بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يشكو بعض الآباء والأمهات من فلذت الأكباد ، حينما يتصف البعض من أولئك الصغار بفرط الحركة أوالمشاكسة ، والتي قد تصل أحيانا لحد الإيذاء للقرناء أو الاتلاف للمتلكات ونحو ذلك .. ومما يزيد الأمر تعقيدا ، عندما لانفهم تركيبة الإنسان وتطور مراحلها وتحولاتها . إن الطفل الذي يعيش مراحله الأولية، يتعرض لكثير من المؤثرات، وتحدث لديه تغيرات متسارعة في التركيبات والتغيرات الجسدية (الفيسلوجية) والتغيرات النفسية (السيكلوجية) التي قد لانشعر بها أو نتجاهلها . فعندما يولد الطفل يطلق صرخته الأولى ، فلا نحسبها سوى الاعلان لقدوم الضيف الصغير ، وهي بالفعل كذلك إلا أنها تعتبر أمرًا حيويا ، حيث يتهيأ المولود في تلك اللحظة لدخول الأوكسجين إلى رئتيه بواسطة الجهاز التنفسي الجديد الخاص به ، بعد أن كان يتنفس بجهاز والدته عندما كان جنينا يعيش بين أحشائها .
إن الوصايا الطبية تؤكد لزاما على وجوب احتضان الأم لوليدها لحظة ولادته ، ويعتقد البعض أنها لحاجة جسدية فقط إما لمنح الدفء للطفل أو لحاجة الاشباع بالارضاع فقط ، والصحيح أنها أيضا للحاجة السيكولوجية لكليهما ، حيث تشعر الأم بالاطمئنان والراحة النفسية بأن مولودها سليم ، ويشعر المولود بأنه لازال قريبا من ذلك الموطن الذي عاش فيه لمدة تسعة أشهر . إذا عرفنا ذلك فالطفل حتما سيمر فيما بعد خلال طفولته بالعديد من المراحل المتلاحقة والمتسارعة أحيانا ، وحينها فيجب علينا جميعا بأن نفهم تلك التحولات والمراحل ، ونضبط إيقاعاتنا التربوية مع تلك النغمات المتغيرة .
إن الطفل منذ ولادته حتى إلى مابعد مراحل البلوغ ، بحاجة ماسة للتواصل معه بأساليب إيجابية ، ولايكفي أن يفهم ذلك الوالدان فقط ، بل جميع من يتعامل مع الطفل وبيئته يجب أن يتفهوا ذلك . ولعل من أنجع الأساليب هو الافساح التام للطفل لاكتشاف المحيط به ، وتحفيزه للتعبير عن ذاته وأفكاره ، ومسايرة تأملاته ! حتى وإن كانت تلك التعابير والأفكار لاتتوافق مع ما نؤمن به أو نعتقد صحته . وحينها فعلينا أن نقوم بدور المرشد والموجه بالأسلوب الأمثل ، وبالتأكيد فأسلوب التعنيف يعتبر من أخطر الوسائل الهدامة التي تفقد الطفل لشخصيته ، وتحرف مسارها صوب مالا تحمد عقباه إن عاجلا أو آجلا .
لا أستطيع كباحث غير متخصص ، تقرير ماهي الأساليب والوسائل المجدية في حل إشكالات فرط حركة الطفل ، ولكن ربما أستطيع تلمس بعض المظاهر التي اكتشفتها من قبيل الاطلاع والممارسة والمقارنة . وسنأخذ على سبيل المثال كبداية حركة " الجري في المنزل " حيث نشكو أحيانا من جري الطفل في المنزل ، وبخاصة عند مناداته فيأتي إلينا مهرولا بكامل سرعته ! ولانعرف أننا من خلق فيه تلك العادة أصلا ! فعندما يبدأ الطفل خطواته الأولى في المشي ، تجد البعض منا لاشعوريا يطلب منه أن يجري ، حيث نقف خلفه أو أمامه ونصفق له كلما زاد وقع خطواته ، وأعتقد أن تلك الحركة واحدة من الأساليب الخاطئة التي نعلمها للطفل ويتعود عليها فيما بعد ، وتكمن خطورة هذا الأمر أنه ربما تعرض للتعثر أو السقوط أو الاصطدام بالاشياء . والصحيح أن نعلمه الخطوات الأولى بالمشي ممسكين بيده رويدا رويدا ، ونقوم بتدريبه على اجتياز العوائق والعتبات بطريقة صحيحة .. إلى اللقاء مع حركة أخرى .