قوما من ذؤيبة أحد بني سعد بن بكر بن هوازن أو بني حبيب احد بني نصر فعدا الهذليّون إليهم .... الخبر " ( 343 )
قلت : هذا الخبر يفيدنا أن هذا الموضع من نواحي بلاد بني سعد بن بكر لذلك ظن الهذليون أن القوم الذي عدوا إليهم من بني سعد بن بكر وما ذلك إلا لقرب هذا الموضع من بلادهم قال ياقوت الحموي : " المجمعة موضع بوادي نخلة من بلاد هذيل " ( 344 ) وهذيل جيران بني سعد في وادي نخلة
39ــ جبل مرازم
جبل مرازم هو أحد جبال مكّة المكرّمة ، قال الأزرقي : " جبل مرازم : الجبل المشرف على حقّ آل سعيد بن العاص وهو منقطع حق أبي لهب إلى منتهى حقّ ابن عامر الذي يصل حقّ آل عبد الله بن خالد بن أسيد ، ومرازم رجل كان يسكنه من بني سعد بن بكر بن هوازن " ( 345 ) ، قال البلادي : " هذا الوصف ينطبق على ما تقدم في الجبل الأبيض ولعلّ هذا وجه الجبل مما يلي شعب ابن عامر والعرب تسمي الجبل في كل ناحية باسم " ( 346 ) وقال : " وحقّ أبي لهب كان بين شعب علي وشعب ابن عامر فالجبل الأبيض إذا هو النعف المنقاد بين الشعبين خارجا من الخندمة مكنعا بجال الوادي عند سجن المحروق سابقا " ( 347 )

 

 

 

 

 

 

التوقيع

استغفر الله

    

رد مع اقتباس