::: مـنتدى قبيلـة الـدواسـر الـرسمي ::: - عرض مشاركة واحدة - شاعر طالب الهولنديون بحضوره وتكريمه
عرض مشاركة واحدة
قديم 03-12-2006, 02:50 PM   #1
 
إحصائية العضو







بدران البدراني غير متصل

بدران البدراني is on a distinguished road


:r-r-2-: دوسري طالب الهولنديون بحضوره وتكريمه

الدندان شاعر طالب الهولنديون بحضوره وتكريمه
جزالة شعره أثارت غيرة شياطين الشعر !!

بقلم /خالد بن عبدالرحمن القويز
لطالما شكلت صحراء الجزيرة العربية عبر مر التاريخ مصدر الهام لشعراء البادية والحاضرة، وكثيراً ما قصدها الرحالة الغربيون وأقاموا بها لواحد من ثلاثة أسباب، الأول مجيئهم كمقدمة تسبق قدوم الحملات العسكرية والاستعمارية للجزيرة في القرن التاسع عشر والنصف الأول من القرن العشرين وتمهد الطريق أمامها وسرعان ما تقتفي تلك الحملات أثر أولئك المستكشفين، والفريق الثاني يأتي للقيام بعمليات إرسالية أو تنصيرية في المنطقة، والفريق الثالث وإن كانوا قلة فهم رحالة علميون قدموا لأجل عمل الأبحاث والاستكشافات وتقصي تاريخ القبائل التي سكنت الجزيرة العربية وفك رموز الشعر البدوي وألغازه والإطلالة من خلاله على ما اكتنف البادية الغامضة من حروب القبائل وغزواتها وتتبع أخبار أمرائها وفرسانها وشعرائها.
وإذا كان جون فيلبي الذي عرف فيما بعد بعبدالله فليبي واحداً من أهم الأوروبيين الذين عبروا جنوب الجزيرة العربية (1918م) ثم عاد مرة أخرى عام (1932م) ومر بقرية اللدام بوادي الدواسر ثم أتى من بعده بيرترام توماس ثم ويلفريد ثيسيغر الشهير (بمبارك ابن لندن) الذي عبر الربع الخالي في (1948م) ودون تفاصيل رحلته المليئة بالمغامرات مع مرافقيه سالم بن غبيشة وسالم بن كبينة في كتابيه الرمال العربية وعبور الرمال، حيث اتضح افتتان مبارك ابن لندن بسحر صحراء الجزيرة العربية بقوله: (لقد وجدت السلام الحقيقي مع روحي ونفسي بين تلك الفيافي، والكثبان الرملية في الصحراء) و(لقد عرفت فيها الأمن والأمان رغم الخوف، وتعلمت فيها كيف تكون غنياً رغم الفقر والبؤس) إنها عادات وتقاليد متوارثة، ومن يذق تلك اللذة يندفع لتكرارها. فإنه وبعد أربعين عاماً من تلك الزيارة، تجذب الرمال العربية رحالة آخر ولكنه مستكشف من نوع فريد وهو الدبلوماسي الهولندي مارسيل كوربر شوك المهتم بالقبائل والأشعار النبطية العربية ليعد بحثاً عن قبائل عتيبة وشمر والدواسر وتحديد مواقع الدخول وحومل الموضعين اللذين وردا في معلقة امرؤ القيس ضمنه كتابه الرائع (البدوي الأخير) الصادر عام (2002م) ويحكي شوك فيه عن حياة شاعر كبير وعن قصائده النارية التي أججت وأثارت مشاعر الناس في ازمنة مختلفة، عندما كانت الحروب بين القبائل لا تهدأ وتشتعل نارها لأصغر المسببات قبل أن يتغير الزمن، ويسكن غبار الغزوات وتستقر السيوف في أغمادها إثر توحيد المملكة.
شد شوك الرحال للبحث عن شاعر يجهله الكثير من الناس، كتب عنه الباحث الهولندي بصدق بعد أن استقصى عنه وذهب وأقام عنده أشهراً في وادي الدواسر بل وقصده في تسمية كتابه بالبدوي الأخير:
"محبوب عنيد قوي منعزل عن الناس لا يحب المجالس المملوءة بالناس ولا يكثر مخالطتهم والشعر وسيلته الوحيدة للتعامل معهم".
هكذا وصف الهولندي مارسيل كوبر شوك الشاعر عبدالله بن محمد بن خزيم من الحرارشة من الرجبان فخذ من قبيلة الدواسر الأصيلة العريقة والمعروف بالدندان هذا اللقب الذي لازمه منذ الصغر لدندنته بالشعر:
إن دندنوا قمت أنا ألعب لعب دنداني = وإن غطرفوا بالقوارع قمت أقديها
!
ولد الدندان في (اللدام) عام (1335ه) ونشأ وترعرع في البادية وعاش حياة بدوية صرفه ولم يتعلق بشيء من أسباب المدنية الحديثة بل ظل على بداوته النقية الصافية رافضاً أن ينجر وراءها.
الدندان هذا يعده الهولنديون واحداً من كبار الشعراء في صحراء السعودية وهو أكثر الذين كتب عنهم مارسيل كوربر شوك في "البدوي الأخير" وتأثر بهم، وأكثر الذين أحبهم وصادقهم في هذه الصحراء، وطبع له ديواناً كاملاً يحمل أشعاره وحكاياته وصوره، عاش الدندان أعزب متواضع الحال لا يملك سوى جماله الأربعة والعشرين وسمعته الشعرية العظيمة.
لم يتزوج شاعرنا أبداً، ولذلك قصة تبدو غريبة بعض الشيء وتدل على صدقه وحبه العفيف فقد ذكر انه أحب فتاة في شبابه وقال فيها من القصائد الغزلية الجميلة ثم تقدم بعد ذلك لخطبتها لكن أهلها رفضوا تزويجه إياه فعزف عن الزواج وهجر النساء والتغزل فيهن واستعاض عن ذلك التغزل بالناقة التي باتت معشوقته الوحيدة ومحبوبته الثانية والأخيرة.
ورغم قوة شعر الدندان خصوصاً في وصف الإبل فإنه لم يأخذ حقه من الشهرة التي يستحقها كما نالها غيره ممن لا يرتق إلى مستواه في نظم القصيدة وبناء جمالياتها وبلاغة مفرداتها ولعل هذا منشأه استقلاليته واعتزازه بنفسه يقول عنه شوك: "الدندن شخصية مستقلة وحر وكما تقولون جمع بين النبل والحرية وهو أيضاً لا يجامل رفض أن يتكسب بشعره ويمدح ولو مدح لكسب بشعره مبالغ طائلة فهو شاعر موهوب وكان بإمكانه أن يستغل موهبته في المديح".
وقد يستغرب القارئ الكريم أن شعر الدندان مشهور جداً في هولندا بل إن مهرجاناً دولياً أقيم في هولندا طالب فيه المنظمون بحضور الدندان وتكريمه.
شهرة الدندان هناك جعلت كاتبة بلجيكية تسرق من شعره الذي ترجم إلى الهولندية وضمنت قصتها شيئاً من شعره دون أن تشير إلى المصدر وتنبه المؤلف لذلك وأعلن في الإذاعة الهولندية أن هذه الكاتبة سرقت أبياتاً من شعر الدندان وقد حدثت ضجة حول هذا الأمر وخجلت الكاتبة من تصرفها.

