::: مـنتدى قبيلـة الـدواسـر الـرسمي ::: - عرض مشاركة واحدة - عبدالله الفوزان: معتمد الملك عبد العزيز في الهند
عرض مشاركة واحدة
قديم 28-10-2005, 05:31 AM   #2
 
إحصائية العضو







بدراني 82 غير متصل

بدراني 82 is on a distinguished road


افتراضي

دموع وأشجان .. عبدالله الفوزان


الجد عبدالله علاقته بالملك عبدالعزيز - رحمهما الله- علاقة روحانية، محبة وإخلاص ووفاء منقطع النظير، حتى أن من المعروف عنه -رحمه الله- إذا أراد أن يتقرب منه أحد لحاجة يمتدح الملك عبدالعزيز -رحمه الله-، كما أنه كان يغضب للملك عبدالعزيز، فقد كان جدي يمر بضائقة مالية في فترة ما، وصادف أن كانت هناك مستحقات متراكمة نتيجة أوامر شراء سابقة من الملك عبدالعزيز، فلمجرد استئذان ابنه وكان حينها في جدة بأن يطالب بهذه المبالغ منعه وغضب عليه غضباً شديداً. ولقد كان -رحمه الله- قد نذر نفسه وماله لخدمة الملك عبدالعزيز.

لم يكن يمثله بصفة رسمية ولكن بالتأكيد كان يمثله في كل ما يتعلق في الملك عبدالعزيز أو الدولة السعودية سواء شخصياً أو رسمياً. مما عرضه لمخاطر شخصية في سبيل ذلك بسبب البدع والخزعبلات في الهند فقد كانوا ينظرون إليه (الوهابي). ومما زاد الأمر تعقيداً، حساسية العلاقة بين الهند والملك عبدالعزيز حينها، كونها تحتضن أكبر عدد من المسلمين والتي كانت تضم في تعدادها سكان الباكستان وبنجلاديش.

نعم الجد عبدالله -رحمه الله- التقى بالملك عبدالعزيز في الحجاز وكذلك بالملك سعود والملك فيصل في الهند.

كما وله رسائل متبادلة مع الملك عبدالعزيز -رحمه الله-. وهناك كما علمت مراسلات أخرى مع الملك عبدالعزيز -رحمه الله- محفوظة لدى أرشيف وزارة الخارجية. تسطر تواصله مع زعماء الطوائف الدينية في الهند كان أكثرها لشرح أهداف الملك عبدالعزيز وأعماله التصحيحية التي تعارض خزعبلاتهم ومعتقداتهم إضافة إلى تقريب وجهات النظر، لاسيما وأن الدولة السعودية كان يهمها أمر المسلمين بالهند حيث يشكلون كتلة لا يستهان بها. ناهيك عن الاعتماد والاعتداد بالمورد المادي الكبير من حجاجهم لدولة ناشئة.

كما كان -رحمه الله- عبر المراسلات والبرقيات على اتصال دائم بالملك عبدالعزيز يحيطه علماً باحوالهم وأمورهم. ويعرفهم بمحبيه ويحذره ممن لهم توجهات وأفكار مخالفة.

أما ما قدمه -رحمه الله- للهند فكان دوماً يتلمس حاجات المسلمين ويسعى في تحقيقها بعرضها على الملك عبدالعزيز -رحمه الله- بل تجاوز ذلك إلى خدمة حجاج الصين الذين وصلوا إلى الهند على غير هداية آملين الحج وقصدوا عبدالله الفوزان (ممثل الملك عبدالعزيز) ليسعى لهم لاستخلاص إذن بالدخول إلى الأرض الحجازية وتم لهم ذلك.

وآخر ما قدمه لهم وهذا سر الشعبية التي يحظى بها في الهند هو بتشرف تعيين ابنه يوسف سفيراً للمملكة بالهند، حيث يجدون فيه ابناً للهند ومتفهماً لحاجاتها وخير من يعرض قضايا المسلمين فيها، بل وأكثر من السفير الهندي نفسه في المملكة، كما شهد بذلك زعيم الهند ورئيس وزرائها جواهر لال نهرو أثناء اجتماعه بالملك فيصل ــ يرحمه الله ــ) انتهى كلام حفيده طارق.



