رياحُ العلمِ ، يَتْبَعُها السَّخاءُ فلا صَيْفٌ يَضُرُّ ولا شِتَاءُ=يُرافِقُها السَّحَابُ و فِيْهِ غَيْثٌ لهُ في الأَرْضِ شَوْقٌ و احْتِفَاءُ
فلا رَعْدٌ يُزَمْجِرُ في غَيُومٍ ولا بَرْقٌ يُشَقُّ بهِ الفَضَاءُ=رِيَاحٌ للعِبَادِ مُبَشِّرَاتٌ وفيها مِنْ لواقِحِها عَطَاءُ
لها في كُلِّ ناحِيَةٍ نَشِيدٌ إذا الْتَقَتِ القَوَافِلُ والحُدَاءُ=و شَيَّدَ مَجْدَهُ التَّاريخُ صَرْحَاً لِتَغْلِبَ فيه والْأَزْدِ الْتِقَاءُ
تَآلَفَتْ القَبَائِلُ فيه حَتَّىٰ تَعَالىٰ من اُخُوَّتِها البِنَاءُ=هنا وادي الدَّواسِرِ ، عَينُ شِعْري تَرَاهُ و قدْ تَكَنَّفَهُ الإِخَاء
لِوَائِلَ فِيِه تَارِيخٌ يُنَادِي فَيَبْلُغُ سَمْعَ ( ذي قارَ ) النِّداءُ=و يَبْلُغُ سَمْعَ كِسْرَىٰ منه صَوْتٌ كأنَّ صَداهُ في القَصْرِ العُوَاءُ
و يُهْلِكُ جَيْشَ فَارِسَ فِي قِفَارٍ فَيَعْلُو في مَدَائِنِهَا البُكَاءُ=أَشَاوِسُ منْ بَنِي العُرْبِ اسْتَجَابُوا لِتَأدِيبِ البُغَاةِ بِمَا أساؤوا
دَعَاهُم هَانِيءٌ لِمَقَامِ صِدْقٍ وَفِي أَسْيَافِ ( شَيْبَانَ ) المَضَاءُ=وكانَ لِوَائِلٍ في الحرْبِ بَاعٌ ولَمْ يَخْذُلْ بَنِي ذُهَلٍ أَدَاءُ
تَحَالَفَتِ القَبَائِلُ في إِبَاءٍ فلمْ يَجْلِبْ سِوَىٰ النَّصْرِ الإِبَاءُ=كحالةِ أُمَّةِ الإِسْلامِ فِينَا لَوِ اجْتَمَعَتْ لَمَا انْتَشَرَ الوَبَاءُ
ولا لَعِبَتْ بِأَقْصَانَا يَهُودٌ ولا بالشَّامِ عاثَ الأَدْعِيَاءُ=ولا هَدَمَ البُيُوتَ بَنُو نُصَيْرٍ ولا سَالَتْ من الأَهْلِ الدِّمَاءُ
ولا أنَّ العِرَاقُ أنِينَ ثَكْلَىٰ ولا نَشَرَتْ أَذَاهَا الخُنْفُسَاءُ=ولا سَكَتتْ حَنَاجِرُنَا ، فَنَحَّىٰ مَكَانَ اَمَامِنا عَنَّا الوَرَاءُ
هُنَا وادِي الدَّواسِرِ ، لا تَسَلْنِي عنِ الأَزْدِ الكِرَامِ و كيفَ جَاؤوا=لهم في سَدِّ مَأْرِبَ ذِكْرَياتٌ رَواها للزَّمَانِ " مُزَيْقِيَاءُ "
هو المَلِكُ اللَّطيمُ ، لهُ ذَكَاءٌ و ما كُل المُلُوكِ لهم ذَكَاءُ=مَلِيْكٌ جرَّ أَثْوَابَ التَعالي وَ مَزَّقَهَا إِذَا حَلَّ المَسَاءُ
رَأَىٰ في النَّوْمِ أَنَّ السَّدَّ يَهْوِي و هَدْمُ السَّدِّ مَعْنَاهُ الفَنَاءُ=فَأسرىٰ قَاصِدَاً بالنَّاسِ بَيْتَاً بِمَكَّةَ فيهِ للسَّارِي نَجَاءُ
هُنَالِكَ نَالَ أَمْنَاً بعدَ خَوْفٍ و رَوَّىٰ الظَّامِئِينَ هُنَاكَ ماءُ=ولَمْ يَرْجع إلىٰ يَمَنٍ ، وَ أَنَّىٰ يَعُودُ لِيَابِسِ الجِذْعِ اللِّحَاءُ ؟!