أقام مارسيل كوبر شوك أكثر من شهرين بصحبة الدندان في (اللدام) بوادي الدواسر رغم تواضع حالته المادية والمعيشية وأصبح حديث الناس هناك وأكثروا من ترديد الهولندي والدندان!
زيارته الأولى للوادي وللدندان كانت في عام (1989م) ثم التقى الدندان مرة أخرى بعد أربع سنوات فوجد نياقه قد ماتت جميعاً بمرض الهيام عدا ثلاث أو خمس نياق. ذكر الدندان وهو المشهو له بصدق الرواية انه كان ذات يوم عند جبل جنيّح في منطقة يقال لها السرة وكان متجهاً شمالاً فقابله على حد روايته سبعة عشر جنياً متجهين جنوباً وقالوا له سبعة عشر بيتاً كل واحد منهم ينشد بيتاً حتى تكونت قصيدة كاملة لا يتذكر منها سوى بيتين هما:
هجننا من قطعهن الهوج عوج =من مطاواها تهاتيخ الرياد
كن مدارعها ملحات الفنود =يوم توطا في رقاريق الحماد
كما يذكر أن الجن خرجت عليه ونهته عن قول الشعر، ويعلق متذوقو شعره على هذه الحادثة بأنه لعل شياطين الشعر غارت من جزالة شعره وجودة قصائده فنهته عن نظم الشعر ومن شعر الحكمة لديه:
الإنسان لو يشك ما جا بما جيب =يذكر وليه في الليالي المقاديم
ويصبر على ما جا من الله لياصيب =ويقنع بحكم الله ويرضى المقاسيم
ومن قصائده في الإبل:
يانديبي فوق عماني =نضو يرعى به الدنداني
ياطا بفجوج الحزماني =ما ينذاد الا باللاحي
نضو عجل لا من درهم =مثل الجني لا من أرهم
لا لا حبله يوم استبرم= كان اللي فوقه قد طاحي
حاول شوك أن ينقل في بحثه تفاصيل الحياة اليومية التي عاشها هناك، وكيف تأقلم معهم وكيف كانوا معه كرماء جدا مثل طبعهم دائما مع اي ضيف يقول: "وفي نهاية رحلتي كانت المملكة العربية السعودية قد فقدت قطيعا واحدا على الأقل من قطعانها، ذبحت خرافه على شرفي، وحتى يومنا هذا لا استطيع النظر الى خروف في الحقل دون شعور بالذنب نحو فصيلة الأغنام برمتها".
يقول شوك مؤلف البدوي الأخير الذي باع آلاف النسخ من كتابه عن الدندان الصادر باللغتين الهولندية والانجليزية في صاحب البيت الشهير من قصيدته المثيرة للجدل:
أنا وين أدور لي مع ذا اللسان لسان =يعاون لساني لا يبين الخلل فيه
"في أوروبا كنت نقلت الأشرطة التي سجلت عليها القصائد كلمة كلمة فانطبع في السنوات التالية صوت الدندان في ذاكرتي من خلال سماعة الأذن، اللثغة الطفيفة، مسحة الحزن، ولكن أولاً وقبل كل شيء اتقانه هذا الفن الذي يأتيه مطواعا بلا مجهود منه، كتبت قصائده وترجمتها الى الانجليزية، وأرفقتها بمدخل وقاموس بالمفردات، اسم الدندان بأحرف من ذهب على الغلاف الخمري مكسوا بغطاء صقيل مع تصميم شرقي أنيق، يضيفان معا ما يناسبه من مظهر متميز وأنيق من الخارج" ويضيف: "الجميع أكد أن الدندان اعظم شاعر غرد في وصف الجمل بين طريف شمالا ونجران جنوبا!".


الرابط الموضوع في جريدة الرياض
http://www.alriyadh.com/2006/12/03/article206048.html

 

 

 

 

    

رد مع اقتباس