ويذكر أن رئيس وزراء الهند جواهر لال نهرو عند زيارته للمملكة قبل (40) عاماً قال للأمير فيصل بن عبدالعزيز رئيس مجلس الوزراء وقتها (خذوا أبو الكلام أزاد وزير التعليم والثقافة بالهند لأنه من مواليد مكة المكرمة وأعطونا يوسف بن عبدالله الفوزان لأنه من مواليد الهند وابن عمدة تجار بومبي) وكان وقتها يوسف يعمل سفيراً للمملكة بنيودلهي.
ومعروف أن صعوبة الحياة وشح العيش في نجد يضطر القادرين على الذهاب إلى مصادر العيش في العراق والكويت والبحرين وسورية وحتى الهند. مثل الفوزان وغيره والمثل النجدي يقول (الهند هندك إذا قل ما عندك).

ويقول عنه الأستاذ/ إبراهيم العبدالله التركي نقلاً عن الراوية الشهير إبراهيم الواصل أنه يروي ما يلي:

كان يحب (نجد) حباً جماً ولا يرضى أن ينالها أحد بسوء حتى ولو من باب المزاح. وعنيزة على وجه الخصوص ويذكر عنه أنه يحتفظ بكيس به (رمل) من تراب عنيزة وخوفاً عليه كان يضعه بصندوق (التجوري) الخزانة الخاصة.

كما يقال عنه أنه سافر من بومبي إلى كراتشي وحل ضيفاً على التاجر المرزوق من أبناء الكويت وكان من عادة التجار هناك أن يخصصوا مكاناً أو جزءاً من منزلهم أو منزل خاص باسم الضيافة يسكنه من يستضيفونه ممن لا يقيمون في البلد سواء من أقاربهم أو من أبناء بلدتهم.

وكان يتناول مع ضيفه ومجموعة أخرى طعام الغداء وكان ضمن المائدة لحم فوجد أن طعمه لذيذاً فأشاد به. فقال له محمد المزروق زوج ابنته رقية: هذا لحم كراتشي أفضل من لحم بمبي وكأنه لحم نجد وقالها بشيء لمس منه أنه يتهكم فأردف قائلاً: إن الجوع يجعل أي طعم للأكل لذيذاً فأحس أنه يلمز نجد فرمي بلقمته بالصحن وقام يهم بالانصراف لولا أن قام الجميع يترجونه ألا يتركهم لأنها تعد إهانة أن يسكن في مكان آخر فلامهم واختتم كلامه أن الواحد إذا ترك بلده ووجد ما ينسيه ما كان عليه أن يتنكر لماضيه وينسى ما يعيشه أمثاله هناك.


ومرة أخرى يذكر إبراهيم الخليف (والد الدكتور علي الكاتب بجريدة الرياض والأستاذ بجامعة الملك سعود) أنه سافر إلى بومبي في الهند ووصل إلى أحد التجار وكان يعرفه فسلم عليه وعلى من كان بمجلسه فوجد واحداً يلبس جبة ويضع فوق رأسه عمامة فاعتقد أنه من أبناء الهند وفوجيء به يسأله: الأخ من وين؟ فرد عليه من المملكة قال: أعرف! ولكن من أي منطقة بالمملكة؟ فأجابه: من نجد، فرد عليه: من أي بلد من نجد؟ قال: من عنيزة.. فرد عليه: أعرف أنك من عنيزة! من أي حارة؟ فقال: من (الخريزة) فقال: أنت ولد فلان وذكر معيارته أنتم اللي لبيتكم بابين باب على الحيالة (المزرعة)، والآخر على السوق وجيرانكم الفلان قال: نعم فرد عليه مؤكداً وترى مطقة الباب (1) حافرة بالخشب بشكل قوي. فتعجب من ذاكرته رغم مضي سنوات طويلة لم ير فيها عنيزة. فيقول إبراهيم الخليف فبمجرد عودتي لعنيزة ذهبت إلى (مطقة) الباب وإذا هي كما وصفها الفوزان. فهذا يدل على ذاكرة قوية عجيبة.

ويقول معالي الدكتور عبدالملك بن دهيش يذكر أن والده عند ذهابه للهند لطلب العلم وجد لدى الفوزان مضافة يسكن بها جميع من يأتي من المملكة وغيرهم.

