الصحابي الجليل علي ابن ابي طالب رضي الله عنه
هو الإمام إذا عُـد الأئمـة
...هو البطل إذا عُـدّ الأبطال هو الشجاع المِقـدام هو البطل الهُـمـام هو الشهيد الذي قُتِل غدراً ، ولو أراد قاتله قتله مواجهته ما استطاع . ولكن عادة الجبناء الطعن في الظهر ! فليتها إذ فَدَتْ عمراً بخارجةٍ = فَدَتْ علياً بمن شاءت من البشر فـمـن هــو ؟ هو أمير المؤمنين الإمام الكريم : علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشي الهاشمي ، أبو الحسن . رضي الله عنه وأرضاه . كُنيته : أبو الحسن . وكنّاه النبي صلى الله عليه وسلم : أبا تراب ، وسيأتي الكلام على سبب ذلك . مولده : وُلِد قبل البعثة بعشر سنين . وتربّى في حجر النبي صلى الله عليه وسلم ولم يُفارقه . فضائله : فضائله جمّـة لا تُحصى ومناقبه كثيرة حتى قال الإمام أحمد : لم ينقل لأحد من الصحابة ما نقل لعلي . وقال غيره : وكان سبب ذلك بغض بني أمية له ، فكان كل من كان عنده علم من شيء من مناقبه من الصحابة يُثبته ، وكلما أرادوا إخماده وهددوا من حدّث بمناقبه لا يزداد إلا انتشارا . ومن هنا قال الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية : باب ذِكر شيء من فضائل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه . ثم أطال رحمه الله في ذكر فضائل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، قال : فمن ذلك أنه أقرب العشرة المشهود لهم بالجنة نسبا من رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال الحافظ ابن حجر : وقد ولّـد له الرافضة مناقب موضوعة ، هو غنى عنها . قال : وتتبع النسائي ما خُصّ به من دون الصحابة ، فجمع من ذلك شيئا كثيراً بأسانيد أكثرها جياد . وكتاب الإمام النسائي هو " خصائص عليّ رضي الله عنه " . وهذا يدلّ على محبة أهل السنة لعلي رضي الله عنه . وأهل السنة يعتقدون محبة علي رضي الله عنه دين وإيمان . قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : حُبُّ الصَّحابَةِ كُلُّهُمْ لي مَذْهَبٌ = وَمَوَدَّةُ القُرْبى بِها أَتَوَسّل من فضائله رضي الله عنه : أول الصبيان إسلاماً . أسلم وهو صبي ، وقُتِل في الإسلام وهو كهل . قال عليه الصلاة والسلام لعلي رضي الله عنه يوم غدير خم : ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم ؟ قالوا : بلى . قال : اللهم من كنت مولاه فعليّ مولاه . اللهم والِ من والاه ، وعاد من عاد . رواه الإمام أحمد وغيره . وروى الإمام مسلم في فضائل علي رضي الله عنه قوله رضي الله عنه : والذي فلق الحبة ، وبرأ النَّسَمَة إنه لعهد النبي الأمي صلى الله عليه وسلم إليّ أن لا يحبني إلا مؤمن ، ولا يبغضني إلا منافق . وروى عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أنه قال في حق عليّ رضي الله عنه : ما ذكرت ثلاثا قالهن له رسول الله صلى الله عليه وسلم فلن أسبّه ؛ لأن تكون لي واحدة منهن أحب إليّ من حمر النعم . سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول له ، خَلّفه في بعض مغازيه فقال له عليّ : يا رسول الله خلفتني مع النساء والصبيان ؟! فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى ، إلا انه لا نبوة بعدي ؟ وسمعته يقول يوم خيبر : لأعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله ، ويحبه الله ورسوله . قال : فتطاولنا لها فقال : ادعوا لي علياً . فأُتي به أرمد ، فبصق في عينه ودفع الراية إليه ، ففتح الله عليه . ولما نزلت هذه الآية : ( فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ ) دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا وفاطمة وحسنا وحسينا ، فقال : اللهم هؤلاء أهلي . روى عليّ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم كثيراً . شهد المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا غزوة تبوك ، فقال له بسبب تأخيره له بالمدينة : ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى ،إلا أنه لا نبي بعدي . وهذا كان يوم تبوك خلفه النبي صلى الله عليه وسلم على المدينة ، وموسى خلف هارون على قومه لما ذهب موسى لميعاد ربه . وهو بَدري من أهل بدر ، وأهل بدر قد غفر الله لهم . وشهد بيعة الرضوان . وهو من العشرة المبشرين بالجنة . وهو من الخلفاء الراشدين المهديين فرضي الله عنه وأرضاه . وهو زوج فاطمة البتول رضي الله عنها ، سيدة نساء العالمين . وهو أبو السبطين الحسن والحسين ، سيدا شباب أهل الجنة . قال صلى الله عليه وسلم : الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ، وأبوهما خير منهما . رواه ابن ماجه ، وصححه الألباني . وكان علي رضي الله عنه أحد الشورى الذين نص عليهم عمر ، فعرضها عليه عبد الرحمن بن عوف وشرط عليه شروطا امتنع من بعضها ، فعدل عنه إلى عثمان ، فقبلها فولاه ، وسلم عليّ وبايع عثمان . ولم يزل عليّ رضي الله عنه بعد النبي صلى الله عليه وسلم متصديا لنصر العلم والفتيا . من خصائص عليّ رضي الله عنه : ما رواه البخاري ومسلم عن سهل بن سعد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم خيبر : لأعطين هذه الراية رجلاً يفتح الله علي يديه ، يحبّ الله ورسوله ، ويحبه الله ورسوله . قال : فَباتَ الناس يدوكون ليلتهم أيهم يعطاها . قال : فلما أصبح الناس غدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم يرجون أن يعطاها ، فقال : أين علي بن أبي طالب ؟ فقالوا : هو يا رسول الله يشتكى عينيه . قال : فأرسلوا إليه . فأُتيَ به ، فبصق رسول الله صلى الله عليه وسلم في عينيه ودعا لـه فبرأ حتى كأن لم يكن به وجع فأعطاه الراية . ولذا قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : ما أحببت الإمارة إلا يومئذ . كما عند مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه . لا لأجل الإمارة ، ولكن لأجل هذه المنزلـة العالية الرفيعة " يحبّ الله ورسوله ويُحبُّـه الله ورسوله " اشتهر عليّ رضي الله عنه بالفروسية والشجاعة والإقدام . وكان اللواء بيد علي رضي الله عنه في أكثر المشاهد . بارز عليٌّ رضي الله عنه شيبة بن ربيعة فقتله عليّ رضي الله عنه ، وذلك يوم بدر . وكان أبو ذر رضي الله عنه يُقسم قسما إن هذه الآية ( هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ) نزلت في الذين برزوا يوم بدر ؛ حمزة وعلي وعبيدة بن الحارث ، وعتبة وشيبة ابني ربيعة والوليد بن عتبة . رواه البخاري ومسلم . وفي اُحد قام طلحة بن عثمان صاحب لواء المشركين فقال : يا معشر أصحاب محمد إنكم تزعمون أن الله يعجلنا بسيوفكم إلى النار ، ويعجلكم بسيوفنا إلى الجنة ، فهل منكم أحد يعجله الله بسيفي إلى الجنة أو يعجلني بسيفه إلى النار ؟! فقام إليه علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال : والذي نفسي بيده لا أفارقك حتى يعجلك الله بسيفي إلى النار ، أو يعجلني بسيفك إلى الجنة ، فضربه عليّ فقطع رجله فسقط فانكشفت عورته فقال : أنشدك الله والرحم يا ابن عمّ . فكبر رسول الله وقال أصحاب عليّ لعلي : ما منعك أن تُجهز عليه ؟ قال : إن ابن عمي ناشدني حين انكشفت عورته ، فاستحييت منه . وبارز مَرْحَب اليهودي يوم خيبر فخرج مرحب يخطر بسيفه فقال : قد علمت خيبر أني مرحب = شاكي السلاح بطل مجرب إذا الحروب أقبلت تلهب فقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : أنا الذي سمتني أمي حيدرة = كليث غابات كريه المنظرة أوفيهم بالصاع كيل السندرة ففلق رأس مرحب بالسيف ، وكان الفتح على يديه . وعند الإمام أحمد من حديث بُريدة رضي الله عنه : فاختلف هو وعليٌّ ضربتين ، فضربه على هامته حتى عض السيف منه بيضة رأسه ، وسمع أهل العسكر صوت ضربته . قال : وما تتامّ آخر الناس مع عليّ حتى فتح له ولهم . ومما يدلّ على شجاعته رضي الله عنه أنه نام مكان النبي صلى الله عليه وسلم لما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم الهجرة . ومع شجاعته هذه فهو القائل : كُنا إذا احمرّ البأس ، ولقي القوم القوم ، اتقينا برسول الله صلى الله عليه وسلم ، فما يكون منا أحد أدنى من القوم منه . رواه الإمام أحمد وغيره . فما أحد أشجع من رسول الله صلى الله عليه وسلم . ومن فضائله رضي الله عنه : اجتمع له من الفضائل الجمّـة ما لم يجتمع لغيره . فمن ذلك ما أخرجه ابن عساكر أن علياً رضي الله عنه قال : محمد النبي أخي وصهري = وحمزة سيد الشهداء عمي وجعفر الذي يمسي ويضحى = يطير مع الملائكة ابن أمي وبنت محمد سكني وعرسي = مَسُوطٌ لحمها بدمي ولحمي وسبطا أحمد ولداي منها = فأيكم له سهم كسهمي ؟ من كريم خُلقه : أنه جاءه رجل فقال : يا أمير المؤمنين إن لي إليك حاجة فرفعتها إلى الله قبل أن أرفعها إليك ، فإن أنت قضيتها حمدت الله وشكرتك ، وإن أنت لم تقضها حمدت الله وعذرتك ، فقال عليّ : اكتب حاجتك على الأرض ، فإني أكره أن أرى ذل السؤال في وجهك . تواضعه رضي الله عنه : قال عليّ رضي الله عنه : لا أوتي برجل فضلني على أبي بكر وعمر ، إلا جلدته حد المفتري . وقال محمد بن الحنفية : قلت لأبي : أي الناس خير بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : أبو بكر . قلت : ثم من ؟ قال : ثم عمر . وخشيت أن يقول عثمان . قلت : ثم أنت ؟ قال : ما أنا إلا رجل من المسلمين . رواه البخاري . ابتلاؤه رضي الله عنه : ابتُلي رضي الله عنه من قبل أقوام ادّعوا محبّـته ، فقد ادّعى أقوام من الزنادقة أن علياً رضي الله عنه هو الله ! فقالوا : أنت ربنا ! فاغتاظ عليهم ، وأمر بهم فحرّقوا بالنار ، فزادهم ذلك فتنة وقالوا : الآن تيقنا أنك ربنا ! إذ لا يعذب بالنار إلا الله . وقال رضي الله عنه : يهلك فيّ اثنان ؛ محب يُقرّظني بما ليس فيّ ، ومبغض يحمله شنآني على أن يبهتني ، ألا إني لست بنبي ولا يوحى إليّ ، ولكني أعمل بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ما استطعت ، فما أمرتكم من طاعة الله فحقّ عليكم طاعتي فيما أحببتم وكرهتم . حرق الشيعه : وقد قيل لعلي رضي الله عنه : إن هنا قوماً على باب المسجد يدّعون أنك ربهم ، فدعاهم ، فقال لهم : ويلكم ما تقولون ؟ قالوا : أنت ربنا وخالقنا ورازقنا ! فقال : ويلكم إنما أنا عبدٌ مثلكم ؛ أكل الطعام كما تأكلون ، وأشرب كما تشربون ، إن أطعت الله أثابني إن شاء ، وإن عصيته خشيت أن يعذبني ، فاتقوا الله وأرجعوا ، فأبوا ، فلما كان الغد غدوا عليه ، فجاء قنبر فقال : قد والله رجعوا يقولون ذلك الكلام ، فقال : أدخلهم ، فقالوا : كذلك ، فلما كان الثالث قال : لئن قلتم ذلك لأقتلنكم بأخبث قتلة ، فأبوا إلا ذلك ، فقال : يا قنبر ائتني بفعلة معهم ، فخدّ لهم أخدوداً بين باب المسجد والقصر . وقال : احفروا فابعدوا في الأرض ، وجاء بالحطب فطرحه بالنار في الأخدود وقال : إني طارحكم فيها أو ترجعوا ، فأبوا أن يرجعوا ، فقذف بهم فيها حتى إذا احترقوا قال رضي الله عنه : لما رأيت الأمر أمراً منكراً *** أوقدت ناري ودعوت قنبرا . قال الحافظ في الفتح : وهذا سند حسن . وأوذي ممن ادّعوا