::: مـنتدى قبيلـة الـدواسـر الـرسمي ::: - عرض مشاركة واحدة - قبيلة الدواسر حاضرة وبادية تنعي فقيدها الأمير عبدالرحمن بن أحمد السديري
عرض مشاركة واحدة
قديم 30-03-2006, 03:45 PM   #44
 
إحصائية العضو







ممدوح بن سلطان السديري غير متصل

ممدوح بن سلطان السديري is on a distinguished road


افتراضي رحم الله حكيم عصرنا عبد الرحمن السديري ( جريدة الجزيرة )

رحم الله حكيم عصرنا عبد الرحمن السديري



بقلم الأستاذ : سليمان الأفنس الشراري*




الحديث عن المرحوم معالي الأمير عبد الرحمن السديري طويل ويحتاج لمساحات طويلة من الطرح في أمور متشعِّبة في كل نواحي الحياة التي عاشها معاليه في شبابه حينما تقلَّد أهم مهمة كلِّف بها في عهد المغفور له الملك عبد العزيز بإمارة الجوف والتي تعد حينها كإحدى أهم المناطق المهمة في سلسلة تساير الأحداث حينها في توحيد هذا الكيان الكبير وسعيه وحكمته التي تحتاج إلى وقفات طويلة وتأمل في طريقته المُثلى في التعامل مع شعوب حينها كانت متنافرة في منطقة تقع في أهم جزء من أجزاء المملكة المترامية الأطراف له من الأحداث ما كان له التأثير الكبير.
ولعلي أحد شهود العيان في جزء بسيط عايشته من حياة هذا الرجل الفذ عبد الرحمن السديري فإنني في أحمل في ذاكرتي الشيء الكثير من اللقطات التاريخية المهمة في حياة هذا الرجل الوطني الفذ.. هذا الرجل الذي اعتبره وأصفه بأحكم حكيم قابلته في حياتي وعايشته وتأملت في شخصيته المميزة الكثير من الوقفات العجيبة في تعامله السلس مع شعوب وأفراد وأجناس يحوِّل التنافر إلى وحدة وتوافق.. ويستطيع أن يتأقلم بشخصيته وطريقته وحكمته في التعامل مع كل من يقابله أياً كانت طباعه واختلافه.
إنه من حكماء الزمان الذي تجد في كلماته العمق الكبير في التجربة والصدق في التعبير والواقعية في الطرح.
إنه عبد الرحمن السديري الذي عايش فترة طويلة من العمل الصامت المثمر في منطقة الجوف المترامية الأطراف المتباعدة المدن المختلفة في الكثير من الأوجه التي يصعب على أي شخص أن يتأقلم معها ويعايشها وأن يجعلها تسير في بوتقة واحدة كيفما استطاع أن يسير.. لقد كان تعامله في عمله تعامل الأب المخلص المسدي للنصيحة الشارح للتجربة؛ فتجده مع الكبير في السن متأقلماً مع كل شؤون المسنين، وتجده مع الشباب شاباً منبسطاً في طرحه بروح الشباب الناضج الفكر وتجده مع الكثير الشمعة التي يستضاء بها في المسير إلى سبل العمل والخير والمحبة والتوافق. كان عبد الرحمن السديري مثالاً للحكمة الناضجة التجربة في الكثير من أمور حياتنا العادية، فهو الشاعر الذي لم يبخل في تجربته في طرح أشعاره التي تنم عن صدق التجربة في الواقعية التي نتعايشها؛ فهو يتحدث بكل حرية ودون حساسية في الطرح لنماذج متنوِّعة من أعماق ما نحس به في همومنا اليومية حتى إنك حينما تقرأ أشعاره تشعر وكأنه يتحدث بلسانك ويعبِّر عمَّا يجيش به صدرك بصدق وشفافية وطرح مثالي راقٍ ذي حكمة واعية وناضجة.
وحينما تقرأه مؤرخاً وكاتباً تجده تلك العين المبصرة التي لم تترك شاردة ولا واردة، تطرح الأمور بكل صدق وفائدة لتخرج بقراءتك لتجاربه التي يطرحها لك بسخاء بأنك تخرج بحصيلة مثلى من الفائدة التي تجعلك تحس أنك قطعت شوطاً في قراءتك لكتبه بوقت ثمين استثمرته بالشكل الفعلي للقراءة البناءة لقد كان عبد الرحمن السديري ملء القلب والبصر إنساناً يملأ حياتنا حباً ويزيدنا نشوة للحياة والعمل في حب الوطن وحب الغير والتآلف والتكاتف في سبيل أن يتعايش الجميع بسلام ومحبة.
