::: مـنتدى قبيلـة الـدواسـر الـرسمي ::: - عرض مشاركة واحدة - نفي النسب عن العشيرة أو القبيلة(حكمه وعقوبته)
عرض مشاركة واحدة
قديم 28-02-2012, 06:35 PM   #1
 
إحصائية العضو







أبراهيم بن محمد الخميس غير متصل

أبراهيم بن محمد الخميس is on a distinguished road


افتراضي نفي النسب عن العشيرة أو القبيلة(حكمه وعقوبته)


نفي النسب عن العشيرة أو القبيلة: حكمه وعقوبته
بسم الله الرحمن الرحيم



الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الخلق أجمعين محمد بن عبد الله عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم وعلى آله وصحبه أجمعين. اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وبعد :
مقدمة : إن الحديث والجدال في الأنساب مزلة أقدام لمن لا يحسن الخروج منها قبل الدخول فيها ، وكمن مستعظم في نفسه علماً بها وهو لا يعرف أصولها وأحكامها وتبعات الأخطاء فيها. فيخوض فيها مدحاً وذماً ، ونفياً وإثباتاً، ووصلاً وفصلاً، وقرباً وبعداً . وهو حديقة ألغام لمن لا يقدر على تلمس مواطن الزلل فيقع فيها بما يصيب ذمته وعلمه وأمانته بجرح غائر ينزف حقداً وطيشاً طوال حياته.
والإسلام يستهدف حماية أعراض الناس والمحافظة علي سمعتهم وصيانة كرامتهم ، وهو لهذا يقطع ألسنة السوء ويسد الباب على الذين يلتمسون للبرآء العيب، فيمنع ضعاف النفوس من أن يجرحوا مشاعر الناس ويلغوا في أعراضهم وأنسابهم وقد قال النبي r " وهل يكبُّ الناس في النار على وجههم إلاّ حصائد ألسنتهم " . أخرجه الترمذي من حديث معاذ بن جبل .
لذا فإنه يجب على الإنسان أن يحفظ لسانه ويزن ألفاظه ويسدد أقواله قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا)الأحزاب/ 70
تمهيد : إن مما ابتلى به علم الأنساب في العصر الحاضر إدعاء البعض العلم بأحوال الناس وتضاريسهم القبلية وادعاء انتسابهم أونسبهم إلى غيرهم أو نفيهم أو التشكيك في انتمائهم العشائري أو القبلي والناس في هذه الحال (من الإثبات والنفي في الأنساب) بين طرفين ووسط.
أما الطرف الأول :
فيتساهل في إثبات وقبول كل من أدعى النسب وهو دعي ولو كان التاريخ والوقائع والروايات المتواترة والاستفاضة لا تشهد بانتسابه وإجماع أهل الشأن في بلده لا يقرون بذلك.
وقد يعرف آباؤه وأجداده بحال لا ينتسب فيها قطعاً ولا يمت بصلة إلى قبيلة أو عشيرة ما.
وهذا الطرف لا يعتمد إلا على الإدعاء ولو كان غير صحيح ويعتبر دليله في ذلك حديث النبي صلى الله عليه وسلم (الناس مؤتمنون على أنسابهم) فكل من نسب نفسه وأسرته الى عشيرة أو قبيلة فأمره مقبول والنسب إليه أمانة.ولو خالف كل المتواتر والمستفيض عند قومه وأهل بلده.
الطرف الثاني :
الذي لا يعترف بإثبات أنساب الناس أو صحة انتسابهم إلا بوجود شرطين اثنين هما :
1/ الوثائق القديمة المعتبرة التي تدل على صحة سلسلة النسب أو الانتماء القبلي .
2/ وشهرة الاستفاضة ووجود التواتر عند جميع أبناء القبيلة أو العشيرة في جميع البلدان. أو شهادة أهل بلد أهلها من القبيلة أوالعشيرة بقولهم :أن آل فلان في البلد الفلاني من هذه القبيلة أو العشيرة.
وما سوى هاذين الشرطين ( الوثائق والاستفاضة ) فلا بد عليه من الدليل والإثبات الصحيح الموثق في صحة النسب .
الوسط :
وهو الصحيح المقبول – والله أعلم – أن المنهج المعتبر والمستقيم في قبول أنساب الناس (خاصة عند أهل نجد ) أن المعتمد في إثباتها أحد أمرين اثنين :