محبته ، بل ممن ادّعوا أنهم شيعته ! والذي قتل علياً رضي الله عنه ، وهو الشقي التعيس ( ابن ملجَم ) كان مِن شيعة عليّ ! ولذلك كان علي رضي الله عنه يقول في آخر حياته : أشكو إلى الله عجري وبجري . وقال رضي الله عنه في أهل الكوفة : اللهم إني قد مللتهم وملوني ، وأبغضتهم وأبغضوني ، وحملوني على غير طبيعتي وخلقي ، وأخلاق لم تكن تعرف لي . اللهم فأبدلني بهم خيراً منهم ، وأبدلهم بي شراً مني . اللهم أمِتْ قلوبهم موت الملح في الماء . والكوفة هي موطن الشيعة الذين كانوا يدّعون محبته ! كلام جميل للحسن بن علي رضي الله عنهما : لما حضرت الحسن بن على الوفاة قال للحسين : يا أخي إن أبانا رحمه الله تعالى لما قُبض رسول الله استشرف لهذا الأمر ورجا أن يكون صاحبه ، فصرفه الله عنه ، ووليها أبو بكر ، فلما حضرت أبا بكر الوفاة تشوّف لها أيضا فصُرفت عنه إلى عمر ، فلما احتضر عمر جعلها شورى بين ستة هو أحدهم ، فلم يشك أنها لا تعدوه فصُرفت عنه إلى عثمان ، فلما هلك عثمان بويع ثم نُوزع حتى جرّد السيف وطلبها فما صفا له شيء منها ، وإني والله ما أرى أن يجمع الله فينا أهل البيت النبوة والخلافة ، فلا أعرفن ما استخفك سفهاء أهل الكوفه فأخرجوك . إنصـافــه رضي الله عنه : وكان علي رضي الله عنه من أكثر الناس إنصافاً لخصومه . فقد رأى عليٌّ رضي الله عنه طلحة رضي الله عنه في واد مُلقى ، فنزل فمسح التراب عن وجهه وقال : عزيز عليّ أبا محمد بأن أراك مجدلا في الأودية تحت نجوم السماء . إلى الله أشكو عجري وبجري . يعني : سرائري وأحزاني التي تموج في جوفي . وقال طلحة بن مصرف انتهى علي رضي الله عنه إلى طلحة رضي الله عنه وقد مات ، فنزل عن دابته وأجلسه ، ومسح الغبار عن وجهه ولحيته ، وهو يترحم عليه ، وقال : ليتني مت قبل هذا اليوم بعشرين سنة . وكان يقول : أني لأرجو أن أكون أنا وطلحة والزبير ممن قال الله عز وجل : ( وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ ) رواه ابن أبي شيبة والبيهقي . ولما سُئل عـن أهـل النهروان [ من الخوارج ] أمشركون هـم ؟ قال : من الشرك فـرُّوا . قيل: أفمنافقون ؟ قال : إن المنافقين لا يذكرون الله إلا قليلا . فقيل : فما هم يا أمير المؤمنين ؟ قال : إخواننا بَغَوا علينـا ، فقاتلناهم ببغيهم علينا . رواه ابن أبي شيبة والبيهقي . علي رضي الله عنه والحِكمـة : كان علي رضي الله عنه واعظاً بليغاً مؤثراً ، وخطيباً مُصقعـاً ، وكان ينطق بالحِكمة . ولذلك عقد ابن كثير رحمه الله فصلا في البداية والنهاية فقال : فصل في ذكر شيء من سيرته العادلة ، وطريقته الفاضلة ، ومواعظه وقضاياه الفاصلة ، وخُطبه وحِكَمِهِ التي هي إلى القلوب واصلة . ثم ساق تحت هذا الفصل طرفا من حِكم عليّ رضي الله عنه ومواعظه . علي رضي الله عنه والشِّعـر : وكان علي رضي الله عنه شاعراً مُجيداً ، وقد اتّسم شعره بالحكمة . ومن شِعره : إذا اشتملت على اليأس القلوب = وضاق بما به الصدر الرحيب وأوطَنِت المكاره واطمأنت = وأرست في أماكنها الخطوب ولم تر لانكشاف الضرّ وجهاً = ولا أغنى بحيلته الأريب أتاك على قنوط منك غوث = يمن به القريب المستجيب وكل الحادثات إذا تناهت = فموصول بها الفرج القريب ومِن شِعره : فلا تصحب أخا الجهل = وإيـــاك وإيـــاهُ فكم من جاهل أردى = حليما حين آخاهُ يقاس المرء بالمرء = إذا ما المرء ما شاهُ وللشيء على الشيء = مقاييس وأشباه وللقلب على القلب = دليل حين يلقاه وقوله رضي الله عنه : حقيق بالتواضع من يموت = ويكفى المرء من دنياه قوت فما للمرء يصبح ذا هموم = وحرص ليس تدركه النعوت صنيع ُمَلِيكِنا حَسَنٌ جميل = وما أرزاقه عنّـا تفوت فيا هذا