::: مـنتدى قبيلـة الـدواسـر الـرسمي ::: - عرض مشاركة واحدة - ثالث نهار العيد .. مرثية
عرض مشاركة واحدة
قديم 30-03-2006, 02:32 AM   #1
 
إحصائية العضو







محمد المهنا غير متصل

محمد المهنا is on a distinguished road


افتراضي ثالث نهار العيد .. مرثية

مرثيتي .. حزني الأقدم .. الأحدث ..
لم أعرف حزناً .. أكثر سطوة منه .. لم أفقد أغلى مما فقدت ..
رجل .. ذهب ولم يكن بحاجة إلى أن أكون معه .. هناك لقيتني .. أبحث عمن يسعفني وأنا الشاب المتألق حيويةً .. المتغطرس بشبابه ..
انكسر الشاب .. وانهدم عنفوانه ..
المكان : أطهر بقاع الدنيا .. مكة المكرمة ..
التوقيت : حج عام 1423هـ ..
الراحل : والدي .. الرجل الذي حار بين أن يصبح ... رجلاً راشداً حكيماً .. أو .. شيخاً وقوراً زاهداً .. فجمع الصفات .. واشترى الاخرة .. ولم ينس حظه في الحياة ..
ذهبت معه لأداء فريضة الحج .. تلك المرة الأولى لشاب مثلي .. أما هو "رحمه الله" فهي الثالثة .. يتنقل بين المشاعر .. صاحب الـ 61 عاماً .. كأفضل مايفعله ابن العشرين .. أتم جميع مناسكه .. عدا رمي الجمرات .. (أوكلني في ذلك) .. وعندما هممنا بالعودة إلى الديار .. في ثالث ايام العيد 12/12/1423هـ .. سمعه الجميع ينادي لصلاة الفجر .. أيقض الجميع للصلاة .. وصلى معنا .. صلاته الأخيرة .. بعد الصلاة .. سقط الجبل .. وسقطنا سوياً .. نسنده بين الأكتاف .. وصلت به في الساعه السادسه صباحاً .. إلى مستشفى (علوي التونسي بالعزيزية) .. حتى في نزوله من سيارةالاسعاف .. يرفض مساعدة أحد !! .. ويخبر الطبيب عما يشعر .. ويتركني انتحب خوفاً .. وادعو وجلاً .. ولم يخبرني أنه مودع ..
حفظت وصاياه وهو يستند علي قبل نقله للمستشفى .. عجباً .. من يوصي وهو متكئٌ تملؤ الابتسامة وجهه !! ..
أخبرني الطبيب أنه اشتباه بانسداد بالشريان الأورطي .. ثم اخبرني مذهولا انه حدث معه منذ ايام .. (ومن يتحمل ذلك سوى رجل قد انعم الله عليه) ..
اخرجني الطبيب واعوانه عنوة من غرفةالعناية المركزة .. ورجوت الممرضة ان تجعلني اراه لثانية فقط .. رأيته نائماً ..
v
v
v
v
v
v
v
v
ثم عدت بعد اربع ساعات .. لأراه نائماً .. نومته الهنيئة .. مبتسماً .. وطبيبه يخبرني النبأ .. وهو يبكي .. يقول : أبوك كيف كان عايش ؟ .. فلا أزيد إلّا أن قلت : مات يادكتور ؟ .. الحمد لله .. يعاود الدكتور نطق الكلمة .. (البقاء لله) .. ولا أزيد على أن اقول : الحمد لله .. كررتها مراراً ... ثم ذهبت امشي الى لا أعلم لانهي اجراءات الدفن والتبليغ ..
v
v
v
لحظة : أخبرني الطبيب شيئاً .. (لم يزل والدي يقرأ القرآن .. عن ظهر غيب .. كما لو يقرأه الرجل الصحيح ثم في لحظات انعاشه .. لفظ الشهادة مبتسماً .. أكثر مرة ) ..
v
ذلك ما اخبرني به الطبيب .. أما مارأيته أنا .. فهو الابتسامة التي خيّل إلي أنها زادت حين قلبه الرجل الذي اعانني على تغسيله .. هل خيّل إلي ؟ ... لا أعلم !!

كل ذلك كان صحيحاً .. والله يشهد على ذلك .. ولا احد يلومني على اطالتي واسهابي .. فأنا فخورٌ بما قدمه لنا أبي من حسن خاتمة نتباهى بها امام الناس .. ونرويها لهم بحجة العبرة من قصته .. وانما هي (رياءٌ صريح) ... ( وليس الفتى من قال كان ابي ) ..

تمت الصلاة عليه .. فجر يوم الجمعه .. في المسجد الحرام .. ودفن في مقبرة المعلاة في مكة المكرمة ..

المرثية :

يالله يالمعبود يامنشي الكون = بامرك يسير الكون ذرة وذرة
عالم خفايا السر لو كان مكنون = ومايعلن المخلوق واللي يسره
ياناصرٍ موسى على جند فرعون = ورافع عنا أيوب كاشف لضره
تغفر لعبدٍ بالمعلاة مدفون = عند الحرم والبيت تعلم مقره
عد المطر واعداد ناسٍ يلبون = وعد الهوا لادار وسط المجرة
وعسى حمام البيت حوله يحومون = وفوقه قراح المزن عذبٍ تدره
ونبت الخزامى فوق قبره يقومون = والفل والريحان في مستقره
سنة ثلاثة مات من عقب عشرون = واربعمية والالف ماغير مره
ثالث نهار العيد راحو يطوفون = وعلى فراش الموت يقرا سوره
وصاني ارمي عنه لاجو يرمون = ومالي فضل لو مت في درب بِره
استغفر الله كان للروح يشرون = لاشري لبوي الروح في كل مره
لو ان شرع الموت في ابوي من دون = باقي البشر لاشب واطغى بحره
واشق وابعج لو يقولون مجنون = حتاي اذوق الموت واشوف شره
لكن ربي جاعل الموت مسنون = نامن بحكمه والنواصي تحرا
آمنت بالله ، حق، والموت بيكون = مهما يعيش العبد غصبٍ يمره
وسط الحشا زفرات ونات وشجون = وريح الحزن والهم بي مستمره
ربه ختم له خير والناس يثنون = ومن صر له صره يجازى بصره
يارب قبره مجمع انهار وعيون = واسألك ياربي نعيمٍ يسره
والفلك ساير بالبشر لين يفنون = مثل الرحى تطحن دقيقه وبره
وسلامة روسكم .. ورحم الله شايبي والمسلين أجمعين ..

أخوكم / محمد المهنا .....

 

 

 

 

 

 

التوقيع

    

رد مع اقتباس