1- إمّا الوثائق المكتوبة من علماء الشريعة أو النسب من منتصف القرن الثالث عشر وما قبله في نسب أسرة إلى قبيلة أو عشيرة ما. لأن ما بعد عام 1250هـ فهو غالباً معروف ومشهور بالاستفاضة عند أهل البلدان (على أن تحديد هذا التاريخ اجتهادي وليس دقيق والعلم عند الله تعالى)
2- أوأن تكون هذه الأسرة أو الحمولة معروفة عند أهل بلدها بانتمائها القبلي إلى عشيرة معروفة وتواتر ذلك عند القبائل والبلدان الأخرى القريبة منها.
وذلك لأنه يستحيل إدعاء نسب لا يصح عند أهل القرى , وما جاء إدعاء النسب في بلدان نجد في ظني إلا في العصر الحاضر , وبعد ظهور الأختام المشيخية التي تعطي النسب حسب الطلب , (حيث تباع وتشترى الأنساب في هذا العصر مع الأسف الشديد) , علماً أنه يستحيل إدعاء النسب قبل خمسين عاماً مثلاً في بلدان نجد لمن هو مستوطن فيها أباً عن جد وليس هناك حاجة ماسة تدعو للإدعاء عند أهل القرى.
أما في حال الأسر التي تستوطن البادية فإن الإدعاء منتفي إطلاقاً إلا في حال بعض الأفراد من قبائل أخرى الذين يدخلون في القبيلة حسب الأعراف والعادات المتبعة لديهم من ذبح الشاة والدخول في نسب القبيلة بسبب الدم ونحوه ويعتبر له مالها وعليه ما عليها وينفي نسبه السابق وهذه من أحلاف الأفراد كما أن هناك أحلاف أفخاذ وعشائر.
مسألة : نفي النسب عن القبيلة أو العشيرة :وبعد هذه المقدمة والتمهيد يحسن بنا أن نعرض لمسألة مهمة في موضوع النسب يقل من ناقشها أو كتب فيها وهي مسألة (نفي النسب عن القبيلة أو العشيرة ) وهذه المسألة معتبرة عند فقهاء الأمة وعلمائها فقد تم بخثها في كتاب الحدود في الموسوعات الفقهية وصورة هذه المسألة :
أن ينفي رجلً رجلاً أو أسرة من نسبها , كأن يكون من المستفيض عند أهل البلد أن أسرة آل فلان من الدواسر فيقول أنها ليست من الدواسر, أو يقول : أن فلان أو أسرة آل فلان ليسوا من بني تميم فينفيهم عن قبيلتهم أو يعرض بذلك دون بينة شرعية أو دليل معتبر عرفاً وشرعاً.
ومثاله قول ابن حزم رحمه الله رواية عن إبراهيم النخعي (ومن قال لرجل من بني تميم لست منهم وهو منهم، أو لرجل من بني بكر لست منهم وهو منهم فعليه الحد).أ.هـ (المحلي 11/266)
عقوبة نفي النسب المستفيض عند الفقهاء :قال ابن قدامة المقدسي رحمه الله : قال أبي قتادة : وإذا نفى رجلاً عن أبيه فعليه الحد نص عليه أحمد وكذلك إذا نفاه عن قبيلته , وبهذا قال إبراهيم النخعي وإسحاق وبه قال أبو حنيفة والثوري وحماد.
ووجه الأولى ما روى الأشعث بن قيس عن النبي r أنه كان يقول : " لا أوتي برجل يقول إن كنانة ليست من قريش إلا جلدته" .
وعن ابن مسعود قال لا جلد إلا في اثنين : رجل قذف محصنة أو نفى رجلاً عن أبيه وهذا لا يقوله إلا توقيفاً.
قال ابن قدامه : والقياس يقتضي أن لا يجب الحد بنفي الرجل عن قبيلته ولأن ذلك لا يتعين فيه الرمي بالزنا فأشبه مالو قال للأعجمي إنك عربي، ولو قال للعربي أنت نبطي أو فارسي فلا حد فيه وعليه التعزير نص عليه أحمد , وبه قال مالك والشافعي لأنه يحتمل غير القذف احتمالاً كثيراً فلا يتعين صرفه عليه ومتى فسر شيئاً من ذلك بالقذف فهو قاذف " أ.هـ (المغني 8/223)
وقال أبو محمد بن حزم : اختلف الناس فيمن نفى آخر عن نسبه . فقال طائفة : فيه الحد وقالت طائفة لا حد فيه فأما من أوجب فيه الحد فهو كما قال ابن مسعود : لا حدَّ إلاّ في اثنين أن يقذف محصنه أو ينفي رجلاً عن أبيه وإن كانت أمه أمة . وعن الشعبي في الرجل ينفي الرجل من فخذه قال : ليس عليه حد إلا أن ينفيه من أبيه. وعن الشعبي والحسن قالا جميعاً : يضرب الحد. وعن إبراهيم النخعي قال : ومن قال لرجل من بني تميم لست منهم وهو منهم أو لرجل من بني بكر لست منهم وهو فيهم فعليه الحد. وعن ابن جريح أنه قال : سأل ابن شهاب عن رجل قيل له يا ابن القين ولم يكن أبوه قينا قال : نرى أن يجلد الحد. أ.هـ المحلى (11/266)