لقد كان عبد الرحمن السديري ملء قلوبنا ولا يزال ذكره عطراً يزيدنا بهجة في أن نذكر رجلاً عاش بكل ما في هذه الحياة من محبة وإخلاص لدينه ثم لوطنه ولأمته فاكتسب حب الصديق واحترام العدو رغم أن عبد الرحمن السديري كان أنموذجاً صنع من أعدائه أفضل وأقرب الأصدقاء حينما أحسوا أن تجربته المثالية في الحياة هي النموذج الصادق والواقعي والحقيقة المُثلى في التعايش بصفة فردية أو جماعية، إنه أنموذج الجيل الواقعي الحكيم. فعبد الرحمن السديري الذي كان يعتبره المزارعون في المنطقة الشمالية مثالاً لهم في التجربة الزراعية التي لم يكن معاليه - رحمه - الله شغوفاً بها بقدر ما كان يرغب في أن يثبت أنه إنسان قادر على مزيد من العطاء والإنتاج بعمله الجاد وكان له ما أراد - رحمه الله - في أن يكون أحد أهم دعائم التجربة الزراعية، وما بسيطاء إحدى سلات الغذاء التي تمد بلادنا الغالية بكم هائل سنوياً من محصولها الزراعي إلا نتاج من نتاجات تخطيطه - رحمه الله - أهم المشاركين في التخيط لاستثمارها. وكانت له الرؤية الثاقبة في مشروع التوطين للبادية، وهذا بحد ذاته يحتاج إلى الكثير من الوقفات التأملية في رأيه ولقد سمعت منه - رحمه الله - الكثير من الآراء حول هذا وكيف تحوّلت الهجر الزراعية للبادية إلى مدن حديثة تزخر بكل مقومات الحضارة المتطورة التي تشهد اليوم الدعم السخي من دولتنا الرشيدة التي تواصل ما دعمته في بناء أسس تلك القرى والمدن والهجر والتي أصبح جلها محافظات كبيرة. كان عبد الرحمن السديري مدرسة بحد ذاتها لها التميّز البارز في سبيل دعم أسس العلم الذي كانت تنهجه دولتنا الفتية فكان خير ممثل لها بدعمه المتواصل لأبناء البادية، فلقد قرأت رسائل قديمة جداً له لبعض وجهاء ومشائخ البادية يدعوهم للتوطن، وكيف كان - رحمه الله - يطرح توجيهه بأسلوب راق محبب حقق له نتائج كبيرة في توطين من لم يكن في باله آنذاك التوطين وكان في حينها أمراً مستحيلاً أن يحول عادة الإنسان بأن يجعله ينقل حياته من لون من البيئة إلى لون مختلف تماماً، فلقد حقَّق عبد الرحمن السديري المعجزة في حينه بسعيه لتوطين البادية ودعمهم بكل الوسائل المتاحة لديه من الدولة المعطاءة لهم في بناء المدارس وتأمين حياة الطلبة ودعمهم بالمال والوسائل التي تحببهم للعلم.
كان عبد الرحمن السديري يحمل قلباً كبيراً من العطاء الخيّر وحبه للخير وإنشائه لجمعية البر الخيرية كأقدم جمعية خيرية بالمملكة دليل وعيه لحب الخير.
وعلى الرغم من أن جيل عبد الرحمن السديري كانت له النظرة المختلفة عن المرأة إلا أن قلب وفكر عبد الرحمن السديري يختلف برؤيته في دعم قطاعات التعليم والعمل للمرأة في كل وسائل مناحي الحياة في مجالات العلم والعمل فلقد شجع عمل المرأة في الدراسة والانخراط في عمل الخير الجماعي الاجتماعي وخصص أول جائزة للسجاد والتراث والموروث مما كان له الأثر الكبير في انخراط كثير من النساء بمختلف مستوياتهن بالعمل الإبداعي في هذا المجال التراثي والموروث الشعبي الملائم لكل زمن وزمان.
كان قلب عبد الرحمن السديري يمتلئ بالعاطفة والرحمة والحنان والتسامح والصفح في حالة وقت الصفح، فكان القائد الملم الموفّق في التعامل مع الكثير من أبناء منطقته أحبه الجميع واحترمه الآخرون ووقفوا احتراماً وإجلالاً لفكره وحكمته ورؤيته الثاقبة، إنه إنسان من نوع مميز من الناس ونادر قلّ أن يجود به الزمان.
وللحديث عن أبي فيصل بقية طويلة ووقفات ليست بالقصيرة نتنقل فيها بين حياة أحد رجالات هذا الزمان.
رحم الله حكيم عصرنا عبد الرحمن السديري رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته وألهمنا جميعاً بفقده الصبر والسلوان.


*عضو هيئة الصحفيين السعوديين

 

 

 

 

    

رد مع اقتباس