سترحل عن قليل = إلى قوم كلامهم السكوت زوجاته رضي الله عنه : - سيدة نساء العالمين فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنها . وولدت له الحسن والحسين ، ويُقال : ومُحسناً ، ويُقال : مات وهو صغير . وولدت له من البنات : زينب الكبرى ، وأم كلثوم الكبرى ، وهي التي تزوجها عمر رضي الله عنه . ولم يتزوّج علي رضي الله عنه على فاطمة رضي الله عنها حتى ماتت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بستة أشهر . ومن زوجاته : - أم البنين بنت حزام . وولدت له العباس وجعفراً وعبد الله وعثمان ، وقد قُتل هؤلاء مع أخيهم الحسين بكر بلاء ولا عقب لهم سوى العباس . ومنهن : - ليلى بنت مسعود بن خالد بن مالك من بني تميم ، فولدت له عبيد الله وأبا بكر . قال هشام بن الكلبي : وقد قتلا بكربلاء أيضا . ومنهن : - أسماء بنت عميس الخثعمية فولدت له يحيى ومحمداً الاصغر ، قاله الكلبي ، وقال الواقدي : ولدت له يحيى وعوناً . قال الواقدي : فأما محمد الأصغر فمن أم ولد . ومنهن : - أم حبيبة بنت زمعة بن بحر بن العبد بن علقمة ، وهي أم ولد من السبي الذين سباهم خالد من بني تغلب حين أغار على عين التمر ، فولدت له عمر وقد عُمِّر خمسا وثمانين سنة ، ورقية . ومنهن : - أم سعيد بنت عروة بن مسعود بن مغيث بن مالك الثقفي ، فولدت له أم الحسن ، ورملة الكبرى . ومنهن : - ابنة امرئ القيس بن عدي بن أوس الكلبية ، فولدت له جارية ، فكانت تخرج مع علي إلى المسجد وهي صغيرة ، فيُقال لها : من أخوالك ؟ فتقول : وه وه ! تعني بني كلب . ومنهن : أمامه بنت أبي العاص بن الربيع بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي ، وأمها زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهي التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحملها وهو في الصلاة إذا قام حملها ، وإذا سجد وضعها ، فولدت له محمداً الأوسط . وأما ابنه محمد الأكبر فهو ابن الحنفية وهي : - خولة بنت جعفر بن قيس ، من بني حنيفة ، سباها خالد أيام الصديق أيام الردة من بني حنيفة ، فصارت لعلي بن أبي طالب ، فولدت له محمداً هذا ، ومن الشيعة من يدّعي فيه الإمامة والعصمة ، وقد كان من سادات المسلمين ولكن ليس بمعصوم ، ولا أبوه معصوم ، بل ولا من هو أفضل من أبيه من الخلفاء الراشدين قبله ليسوا بواجبي العصمة ، كما هو مقرر في موضعه والله اعلم . قاله ابن كثير في البداية والنهاية . وقال أيضا : وقد كان لعلى أولاد كثيرة آخرون من أمهات أولاد شتى ، فإنه مات عن أربع نسوة وتسع عشرة سُرِّية رضى الله عنه ، فمن أولاده رضي الله عنهم مما لا يعرف أسماء أمهاتهم أم هانئ وميمونة وزينب الصغرى ورملة الكبرى وأم كلثوم الصغرى وفاطمة وأمامة وخديجة وأم الكرام وأم جعفر وأم سلمة وجمانة . اهـ . سبب تكنيته بأبي تراب : كنّاه رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبي تُراب . روى البخاري ومسلم عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال : استُعمل على المدينة رجل من آل مروان ، فدعا سهل بن سعد فأمره أن يشتم علياً . فأبى سهل . فقال له : أما إذ أبيت فقل : لعن الله أبا التراب ! فقال سهل : ما كان لعليّ اسم أحب إليه من أبي التراب ، وإن كان ليفرح إذا دُعي بها . فقال له : أخبرنا عن قصته لم سُمي أبا تراب ؟ قال : جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بيت فاطمة ، فلم يجد علياً في البيت ، فقال : أين ابن عمك ؟ فقالت : كان بيني وبينه شيء فغاضبني فخرج ، فلم يَقِلْ عندي . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لإنسان : أنظر أين هو ؟ فجاء فقال : يا رسول الله هو في المسجد راقد . فجاءه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مضطجع ، قد سقط رداؤه عن شقه ، فأصابه تراب ، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسحه عنه ويقول : قم أبا التراب . قم أبا التراب . وفي هذا الحديث رد على الرافضة الذين يقولون : إن الله غضب على أبي بكر عندما أغضب فاطمة ويستدلون بحديث : فاطمة بضعة مني فمن أغضبها أغضبني . رواه البخاري . وسبب ورود هذا الحديث ما رواه البخاري ومسلم عن المسور بن مخرمة رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر وهو يقول : إن بني هشام بن المغيرة استأذنوني أن يُنكحوا ابنتهم علي بن أبي طالب ، فلا آذن لهم ، ثم لا آذن لهم ، ثم لا آذن لهم ، إلا أن يُحب ابن أبي طالب أن يُطلق ابنتي وينكح ابنتهم ، فإنما ابنتي بضعة مني يريبني ما رابها ، ويؤذيني ما آذاها . وفي رواية في الصحيحين أن علي بن أبي طالب خطب بنت أبي جهل على فاطمة قال : فسمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يخطب الناس في ذلك على منبره هذا وأنا يومئذ محتلم فقال : إن فاطمة مني وأني أتخوف أن تفتن في دينها . قال : ثم ذكر صهرا له من بني عبد شمس فأثنى عليه في مصاهرته إياه فأحسن . قال : حدثني فصدقني ووعدني فأوفي لي ، وأني لست احرم حلالا ولا أحل حراما ، ولكن والله لا تجتمع بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وبنت عدو الله مكانا واحدا أبدا . فتبيّن أن المقصود بإغضاب فاطمة رضي الله عنها ما كان بحق ، أو ما كان عن طريق الزواج عليها قال ابن حجر رحمه الله : والسبب فيه ما تقدم في المناقب أنها كانت أصيبت بأمها ثم بأخواتها واحدة بعد واحدة ، فلم يبق لها من تستأنس به ممن يخفف عليها الأمر ممن تفضي إليه بسرها إذا حصلت لها الغيرة . مما لم يصحّ فيما ذُكر في سيرته رضي الله عنه مما اشتهر : حديث : أنا مدينة العلم ، وعليّ بابها . فإنه حديث موضوع . ومثله حبس الشمس لعليّ رضي الله عنه . فإنه خبر موضوع مكذوب . ومثل ذلك حديث : النظر إلى عليّ عبادة ! وقصة اقتلاع باب حصن خيبر ، ومقاتلته بالباب ، وأنه اجتمع عليه بعد ذلك سبعون رجلاً فما استطاعوا إعادته . فهذا الخبر لا يصح ولا يثبت . وحديث الطير ، أن النبي صلى الله عليه وسلم أُتي بطير فقال : اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي هذا الطير . وهو حديث ضعيف . وأنه رضي الله عنه تصدّق بخاتمه وهو راكع ! وتزعم الرافضة أن الله أحيا أبا طالب فأسلم ، ثم أماته ! وكل ذلك من الغلو في حق أمير المؤمنين الذي لا يرضاه رضي الله عنه . ويكفي عليّ رضي الله عنه ما ثبت مِن سيرته ، وما صحّ من خصائصه . قُتِل رضي الله عنه في ليلة السابع عشر من شهر رمضان سنة أربعين من الهجرة . قَتَلَه عبد الرحمن بن مُلجَم المرادي قال ابن حجر في ترجمة ابن ملجم : من كبار الخوارج ، وهو أشقى هذه الأمة بالنص الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم بقتل علي بن أبي طالب ، فقتله أولاد عليّ ، وذلك في شهر رمضان سنة أربع وأربعين . قال النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلى رضى الله عنه : أشقى الناس الذي عقر الناقة ، والذي يضربك على هذا - ووضع يده على رأسه - حتى يخضب هذه يعنى لحيته . رواه الإمام أحمد وغيره ، وصححه الألباني . وكانت مدة خلافته خمس سنين إلا ثلاثة أشهر ونصف شهر . فرضي الله عن أمير المؤمنين الإمام الشهيد علي بن أبي طالب وأرضاه . وجمعنا به في دار كرامته . اللهم ارض عن أبي الحسن وأرضه . |
الساعة الآن 04:03 AM
|
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
---