هذا وقد رثاه الشاعر/ عمر أبو ريشة الذي كان وقتها سفيراً للجمهورية العربية المتحدة بالهند قائلاً:

إنه لما بلغني النبأ، سمعتني أقول لنفسي: ما مات.. عبدالله في الخلد، فتناولت القلم وجمعت الحروف فإذا مجموعها 1379 هذا شيء معجز لا أعرف له تأويلاً، تبارك الحق وسجل ذلك بثلاث أبيات:

دنياك كانت سورة الحمد= يا راقد في غيهب اللحد
الهند ضمتك إلى صدرها=ففازت الهند على نجد
ومكة قالت لمن أرخوا=ما مات عبدالله في الخلد
وقطعة ثانية أيضاً للسيد عمر سجل بها ذلك الحادث بين رثاء وتاريخ، قال:

هنا انتهت زورته العابرة=راضية مرضية شاكرة
وما انطوى منه سوى هيكل= ذاكرة تبقى بعده عاطرة
قال له تاريخه ملهماً= فوزان في الدنيا وفي الآخرة

تغمد الله الفقيد برحمته وأسكنه فسيح جناته.

حسين بن محمد ـ نيودلهي(2)


وفرحت بصدور كتاب (موسوعة تاريخ الملك عبدالعزيز الدبلوماسي) الصادر عن مكتبة الملك عبدالعزيز العامة. الرياض 1419هـ 1999م. والذي تولى جمع مادته وإعداده وصياغته مجموعة من المتخصصين مثل/ فهد بن عبدالله السماري وناصر بن محمد الجهيمي وعادل بن محمد نوفل وتاج السر أحمد حران وراجعه لغوياً د. فهمي قطب الدين النجار، وصدر بمناسبة مرور مئة عام على تأسيس المملكة.

بمجرد أن رأيت هذه الموسوعة منيت نفسي إذ ساجد فيها بغيتي ولكن خاب أملي فلم أجد أي أثر له بها والذي عوضني هو أني وجدت تعريفاً مختصراً لابنه (يوسف بن عبدالله الفوزان - سفير المملكة في إيران وكانت بدايته قنصلاً عاماً في فلسطين عند تأسيس القنصلية فيها، ثم صدر أمر ملكي بتعيينه في 16 صفر 1350هـ ثم هو أول قنصل للمملكة في بومباي في الهند)(3).

وعلى الرغم من أنه قد أشير في مقدمة الموسوعة أن قسم الإعلام قد احتوى على من أسهم وشارك (أياً كانت مشاركته) في مجريات الحياة الدبلوماسية في عهد الملك عبدالعزيز، أو كان له أثر في النشاط الدبلوماسي الذي شهدته تلك الفترة من السعوديين والأجانب. وللأسف الشديد فمثل هذا الرجل الذي قام بأدوار مهمة فترة تأسيس المملكة تخلو من ذكره هذه الكتب التوثيقية المهمة.

ولابد والحال هذه أن يكون هناك آخرون، فهل نسمع بتشكيل فريق عمل يتولى التحقيق والتوثيق لمثل هؤلاء. وأعتقد أن وزارة الخارجية هي المعنية أولاً بهذه المهمة.

وإنها لدعوة صادقة أوجهها لكل من:

1- مركز ابن صالح الثقافي بعنيزة لأهمية وجود «أرشيف» لمثل هذا الرجل لحفظ الوثائق والمعلومات عنهم للتاريخ.

2- دعوة لكل من لديه معلومات أو وثائق أن يقدمها لمكتبة الملك فهد الوطنية لحفظها وإتاحتها للباحثين والدارسين.


الهوامش


1ـــ المطرقة: قطعة من الحديد يطرق بها الزائر على الباب.

2ــ يقول عنه السفير عبدالرحمن المحمد الشبيلي، حسين بن محمد أنه من موظفي السفارة السعودية بنيودلهي وهو سعودي الجنسية من أبناء الأفلاج، وقد انتهى بطريقة مأساوية، فقد كان يعمل لديه سائق لم يرتح له فأنهى خدمته معه وعند مراجعته للسفارة للبحث عن عمل قال له أحد العاملين بها إن حسين قد طلب عدم استخدامه مما جعله يتسلل إليه ليلاً ويقتله. وهو لم يتزوج بعد.

3ــ ص 649.


نقلا عن المجلة العربية العدد 294
الكاتب محمد القشعمي

 

 

 

 

    

رد مع اقتباس