قال الإمام الشنقيطي رحمه الله : (إعلم أن من قذف إنساناً بغير الزنى أو نفى النسب كأن يقول له يا فاسق أو يا آكل الربا ونحو ذلك من أنواع السب يلزمه التعزير وذلك بما يراه إلامام رادعاً له ولأمثاله من العقوبة من غير تحديد شيء في ذلك من وجهة الشرع.
وقال بعض أهل العلم : لا يبلغ بالتعزير قدر الحد.
وقال بعض العلماء : إن التعزير بحسب اجتهاد الإمام فيما يراه رادعاً مطلقاً والعلم عند الله تعالى)أ.هـ. أضواء البيان ( 6/ 92)
وقال رحمه الله :المسألة الثانية والعشرون : فيمن نفى رجلاً عن جده أو عن أمه أو نسبه إلى شعب غير شعبه أو قبيلة غير قبيلته :
الذي يظهر أن التحقيق في جميع الألفاظ المذكورة التي ذكرنا كلام العلماء فيها أنها تتبع العرف الجاري في البلد الذي قيلت فيه. فإن كان من عرفهم أن المراد بها الشتم بما لا يوجب الحد وجب التعزير لأجل الأذى ولا حد وإن كان عرفهم أنها يراد بها الشتم بالزنى أو نفي النسب وكان ذلك معروفاً أنه هو المقصود عرفاً وجب الحد لأن العرف متبع في نحو ذلك والعلم عند الله .أضواء البيان(6/116)
وقال الإمام مالك في المدونة كتاب الحدود ( ما جاء في نفي النسب ) :
قلت : أرأيت الرجل يقول للرجل من العرب : لست من بني فلان للقبيلة التي هو منها ؟ قال : إن كان من العرب جلد الحد، وإن كان من الموالي لم يضرب الحد بعد أن يحلف أنه لم يرد النفي. لأنه من عرض بقطع نسب رجل فهو كمن عرض بالحد. وإن قال لرجل من الموالي : لست من موالي بني فلان – وهو منهم – ضرب الحد وكذلك قال مالك لأنه قطع نسبه . قلت : على من أوقفت القذف إذا قال له لست من بني فلان وهو رجل من العرب، أعلى أمه دينه أو على امرأة جده الجاهلي ؟ قال : إنما يقام الحد لهذا المسلم بقطع نسبه . قلت أرأيت الرجل يقول للرجل : لست ابن فلان وأمه أم ولد ؟ قال : قال مالك : يضرب الحد الثمانين. [ ص 496 ]
ويتبين مما ذكر سابقاً من أقوال العلماء عدة أمور :
1/ اهتمام علماء الشريعة بالأنساب والعناية بها في ترتيب الأحكام الشرعية عليها.
2/ الإعلام بخطورة الطعن أو التشكيك في الأنساب وما يترتب عليه من عقوبات شرعية .
3/ الدعوة إلى التأكد في نفي الأنساب وعدم التساهل في ذلك.
4/ أن الباحث في علم الأنساب بحاجة ماسة إلى فهم الأحكام الشرعية المتعلقة بهذا العلم.
5/ أن الحكم بنفي النسب أشد خطورة من إثباته فيما يترتب عليه من أحكام الشريعة .

الخاتمة : يتبين من الأدلة الشرعية و أقوال العلماء أن العقوبة المترتبة على نفي نسب أسرة أو إنسان عن القبيلة أو العشيرة مختلف فيها بين الفقهاء بين عقوبة حد القذف أو التعزير فيما دون الحد.وأن الراجح عند جمهور العلماء أن عقوبته هي التعزير.
لذا فإن الأمانة العلمية تقتضي من الباحث في الأنساب أن يكون عارفاً بالأحكام الشرعية المتعلقة بعلم النسب وأن يكون دقيقا في كتابته عن الأنساب بمالا يدع مجالاً للتشكيك أو التعريض .

سائلاً المولى عزوجل أن يوفقنا لمايحبه ويرضاه وأن يصلح لنا الأعمال والأقوال والله الموفق والهادي الى سواء السبيل .
كتبه / أبو محمد ابراهيم بن محمد الخميس (الرياض/ البير)

 

 

 

 

 

 

التوقيع

    

رد مع اقتباس