أطلق شاب سعودي فيلما وثائقيا قصيرا يرد فيه على تصريحات مسؤولين في السعودية أفادت بـ"محدودية الفقر واقتصاره في المناطق المعزولة".
وقام الشاب السعودي طراد الأسمري، الذي كان يمتهن العمل الإعلامي في السابق، بإعداد وإخراج فيلم وثائقي يحمل عنوان "راتبي ألف ريال"، وبثه عبر الإنترنت ليحاكي برؤية واضحة وبسيطة مشكلة الفقر من زاوية يجهلها الكثيرون.
وأحداث الفيلم تقدم معايشة حقيقية لحياة شاب سعودي يدعى أحمد، ويعمل بوظيفة حارس أمن في أحد المباني التجارية في مدينة جدة، وبراتب شهري يبلغ 1200 ريال سعودي، ويعول أسرة مكونة من 7 أشخاص، ويعمل لفترة زمنية لا تقل عن 12 ساعة يومياً، وذلك بحسب تقرير أعده الصحافي سلطان العوبثاني ونشرته صحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية الأحد 28-9-2008
ويبحث الفيلم كيفية قدرة أحمد على توفير السكن والغذاء والملبس والدواء، في حالة المرض، لعائلته عبر هذا الأجر الذي لا يكفي للطعام على مدى أيام الشهر فقط، كما يتضمن الفيلم عدم توفر ضمان اجتماعي أو صحي له، وكل ذلك يطرح تحت تساؤل مهم جداً، وهو: هل كل موظف خارج دائرة الفقر؟.
وقال الأسمري إن دافعه من إيجاز الفيلم جاء انطلاقا من "مسؤوليتي الإعلامية والاجتماعية تجاه وطني، بعد تصريح رئيس هيئة حقوق الإنسان في أغسطس/آب الماضي، والذي قلل فيه من حالة الفقر في السعودية، معتبرا أنها -بشكل عام- "محدودة ومنحصرة على الأغلب في المناطق المعزولة".
ويشار إلى أن مجلس الوزراء السعودي في جلسته الأخيرة (الاثنين الماضي)، رحب بتقرير مصلحة الإحصاءات العامة حول انخفاض معدل البطالة بين المواطنين الذين هم في الفئة العمرية من 15 عاما فأكثر بنسبة 1.4%، أي انخفاض المعدل العام من نسبته السابقة 11.2 إلى 9.8%.
وعلى الرغم من أن السعوديين المهتمين بملفات الفقر والبطالة يرون أن المشكلة لا تتمثل في عدم وجود وظائف بقدر ما هي تتلخص في مشكلة الحد الأدنى للأجور، إلا أن د. عبد الواحد الحميد نائب وزير العمل تحدث، في وقت سابق، عن عدم نية وزارته في توفير حد أدنى لأجور المواطنين العاملين في القطاع الخاص، والذين هم طرف معادلة المشكلة، وذلك حتى لا تتهم الوزارة من قبل منظمة العمل الدولية لهم بـ"التمييز".
ويرى الأسمري أن "الوزارات المعنية بمشاكل البطالة والفقر لا تزال تتعامل مع المشكلتين بجهل كبير لتفاصيلهما ومسبباتهما ومناطق الفقر وأشكاله، وطرق القضاء عليه، ومن هم الفقراء تحديدا، ولعلي من خلال هذا الفيلم أقدم رسالة صريحة وواضحة بأن الفقراء يعيشون في المدن أيضا، وبأعداد كبيرة، وليس كما ذكر معالي رئيس هيئة حقوق الإنسان".
يذكر أن العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز قام، قبل سنوات قليلة، بزيارة لعدد من الأحياء الفقيرة في الرياض، والتي تضمن الفيلم مشاهد منها، وقال حينها عبارته الشهيرة: "السمع ليس كالنظر، والمسؤولية تحتم تخطي المكاتب.. وإن مشكلة الفقر لن تحل ارتجالياً".