تَفَرَّقَتِ الْقَبَائِلُ يا ابْنَ أَزْدٍ ففِي السَّرَواتِ مِنها مَنْ أَفَاؤوا=و أنْصَارُ النَّبِيِّ هُنَاكَ مِنْهَا لِخَزْرَجِهِمْ وَ أَوْسِهُمُ الْفِدَاءُ
وفِي البَلَدِ الحَرَامِ أَقَامَ مِنْهَا خُزَاعيٌ ، فَطَابَ لَهُ البَقَاءُ=وفي أرْضِ العِرَاقِ و فِي شَآمٍ مُلُوكُ الأَزْدِ لَيْسَ لها ازدراءُ
هنا وادي الدَّواسِرِ ، فِيهِ أَرْضٌ لها منْ نَخْلِ هِمَّتِها غِذَاءُ=رِيَاحٌ للمَكارِمِ ، في مَدَاها مَعِينٌ فيهِ للظَّامي ارْتِوَاءُ
وَحَسْبُكَ أنْ تَفَوحَ الأرْضُ عِطْراً و أَنْ تَهْمِي بِزُرْقَتِها السَّمَاءُ=هُنَا وادِي الدَّواسِرِ في بلادٍ يُوَحِّدُهَا لِخَالِقِها الوَلاءُ
لها منْ رَايَةِ التَّوْحِيدِ رَمْزٌ عَظِيْمٌ ، فِيهِ عِزٌ و ارْتِقَاءُ=و أعْظَمُ رِبْحِها تَطْبِيقُ شَرْعٍ تَدُومُ بِهِ السَّعَادَةُ و الهَنَاءُ
و بابُ شُمُوخِها صِدْقٌ وَ عَدْلٌ و إِنْصَافٌ يَقُومُ بِهِ القَضَاءُ=و كمْ قَوْمٍ عَنِ الإِنْصَافِ حادوا فما رَبِحُوا وبالحَسَراتِ بَاؤوا
هُنا وادي الدَّواسِرِ ، فِيهِ وَسْمٌ لِمَمْلَكَةٍ بَنَاها الأَقْوِيَاءُ=بَنَوْهَا بالعَقِيدَةِ ، لا بِوَهْمٍ يقُولُ بِهِ المُنَافِقُ ما يَشَاءُ
بَنَوْهَا بِالتَّآلُفِ والتَّآخي و وَحَّدَهَا الرِّجَالُ الأَوْفِيَاءُ=مَبَادىءُ ، لَمْ يَحِدْ عَنْها رِجَالٌ ولم تَجْهَلْ مَكَانَتَها نِسَاءُ
أقُولُ لِمَنْ تََعَلْمَنَ مِنْ بَنِيْها. فَأَصْبَحَ في ثَقَافَتِهِ الْتِوَاءُ :=تَأَمَّلْ رَايَةَ التَّوْحِيدِ و اعْلَمْ بِأَنَّ الْقَلْبَ يَكْسِرُهُ الجَفَاءُ
ولا تَغْفَلْ عنِ الأَمْوَاجِ و اعْلَمْ بِأَنَّ سَواقِطَ السَّيْلِ الغُثَاءُ=بلادُكَ قَلْعَةُ الإِسْلامِ ، عَنْها و عن قُرْآنِها يَحْكي حِرَاءُ
ستبْقَىٰ في شُمُوخٍ ، حينَ يَبْقَىٰ لها بالدِّينِ والتَّقْوَىٰ غَنَاءُ=هُنَا وَادِي الدَّواسِرِ ، في حُرُوفي لَهُ لَحْنٌ يُرَدِّدُهُ الوَفَاءُ
لِجَائِزَةِ التَّفَوُّقِ فيهِ مَعْنَىٰ لهُ في كُلِّ مَوْهِبَةٍ ضِيَاءُ=و للقُرْآنِ جَائِزَةٌ ، مَدَاها عَمِيقٌ ، لا يَخِيبُ بِهِ الرَّجَاءُ
مواهِبُ مَنْ رَعَاها نال أجْراً وَ أَسْعَدَهُ من النَّاسِ الدُّعَاءُ=فَشُكْراً ثمَّ شكراً آلَ صَقْرٍ عليكم من خَمَائِلِهِ رِدَاءُ